03-يونيو-2017

تلاميذ متفوقون في المغرب (عمر الأزمي/ الترا صوت)

يُعدّ الامتحان الموحّد، من أكثر الامتحانات أهمّية في المنظومة التّربوية المغربية، ويُجرى آخر السّنة الثّالثة المفضية إلى شهادة السّلك الثانوي (البكالوريا/ الثانوية العامة). ويشمل مواد الرّياضيات والتربية الإسلامية والفرنسية والعربية وعلوم الأرض والحياة والاجتماعيات والفيزياء. ويُؤهل الحصولُ على معدّل يفوق الـ10 من 20 التلميذَ إلى أن يختار إمّا التخصّص العلمي أو التّقني أو الفقهي أو الأدبي.

صُدم المغاربة بعد انتحار تلميذ مغربي بعد أن ضبطه مدير المدرسة متلبسًا بالغش وعادت التساؤلات حول واقع التعليم المغربي

هذه الأهمّية التي يحظى بها هذا الامتحان، خلقت ما يشبه حالةً من الرّعب في أوساط التلاميذ، وكرّست ظواهر طرحها المربّون المغاربة للنّقاش أكثر من مرّة، منها ارتفاع نسبة التغيّب يوم الامتحان، الذي يأتي عادة في شهر حزيران/ يونيو، واستفحال النزوع نحو الغشّ، خاصّة بعد انتشار الهواتف النقّالة.

اقرأ/ي أيضًا: بكالوريا المغرب.. اعتقالات وإغماءات وتسريبات أيضًا

في السّياق، أقدم تلميذ يبلغ من العمر 18 عامًا، في ضواحي مدينة الدّار البيضاء، أمس الجمعة، على وضع حدّ لحياته، برمي نفسه من سطح البيت، في غفلة تامّة من أسرته، التي ظنّت أنّ عودته كانت نتيجة طبيعية لانتهائه من الامتحان. غير أنّ العودة جاءت بعد أن ضبطه مدير المدرسة متلبّسًا باستعمال هاتفه الذّكي في الغش.

تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي الخبر، والفيديو الذي ظهر فيه التلميذ ممدّدًا على الأرض وملفوفًا بغطاء، معيدًا إلى الأذهان الصّدمة التي تسبّب فيها انتحار تلميذ مغربي، بسبب عجزه عن شراء الأدوات المدرسية، نهاية شهر أيلول/ سبتمبر من عام 2016. وتضاربت الآراء بخصوص الحادثة، بين متعاطف مع التلميذ الرّاحل، مثلما ذهبت إليه إلهام زهدي بقولها: "ماذا عن الغشّاشين الكبار والحقيقيين الذين يعيثون في الأرض فسادًا من غير رقيب؟"، ومتحفظ من ذلك، حيث علّق عبد اللطيف رقيشي بالقول: "لا تعاطف مع الغش في المدرسة لأنّها أساس كلّ بناء".

ويرى الباحث أشرف الحساني أنه ينبغي مراعاة هشاشة الحالة النّفسية، التي تتميّز بها هذه المرحلة العمرية، إذ من السّهل بالنسبة للمراهق أن يجعل الانتحار في مقدّمة خيارات هروبه من الواقع الصّعب أو التحدّيات المخيفة، مثل الامتحانات المفصلية. "وعلى المنظومات المختلفة، خاصّة المنظومة الأسرية، أن ترفع الضّغط عن التلاميذ، بتحويل تقديسها، من النجاح في الامتحانات، إلى تقديس العلم والمثابرة في حدّ ذاتهما".

من جهته، يقول الكاتب والمربّي عمر الأزمي لـ"الترا صوت" إنّه يعتقد أنّ السّياسة الصّارمة نسبيًا التي تنتهجها وزارة التربية بالمغرب، لمحاصرة ظواهر الغشّ لها مجموعة من المسوّغات المرتبطة بفلسفة التدريس المغربية، التي تضع القيم والتحلّي بها في عمق المنهاج التدريسي وغائيته. يضيف: "يمكن لمس ذلك في الأدبيات البيداغوجية التي تؤطّر الفعل التدريسي بالمغرب. وهذا معطى إيجابيًا. كذلك يجب ألا نغفل الظرفية الحسّاسة التي يمرّ بها القطاع التّربوي في المغرب، بأن صار محطّ أعين المراقبين الدوليين، بعد التصنيفات الدولية لجهات مختصّة وضعت المغرب في مراكز متدنية للغاية من حيث جودة التعليم، فصارت شفافية الامتحانات ومصداقية الشهادات العلمية المحصل عليها، على المحك هي الأخرى".

ولكن أعتقد، يقول محدّث "الترا صوت"، أنّ مواجهة ظاهرة الغشّ، لا يجب أن تقتصر على حملات موسمية مرتبطة بفترة الامتحانات. وإنما أن تكون جزءًا من استراتيجية متكاملة تروم تجويد المناهج وأساليب التقويم، ووسائل تحسيس أكثر قربًا من فئة التلاميذ، من قبيل التّثقيف بالنظير، والمتابعة النّفسية والتّربوية  المستمرّة.

اقرأ/ي أيضًا:

الامتحانات الثانوية اللبنانية: الغش هو الحل!

ذكريات الدراسة السيئة.. في البال