22-يناير-2017

الرئيس الجامبي السابق يحيى جامع وهو يودع أنصاره قبل استقلاله للطائرة ليغادر جامبيا (أ ف ب-Getty)

أعلن يوم السبت رئيس جامبيا المنتهية ولايته، يحيى جامع، أنه سيتنحى عن السلطة، مصرحًا للتلفزيون الرسمي: "قررت اليوم بما يمليه علي ضميري، أن أترك قيادة هذه الأمة العظيمة". جاء هذا الإعلان تتويجًا لجهود الوساطة التي قادها كلٌ من كل من الرئيسين الغيني ألفا كوندي والموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وبعد تعليق الحملة العسكرية لدول غرب أفريقيا داخل الأراضي الجامبية انتظارًا لنتائج الوساطة، فيما لم تنشر بعد تفاصيل عن شروط التنحي.

أعلن رئيس جامبيا المنتهية ولايته، يحيى جامع، أنه سيتنحى عن السلطة، بعد جهود وساطة دولية جاءت لتعليق حملة عسكرية كانت ستشن لإزاحته

نبذة عن جامبيا

تقع جامبيا على الساحل الغربي للقارة الأفريقية، وتعد أصغر دولة في البر الرئيسي لقارة أفريقيا. تحيط السنغال بجامبيا من الشمال والشرق والجنوب، ويخترقها نهر جامبيا الذي يصب في المحيط الأطلسي والذي يحد البلاد من الغرب. تبلغ مساحة جامبيا 10,689 كيلومترًا مربعًا، ويبلغ عدد سكانها 1,882,000 نسمة، بينما يقدر ناتجها القومي بـ 3,387 مليار دولار. يعتمد اقتصاد جامبيا على الزراعة والصيد والسياحة، حيث تعد شواطئها مقصدًا للسياح من دولٍ عديدة.

استقلت جامبيا عن المملكة المتحدة في شباط/فبراير من عام 1965، وأُعلنت فيها الجمهورية في نيسان/أبريل 1970. منذ ذلك الحين لم تشهد جامبيا سوى حاكمين، كان أولهما هو داودا جاوارا، والذي كان رئيسًا للوزراء بين عامي 1962 و1970 ورئيسًا بين عامي 1970 حتى تمت الإطاحة به عام 1994 في انقلابٍ عسكري يقوده يحيى جامع، والذي كان حينذاك ضابطًا صغيرًا برتبة ملازم.

اقرأ/ي أيضًا: غامبيا..دكتاتورية مخيفة لرئيس يحكم بالخرافة

دكتاتورٌ غريب الأطوار

كان جامع يبلغ من العمر 29 عامًا فقط عندما قاد الانقلاب ضد جاوارا، حيث أعلن مجلس الحكم المؤقت للقوات المسلحة الذي كان يرأسه عملية انتقالية لعودة الحكم المدني. في أواخر عام 2001 وأوائل 2002 أكملت جامبيا دورة كاملة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية، اعتبرها المراقبون حرة ونزيهة رغم بعض القصور الذي شابها. أسس جامع عام 1996 حزب التحالف من أجل التوجيه الوطني والبناء، والذي حافظ على أغلبيةٍ قوية في البرلمان خاصةً بعد أن أعلن حزب المعارضة الرئيسي مقاطعته للانتخابات آنذاك.

كان جامع يبلغ من العمر 29 عامًا فقط عندما قاد الانقلاب وأعلن مجلس الحكم المؤقت للقوات المسلحة عملية انتقالية لعودة الحكم المدني

في كانون الثاني/يناير 2007 ادعى جامع قدرته على علاج الإيدز والربو عبر الأعشاب الطبيعية، وهو ما لاقى انتقاداتٍ واسعة بسبب ترويج علاجٍ غير علمي مما قد يقود إلى نتائج خطيرة من بينها إصابة آخرين من قِبل هؤلاء الذين اعتقدوا شفاءهم من المرض. في كانون الأول/ديسمبر 2011 أكد جامع خلال مقابلة على أن العلاج المزعوم لمرض الإيدز "يسير على أفضل حال".

في 2011 صرح جامع لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي إنه "سيحكم جامبيا لمليار عام، إذا شاء الله".

في كانون الأول/ديسمبر 2015 أعلن جامع جامبيا جمهوريةً إسلامية، قائلًا إن تلك الخطوة تشكل قطعًا مع ماضي البلاد الاستعماري، قائلًا : "جامبيا في يدي الله، وابتداء من اليوم فإنها دولة إسلامية، وسنكون دولة إسلامية تحترم حقوق المواطنين".

