04-أغسطس-2017

يمثل الحصول على الجنسية الفرنسية أمانًا للاجئين السوريين في فرنسا (إيريك مابانيس/أ.ف.ب)

قد تكون إحدى جوانب تعريف انتماء الشخص إلى مكان ما إحساسه بالأمان والاستقرار، ومن ثم الفاعلية والتأثير فيه. قادنا للتفكير بأمر "الانتماء" هذا ومحاكمة معاييره، فيديو كانت قد نشرته صحيفة لو فيغارو الفرنسية نهاية الشهر الفائت، والذي يعرض مراسم حصول مجموعة من المهاجرين في فرنسا، من ضمنهم عائلة سورية، على الجنسية الفرنسية. الفيديو أثار الكثير من اللغط والتساؤلات، حيث علّق عليه الفرنسيون وناقشه السوريون أيضًا.

ولمحاولة فهم أسباب تلك التساؤلات وما جرّته من انتقادات، يجب الوقوف عند الطريقة الاستعراضية التي جرت بها تلك المراسم، بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارته لإحدى مراكز استقبال المهاجرين، والتي أثارت انتقادات.

اختلفت الآراء حول فيديو يقدم مراسم منح الجنسية لمجموعة من المهاجرين في فرنسا وحول حق اللاجئين في الحصول عليها

تعددت التعليقات والردود على الصفحة الرسمية للصحيفة حول الفيديو، حيث انبرى كُثر من الفرنسيين لقول كلمة Bravo/ برافو لماكرون، معتبرين أن "منح الجنسية لبعض اللاجئين طريقة جيدة لإنقاذ وضعهم، وتقديم المساعدة لهم بعد سنوات من التخبط"، بينما سخر آخرون من الطريقة التي تم بها الأمر وأثيرت عديد الأسئلة.

اقرأ/ي أيضًا:  "أكثر من لاجئ".. حملة في مواجهة التطرف

من ضمن التعليقات والردود التي جاءت معقبة على الفيديو، تساءل أحدهم: "لماذا التجنيس، وهل سيعود اللاجئ إلى بلده إذا انتهت الحرب؟" أسئلة قد تستحق وقتًا للإجابة عليها، ولا يسع هذه السطور تقديم إجابات واضحة حول اللاجئ السوري وأمر عودته، والمتعلق بشكل كبير بالوضع السوري الذي لم ير له العالم بعد أي حل قريب لكنه غير مستحيل.

تعليقات حول فيديو لوفيغارو الفرنسية

البعض الآخر عبروا عن استيائهم من قيام الرئيس الفرنسي بهذه الخطوة، وعللوا غضبهم بسوء الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في فرنسا. فرأى بعضهم أنه كان عليه الاهتمام بالأوضاع الداخلية للبلاد، وإعطاؤها أهمية أكبر، وتوفير الاهتمام للفقراء والموظفين الصغار وأنهم أولى بالأموال التي ستنفق على المهاجرين، بينما رأى آخرون أن عائلات مهاجرة أخرى يجب أن تحصل على الجنسية الفرنسية، وهي التي قضت سنوات عدة في البلاد ولم يتم تمكينها من الجنسية بعد.

من جهة أخرى طُرح هذا الموضوع للنقاش، في إحدى صفحات فيسبوك، التي تعنى بشؤون السوريون من الواصلين حديثًا إلى فرنسا تدعى "منتدى السوريين في فرنسا"، فتبادل أعضاء المنتدى الأراء محاولين الإجابة عن سؤال "لماذا قد يريد اللاجئ السوري الجنسية الفرنسية؟".

استاء بعض الفرنسيين من خطوة الرئيس الفرنسي بتعلة الأوضاع الداخلية للبلاد

اعتبر البعض أن سؤالًا مثل هذا لا يجب أن يطرح الآن، لأن الوقت لا يزال مبكرًا وفي انتظار أي حلّ يكون إيجابيًا على الأرض السورية قد يدفع الهارب منها إلى دراسة خياراته من جديد، وآخرون كانوا أكثر براغمانية، فاعتبروا أن حقهم في الحصول على الجنسية الفرنسية سيكون بمثابة ورقة رسمية تقيهم من التشرد بعد انتهاء مدة الإقامة التي حصلوا عليها كلاجئين على الأرض الفرنسية. واختلطت الأوراق والآراء حول العديد من المعايير التي قد تدفع السوري للتقدم بطلب للحصول على الجنسية الفرنسية.

ولكن وفي جميع الأحوال، وبعيدًا عن كل ما دار على شبكات التواصل الاجتماعي ربما كانت المراسم الرئاسية والتغطية الإعلامية في فرنسا لمراسم منح الجنسية سببًا في الجدل الحاصل، لأن السوري اليوم وفي ظل انسداد الأفق أمام أي تغيير حقيقي على أرضه، هو قاب قوسين أو أدنى من طلب جنسية البلد المستضيف في حال استوفى شروطها، ويبدو ذلك بديهيًا ولا يفرض هذا الجدل.

أمّا بالنسبة للحصول على الجنسية الفرنسية، يذكر أن عدد الواصلين إلى فرنسا كل عام منذ عام 2000 يتراوح بين 160 إلى 186 ألفًا، وتمنح فرنسا الجنسية لعدد يقارب 150 ألفًا كل عام من المتقدمين لطلبها. هذا وقد سهلت فرنسا شروط الحصول على الجنسية منذ عام 2012. وبالتالي لم تعد أمرًا "صعبًا" أو حظوة خاصة بينما قد تطرح فعلًا تساؤلات في الاستعراضية التي قدم بها ماكرون مراسم منح الجنسية وخلفياتها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مناكفة جديدة بين المغرب والجزائر.. اللاجئون السوريون هم الضحية

حي العرب البرليني... وجهة الباحثين عن سوريا