13-يونيو-2018

يسبق التطبيع السعودي والإماراتي ترتيبات صفقة القرن (Getty)

تتالت الأخبار والتقارير في الأسبوع الفائت، التي كشفت دلائل إضافية على تطور العلاقات الدبلوماسية بين دول عربية وإسرائيل، خاصة الإمارات والسعودية، ويجيء ذلك بالتزامن مع خطوة جديدة تقوم بها الإدارة الأمريكية من أجل ما تسميه صفقة القرن، أي مشروع السلام الذي يعده مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، جاريد كوشنر، والذي ترفضه السلطة الفلسطينية، وتقول إن بنوده، غير المعروفة بعد، منحازة لليمين الإسرائيلي ومشروعه الاستيطاني.

ستتضمن زيارة كوشنر مناقشات حول صفقة القرن والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، من دون اللقاء بمسؤولين فلسطينيين

سجاد التطبيع الأحمر يُفرش لصفقة ترامب

وتبدأ الأسبوع المقبل، مباحثات جديدة يقوم بها جاريد كوشنر، بشأن صفقة القرن، وسيزور الأخير برفقة مبعوث ترامب للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، إسرائيل ومصر والسعودية وربما الإمارات ودول عربية أخرى، في زيارة تتلو تلك التي أقامها في موعد نقل السفارة إلى القدس.

وحسب صحيفة هآرتس والقناة الإسرائيلية العاشرة، فإن جولة المسؤولين الأمريكيين، ستتضمن مناقشات حول صفقة القرن، والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، من دون أن يلتقيا بمسؤولين فلسطينيين.

وقبل أيام، استدعت الإدارة الأمريكية سفيرها لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، لإجراء مفاوضات عاجلة في البيت الأبيض حول خطة السلام القادمة في الشرق الأوسط، حسب صحيفة "يسرائيل هيوم"، فيما بدا أنه تحضير لجولة كوشنر.

اقرأ/ي أيضًا: ابن سلمان في ضيافة "أيباك".. طواف صهيوني حول "صفقة القرن"

وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن ديفيد فريدمان سيلتقي مع مسؤولين في وزارة الخارجية والبيت الأبيض للمساعدة في إعداد مقترح ترامب للسلام، الذي لا ينفك يثير جدلًا واسعًا في الفترة الأخيرة.

واضطر السفير الأمريكي إلى إلغاء حضوره في المنتدى العالمي اليهودي الأمريكي في القدس يوم الأحد، بعد استدعائه إلى الولايات المتحدة، وهو ما قد يشير إلى حساسية جولة كوشنر وغرينبلات القادمة.

وكما كشفت تقارير عدة في الأسبوع الفائت، فإن هذه الجولة تجيء بالتزامن مع حملة من توطيد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والإمارات وتل أبيب، والتي أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، نفسه أنها غير مسبوقة. ويدرك نتنياهو، أن هذه العلاقات المتزايدة، تعزز فرصة تمرير صفقة ترامب، التي قد تتضمن إلغاءً للحقوق الفلسطينية الثابتة، مثل حق العودة، ومنح القدس كاملة لإسرائيل. وقد قال في مقابلة مع تلفزيون الـ"بي بي سي"، إن إسرائيل تنتهج سياسة "التطبيع السري" مع الدول العربية، وهو ما سيؤول حسب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى إحداث صفقة سلام.

وفي حديثه لبرنامج "نيوز نايت" خلال زيارة إلى لندن، قال نتنياهو إنه يعتقد أن التعاون الوثيق مع الدول العربية هو "طريق إلى تحقيق السلام"، وأقر أن العلاقات مع العالم العربي لم تكن أفضل في أي وقت مضى. وتابع: "إنني أتعمد اتباع سياسة التعاون هذه مع العالم العربي، ليس فقط لأنها جيدة من حيث نجاعتها، ولكن أيضًا لأنني أعتقد أنها طريق للسلام". وادعى نتنياهو إن هذا التقارب يتحقق بسبب التهديد المشترك الذي تشكله إيران، وأيضًا لأن هذه الدول تريد الاستفادة من التكنولوجيا والتطور الإسرائيلي.

صفقة القرن والاتفاق النووي.. تبادل مصالح

ويوم الإثنين الماضي، نشر آدم إنتوس من مجلة النيويوركر الأمريكية تقريرًا موسعًا، كشف فيه عن تواصل وثيق بين تل أبيب من جهة، والرياض وأبوظبي من جهة أخرى، أساسه تبادل المصالح فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني وصفقة القرن. ويوضح إنتوس، بعد أن يقدم تاريخًا موجزًا للعلاقات الوثيقة في السنوات الأخيرة بين الدولتين الخليجيتين وإسرائيل، أن قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، جاء في نفس الفترة التي أعلن فيها عن نقل السفارة إلى القدس، والاعتراف بالمدينة كعاصمة أبدية لإسرائيل، وهو ما بدا وكأنه نوع من تبادل المصالح على حساب الفلسطينيين، وستكون إدارة نتنياهو بالتأكيد الرابح الأكبر، لأنها تريد تحقيق كل المكاسب الممكنة من خلال صفقة القرن، وتريد في نفس الوقت تفكيك الاتفاق النووي.