اقرأ/ي أيضًا: كيف كانت ردود الأفعال حول خطاب تنصيب ترامب؟

خسارة الانتخابات

لكن المفاجأة الكبرى أتت يوم الجمعة الثاني من كانون الأول/ديسمبر عندما أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات الغامبية خسارة الرئيس جامع وفوز مرشح المعارضة آداما بارو بأغلبية أصوات الناخبين، لتنتهي رسميًا فترة حكم الرئيس جامع للبلاد التي استمرت ما يربو عن 22 عامًا.

في الثالث من كانون الأول/ديسمبر اعترف جامع بهزيمته وهنأ خصمه متمنيًا له النجاح. وقال جامع في تصريحات بثت مباشرة على التلفزيون، بينما كان جالسًا أمام مكتبه، إن "الجامبيين قرروا أن أنسحب وصوتوا لشخص لقيادة البلاد، أتمنى لكم الأفضل"، كما اتصل بخصمه وهنأه مؤكدًا أن هذه الانتخابات "كانت الأكثر شفافية في العالم"، وسط إشادةٍ دولية بموقفه من قِبل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والعديد من الدول.

في الخامس من كانون الأول/ديسمبر أفرجت المحكمة العليا عن أعضاءٍ من المعارضة كانوا قيد الاحتجاز، وفي السابع من ديسمبر قبلت اللجنة الانتخابية بأن بعض نتائجها الأولية احتوت بعض الأخطاء، لكنها قالت إنها لم تؤثر في النتيجة النهائية للانتخابات.

في مفاجأة أخرى، وفي التاسع من كانون الأول/ديسمبر، أعلن جامع في خطابٍ متلفز إلغاء نتيجة الانتخابات وأمر بإجراء إعادةٍ لها، ملقيًا اللوم على أخطاءٍ شابت عملية جمع النتائج، لترد المعارضة بأنه ليس لديه سلطة لإلغاء نتيجة الانتخابات.

تدخلٌ إقليمي

لكن تراجع جامع عن الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات، جعل العالم ينقلب عليه لدرجة الاستعداد للإطاحة به عسكريًا، ففي العاشر من كانون الأول/ديسمبر أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رفض الرئيس المنتهية ولايته لنتائج الانتخابات، داعيًا إياه بالاشتراك مع مجلس الأمن إلى القيام بانتقالٍ سلمي ومنظم للسلطة، كما أعلنت السنغال، الدولة الوحيدة التي تشترك في حدودٍ برية مع جامبيا، عن خيبة أملها إزاء جامع، داعيةً إلى التدخل الدبلوماسي، بينما رفضت السلطات هبوط طائرة رئيس منظمة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في مطار بانجول العاصمة.

في الثالث عشر من كانون الأول/ديسمبر سافر وفدٌ من منظمة الإيكواس إلى بانجول للوساطة، حيث التقى بكلٍ من جامع وبارو. في ذات اليوم قدم حزب جامع التماسًا لدى المحكمة العليا، واقتحم مسؤولو الأمن مقر لجنة الانتخابات آمرين جميع العاملين بها بالعودة إلى منازلهم، ما تسبب في إدانةٍ دولية.

في السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر أعلنت دول الإيكواس في اجتماعٍ لها بالعاصمة النيجرية أبوجا تمسكها بنتائج الانتخابات، ومنحت بارو الحماية، والذي فر في وقتٍ لاحق إلى السنغال المجاورة، التي أدى فيها اليمين الرئاسي في سفارة بلاده بالعاصمة السنغالية داكار.

فيما بعد احتشدت قواتٌ من دول الإيكواس تقودها السنغال على الحدود الفاصلة بين البلدين خلال الأسبوع الماضي، مهددةً بالتدخل العسكري وإزاحة جامع من السلطة بالقوة إذا رفض التخلي عن السلطة.

في التاسع عشر من كانون الثاني/يناير أعلن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة دعمه لدول غرب أفريقيا في سعيها إلى "ضمان احترام إرادة الشعب الجامبي، بكل الوسائل السياسية في البداية"، بينما كان قائد الجيش الجامبي قد أعلن في وقتٍ سابق أن قواته لن تحارب القوات الإقليمية إذا تدخلت للإطاحة بجامع من السلطة.

في العشرين من كانون الثاني/يناير بدأت عملية التدخل العسكري في جامبيا، عقب انتهاء المهلة الممنوحة لجامع للتنحي في الساعة الرابعة مساءً بالتوقيت المحلي، ليتم تعليقها لاحقًا لمنح فرصة لجهود الوساطة التي يقودها كلٌ من الرئيسين الغيني ألفا كوندي والموريتاني محمد ولد عبد العزيز، والتي أسفرت يوم السبت عن إعلان جامع استعداده للتنحي وتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب.

اقرأ//ي أيضًا: