13-يناير-2017

​تشيهارو شيوتا/ اليابان

جريغ كوزما (1944) شاعر وكاتب ومحرّر أمريكيّ، له أكثر من ثلاثين كتابًا في الشعر والنثر، وقد نشرت أشعاره في أهمّ الصحف والمجّلات العالميّة الصادرة باللغة الإنجليزيّة، كما ترجمت أشعاره إلى العديد من اللغات. يرّكز كثيرًا في قصائده النثريّة الطويلة على موضوع الذاكرة الشخصيّة وسبرها. وفيما يلي ثلاث قصائد للشاعر تظهر لأوّل مرّة باللغة العربيّة. 


قصيدة

أقصد الدولاب لأختار ربطة عنق 
أقول لنفسي ما الذي قد يحدث. 
لا أريد سوى ربطة عنق. 
ولكن ليس ثمة ربطة تعجبني بما يكفي 
لأختارها. 
من كان ليتوقّع حدوث ذلك؟ 
أمّي، وهي تضحك مع نفسها. 

أنظرُ إلى يدي عند طرف ذراعي
هي هناك غير أنّها لن تتحرّك. 
ليس لديّ ما أفعله ولكنّها ستظلّ هكذا
لا تتحرك. 
من كان له أن يتوقّع أنّ يدًا كهذه 
ستجعلني أكتئب. 
ما الذي أرجوه من مجرّد يد. 
أن تكون رقيقة مثل يد أمّي. 
أن تكون صلبة مثل يد أبي. 
أن تكون أكبر مثل يد ابني. 
أن تخلع قلوب الأغراب من مكانها. 
أمي، كان لها أن تتوقّع ذلك. 

وهكذا تكون قد عرفتَ أمرين اثنين
عن أمّي حتى الآن؛ 
أن ليس هناك من يضحك معها، 
وأنْ لا شيء قادر على مفاجئتها.

 

درس البيانو 

كان رجل يعلّم ابنه عزف البيانو. يقول الأب لابنه إنّ البيانو يحبّ أن يُلمس. وعلى الطاولة قربهما طبق فاكهة تقوم الأم برسمه في أوّل محاولة لها في درس الفنّ. عند منتصف الحصّة يتناول الأب موزة ويمسك الابن بحبة برتقال. صارت مفاتيح البيانو دبقة بسبب اتساخ أيديهما. عليهما أن يتوقّفا عن التصرّف بحماقة وأن يمسحا هذه المفاتيح بمنديل مبلول. لهذا البيانو تاريخ طويل في العائلة، ينظر الأب إليه بطريقة غريبة. لم يتمكّن أبدًا من فهم سحره عليه. لكن ابنه لا يبدو مهتمًّا به أبدًا. بعد مضيّ خمس دقائق أخرى نهضا وخرجا إلى الحديقة. ندم الأب كثيرًا على الفاكهة التي أكلاها.

 

أحلام

الكلّ موتى، وكانوا موتى 
لوقت طويل، ونحن لسنا سوى 
كلماتِهم نحاول أن نعثر على مكانٍ لنختبئ. 
كلّا، نحن الجلد الذي ارتداه البحر مرّة ولكنّه 
ضاق به، ما زال عليه بعض أجزائه الممزّقة. كلّا، نحن
البقايا التي ظلّت من شمعة أحلام ذابت وتلاشت. 
جميلة هي الأحلام، جميلة. دعني أخبرك عن أمرها.
الأحلام كثيرة في عائلتي. مكلفة هي الأحلام 
وثمّة أحلام قد نفضّل نسيانها. 
كّلا، إنّنا الألسنة التي قرّرت أن تخوض 
الحربَ ضدّ الصمت، مع أنّنا نعرف أنّ 
للصمت الكلمة الماضية. أمّا سلاحنا الأمضى،
فقد كان المجاز، ولكن حتّى ذا المجاز تهشّم. 
كلّا، نحن عودة المريض من العلاج، والعالم 
بأسره الآن صار سريرنا. (في الخارج حين نكون فرادى
على العشب نكون تلك الدودة التي يأتي عصفور 
الفجر ليلتقطها. وحيدين في الغرفة نسمع الملابس 
تتحدث مع بعضها. ونسمع اسمنا، يا للصدمة). كلّا، 
إننا الظلال التي يلقيها الأمس على المستقبل، وعلى 
أقداره العظيمة. لا شيء سيتحقق أمام كل هذا الرهان
 الكبير-ليس ثمّة سوى الخسارة. كلّا، إننا الحظّ الذي 
احتفظت به أرواحنا في إحدى الليالي من لعبة ورق. 
كلّا، إننا عظام مربوطة حول رقبة كلب تحت الأرض
- بين فترة وأخرى يحاول أن يخرجنا من هناك. حين تشرق
الشمس على جلدنا البارد، يكون ذلك يومنا. كلّا، نحن
الحطام المنثور الذي خلّفه نهر الليل وراءه بعدما جفّ. 
وأنا تلفاز قديم وأنت الكنبة التي تفوح منها رائحة
السمك. كلّا، إنّنا في قاعة كبيرة فارغة. 
في أحد الأيام سيكون ثمة عرض ما هنا. 
هنالك الكثير من المقاعد للناس. 
ونحن آلات موسيقيّة، ولدينا 
ما يزال، إمكانٌ كبيرٌ للجَمال. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

لا تصدق... أن كل هذه الدمامل جذور

سماءٌ من الإلكترونِ زرقاءُ