تتبادل السعودية والإمارات المصالح مع البيت الأبيض، إذ تم تمرير صفقة القرن مقابل الانسحاب من الاتفاق النووي

وحسب صحيفة النيويوركر"، فإن الإمارات والسعودية تحديدًا، تلعبان دورًا حاسمًا في ملف صفقة القرن في هذه الفترة، من خلال علاقاتهما الجديدة والمتطورة مع إسرائيل، ونتيجة صعود ولي العهد الجديد، محمد بن سلمان، إلى السلطة، وتعامله "غير الأيدولوجي" مع إسرائيل.

ويبدو أن رفض السلطة الفلسطينية للصفقة، بالإضافة إلى قطعها للعلاقات الرسمية مع البيت الأبيض، الذي تجسد في غياب لأي لقاء مع فلسطينيين خلال زيارة كونشر، يساهم في تقديم السعودية والإمارات لنفسهما كبديل عن الفلسطينيين، أكثر توافقا مع توجهات إدارتي ترامب ونتنياهو، وهو ما يفسر الزيارات المتتالية لكوشنر،عراب صفقة القرن، للسعودية، والعلاقات الوثيقة التي تجمعه مع السلطات هناك. 

وفيما يتعلق بتاريخ العلاقة بين الإمارات وإسرائيل، بين التقرير أن الاستخبارات الأمريكية، علمت بخصوص مكالمات هاتفية بين كبار المسؤولين في الإمارات ومسؤولين إسرائيليين، في فترة الرئيس السابق، باراك أوباما، بما في ذلك اتصال بين زعيم إماراتي رفيع ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.

وأضاف أن هيلاري كلينتون، التي كانت وزيرة خارجية في إدارة أوباما، علمت أن الإمارات والسعودية عملتا معًا خلف الكواليس مع الموساد لمواجهة التأثير الإيراني.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية ومسلسل التطبيع.. متى سيرفرف العلم الإسرائيلي في الرياض؟

ويكشف التقرير أن الاستخبارات الأمريكية، في عهد أوباما، حصلت على معلومات بخصوص لقاء بين كبار قادة الإمارات وإسرائيل في قبرص. ويبدو أن المسؤولين الأمريكيين اشتبهوا في أن نتنياهو نفسه حضر الاجتماع الذي ركز على آليات مواجهة الاتفاق النووي مع إيران. ومع ذلك، لم يتم إبلاغ إدارة أوباما بالاجتماع، ولا يزال الجانبان ينكران حدوثه في أي وقت.

ووفقًا لتقرير سابق لوكالة أسوشيتد برس، فقد التقى نتنياهو بسفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، خلال زيارته للعاصمة الأمريكية قبل شهرين.

وذكر التقرير أنه خلال زيارة نتنياهو لواشنطن، تناول الأخير العشاء في مطعم حيث كان العتيبة حاضرًا، وكان على علم بوجود نتنياهو ودعاه هو وزوجته سارة، للانضمام إلى طاولته، وقد انضم نتنياهو بالفعل إلى طاولة السفير، وأجاب عن بعض الأسئلة السياسية وصافح العتيبة قبل مغادرته.

حصلت الاستخبارات الأمريكية على معلومات بخصوص لقاء بين كبار قادة الإمارات وإسرائيل في قبرص

وعلى الرغم من أن البلدين ليس لهما علاقات دبلوماسية علنية، إلا أنهما يتبنيان وجهات نظر متوافقة، خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، كما بشأن صفقة القرن.

وفي تموز/يوليو 2017، كشفت صحيفة هآرتس أن نتنياهو التقى سرًا مع يوسف العتيبة ووزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، في غرفة فندق رئيس الوزراء الإسرائيلي في نيويورك في عام 2012.

يتصدر العداء لإيران مشهد التطبيع السعودي والإماراتي مع إسرائيل، لكن هناك ملفات أخرى بالتأكيد، مرتبطة بهذا المشهد، من بينها صفقة القرن، ولذلك فإن التعاون بين ما يسمى "الدول السنية المعتدلة" وتل أبيب، لم يبد تعاونًا مؤقتًا، أو قائمًا على مصلحة مشتركة بخصوص الملف الإيراني فقط، ولكنه بدا تحالفًا أوسع، وقائمًا على تغيير السردية العربية جميعها تجاه القضية الفلسطينية، مع اعتراف بالرواية الإسرائيلية الكاملة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أبرز 5 شخصيات في مسلسل التّطبيع السّعودي والإماراتي مع إسرائيل

فضيحة محمد بن سلمان الجديدة.. الملك المنتظر زار تل أبيب سرًا