ليس من تصفهم إسرائيل بالمعادين هم من يتهمونها فقط بتنفيذ جريمة التطهير العرقي والإبادة الجماعية في غزة، بل توجد أصوات إسرائيلية تعترف بحقيقة تنفيذ دولة الاحتلال لجريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان في غزة.
آخر هذه الأصوات كان وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق موشيه يعلون الذي أقرّ بأنّ إسرائيل "تقوم بتطهير عرقي في شمال قطاع غزة، ولم يعد هناك بيت لاهيا أو بيت حانون"، مؤكّدًا في السياق ذاته أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل على تطهير جباليا في الوقت الحالي".
واعتبر يعلون في تصريحاتٍ خلال مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية أنّ "الطريق الذي يتم جر إسرائيل إليه حاليًا هو طريق احتلال وضم وتطهير عرقي بالنظر إلى ما يجري في شمال القطاع"، مضيفًا في رد على سؤال حول سياسة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة بشأن الضفة الغربية وغزة: "يتم جرنا الآن للاحتلال والضم والتطهير العرقي، انظروا إلى شمال القطاع والتهجير والاستيطان اليهودي، إنّ نتنياهو يقود إسرائيل نحو الخراب".
موشيه يعلون: إسرائيل تقوم بتطهير عرقي في شمال قطاع غزة، ولم يعد هناك بيت لاهيا أو بيت حانون
يشار إلى أنه وبعد مرور حوالي شهرين على العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة، لا يزال نحو 80 ألف فلسطيني محاصرين هناك، حيث تتضاءل فرص الحياة، لا سيما مع منع دخول إمدادات المياه والطعام إلى المحاصرين، الذين يتعرضون لإبادة جماعية وتطهير عرقي.
رايتس ووتش: عمليات الإخلاء الجماعي الإسرائيلية شمال غزة ترقى لجرائم حرب
مؤخّرًا سلّطت منظمة هيومن رايتس ووتش الضوء على عمليات التهجير والإخلاء القسري التي تقوم بها القوات الإسرائيلية في غزة، معتبرةً أن تلك العمليات "غير آمنة، بل إنها تعدّ وحشية وغير قانونية، وتمهّد لمزيد من الجرائم ضد المدنيين"، بحسب المنظمة الحقوقية.
وبحسب هيومن رايتس ووتش، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يأمر الفلسطينيين في شمال غزة بمغادرة أماكن تشمل "المدارس التي تحولت إلى ملاجئ"، ويقوم بـ"احتجاز الرجال، ثم حرق تلك الملاجئ أو مهاجمتها أو احتلالها عسكريًا". واتهمت المنظمة جيش الاحتلال بـ"قتل مدنيين، بينهم أطفال، داخل هذه الملاجئ خلال الأيام الأخيرة".
وأوضح تقرير هيومن رايتس ووتش أن الهجوم الإسرائيلي "المتجدد على شمال غزة يُهجّر مئات الآلاف من الفلسطينيين ويعرضهم للخطر".
ووثّقت المنظمة أوامر بالإخلاء الجماعي لشمال غزة، وجهها جيش الاحتلال منذ أوائل تشرين الأول/أكتوبر الماضي، طالب فيها المدنيين بالانتقال من شمال القطاع إلى الجنوب، وخصوصًا إلى منطقة المواصي المكتظة، التي "تفتقر إلى الغذاء والمأوى والمياه والصرف الصحي والرعاية الطبية". وأضاف التقرير أن المنطقة نفسها تعرضت للقصف الإسرائيلي عدة مرات، قائلًا إن "القوات الإسرائيلية في شمال قطاع غزة تصدر أوامر إخلاء بعد أن فعلت كل ما يضمن عدم وجود مكان آمن في القطاع".
عمليات الإخلاء ترقى إلى جرائم حرب:
ترى هيومن رايتس ووتش أن أوامر الإخلاء الجماعي التي يوجهها جيش الاحتلال للمدنيين في غزة قد ترقى إلى جرائم حرب. ومن هذا المنطلق، حثّت المنظمة المجتمع الدولي على التحرك لمنعها. وفي هذا الصدد، قالت مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، لمى فقيه، إن "إجبار الناس على الإجلاء مرة أخرى دون ضمان سلامتهم غير قانوني، والتهجير القسري المتعمد يُعدّ جريمة حرب"، مطالبةً بـ"رد أكثر جدية من المجتمع الدولي على هذه الجرائم الإسرائيلية".
وأوضحت هيومن رايتس ووتش أنها استندت في تقريرها إلى "العديد من الفيديوهات والصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية والتقارير الإعلامية وتقارير وكالات الأمم المتحدة، التي تُظهر أن المدنيين معرضون لخطر النزوح القسري الجماعي وغيره من الفظائع". وأشارت إلى "إطلاق النار على آخر أماكن اللجوء المتبقية في شمال غزة، بما في ذلك الملاجئ والمستشفيات".
يُشار إلى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أكّد، في أحدث معطيات نشرها، أن "أكثر من 60 ألف شخص نزحوا من شمال قطاع غزة خلال تشرين الأول/أكتوبر الماضي وحده، وخاصة من جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون".
تستخدم إسرائيل سياسة التجويع كسلاح حرب في شمال غزة
توثيق استخدام التجويع كسلاح حرب:
أكدت هيومن رايتس ووتش أن إسرائيل تستخدم سياسة "العقاب الجماعي والتجويع كسلاح حرب"، وهاتان السياستان تصنفان على أنهما "جريمتا حرب"، وفق المنظمة الحقوقية.
وأشارت المنظمة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواصل الحرب على غزة دون اكتراث بقرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورًا، أو بأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية، وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
يُشار إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت، مؤخرًا، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت، بسبب ارتكابهما جرائم حرب في قطاع غزة، تشمل الإشراف على هجمات ضد السكان المدنيين واستخدام سياسة التجويع.
وبحسب أحدث إحصائية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة 44 ألفًا و249 شهيدًا، و104 آلاف و746 مصابًا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، فضلًا عن آلاف المفقودين، والدمار الهائل الذي طال البنية التحتية، والمجاعة التي أودت بحياة عشرات الأطفال وكبار السن.