06-يوليو-2017

ميشال بوجناح في أحد عروضه بفرنسا سنة 2006 (ستيفان دي ساكوتان/ أ.ف.ب)

لا يزال العرض المنتظر ضمن الدورة الجديدة لمهرجان قرطاج الدولي، للكوميدي الفرنسي التونسي ميشال بوجناح، المناصر للكيان الصهيوني، يثير الجدل بين التونسيين. من مواقع التواصل الاجتماعي، بدأ النقاش، ليتلقفه رجال الثقافة والحقوقيون في مرحلة أولى، ثم بعض السياسيين وأحزابهم لاحقًا، لكنه لم يقف عند هذا الحد. فقد مثل بيان الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات العمالية في تونس، حول العرض تطورًا لافتًا في مسار الأحداث.

اقرأ/ي أيضًا: ميشال بوجناح.. صهيوني على عتبات مهرجان قرطاج واستنكار متصاعد

 

 

دعا اتحاد الشغل في تونس إلى إلغاء عرض ميشال بوجناح لمواقفه الصهيونية، مما صعّد دعوات إلى حرمانه من نوبل للسلام

اتحاد الشغل يصعّد ومطالب بسحب نوبل منه

البيان صدر عن المكتب التنفيذي للمنظمة، بإمضاء أمينها العام نور الدين الطبوبي، يوم 4 تموز/ يوليو الجاري وجاء فيه أن الاتحاد "يدعو إلى إلغاء عرض الكوميدي ميشال بوجناح على مسرح قرطاج وفي كل المسارح"، مبررًا ذلك بـ"مواقفه الصهيونية ومناصرته لكيان عنصري فاشي ووقوفه إلى جانب السفّاح شارون وقيادته مظاهرات داعمة له، فضلًا عن تهافته الفني وخواء المضامين التي يقدّمها".

ودعا الاتحاد، من خلال بيانه، وزارة الثقافة التونسية إلى "تحمّل مسؤولياتها والتحرّي في كلّ العروض التي تبرمج وتغليب العروض التونسية في ظرف اقتصادي صعب"، معبرًا "عن احتجاجه على التبريرات الجوفاء التي يقدّمها مدير مهرجان قرطاج ويندّد باستهتاره بمواقف التونسيين ومشاعرهم المعادية للتطبيع حين يعتبرها مجرّد شعارات".

وهذا الموقف ليس جديدًا على أكبر النقابات التونسية، التي سبق وعارضت زيارة مجرم الحرب أرييل شارون إلى تونس وندّدت بعديد المجازر التي ارتكبها الصهاينة وناصرت الأسرى في السجون الصهيونية. لذلك كان رد الطرف المطبع بدوره حادًا، ولم يقتصر على الاستنكار واعتبار أي مقاطعة أو دعوات لإلغاء الحفل مسًا بالحريات، بل امتد إلى المطالبة بحرمان الاتحاد من جائزة نوبل للسلام، التي كان قد تحصل عليها سنة 2015 مع ثلاث منظمات وطنية أخرى في إطار ما عرف بـ"رباعي الحوار الوطني".

والحوار الوطني بدأ في تونس في 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2013 بين عدة أطراف سياسية تونسية بتأطير من الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف) والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين بتونس، وبدعم من الرئاسات الثلاث في تونس، إثر الأزمة التي هزت البلاد بعد اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي والاختلاف العميق بين المعارضة والسلطة حينها.

وورد على الحساب الرسمي لإيلي الطرابلسي، وهو رجل أعمال يهودي تونسي، "سأعمل على إلغاء جائزة نوبل للسلام لاتحاد الشغل الذي لا يمثلني بعد اليوم. العداء لليهود تحت غطاء معاداة الصهيونية لن يمر..". هذا الأخير الذي شن، مع آخرين، حملة مضادة ضد النقابة العمالية معتبرين بيانها ضربًا من التشويه والشعبوية ومعلنين أن جميع تذاكر الحفل قد بيعت. وفي الأثناء، ورد في الصفحة الرسمية لاتحاد الشغل، على موقع فيسبوك، أن الصفحة تتعرض لما أسمته "هجومًا غير مسبوق بعد بيان رفض حفل الصهيوني في تونس".

 

 

 

كرد فعل، قال الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن "الجائزة سلمت لـ4 منظمات تونسية وهي بالتالي لتونس"، مضيفًا: "هي جائزة شعب.. وتصريحاته جريمة في حق تونس وعلى القضاء أن يقوم بتتبعه لأنه بصدد تشويه صورة البلاد".

 

وزارة الثقافة التونسية.. رد باهت

كان رد وزارة الثقافة التونسية محايدًا إزاء الدعوات لإلغاء عرض ميشال بوجناح واكتفت بفتح مشاورات

رد وزارة الثقافة التونسية لم يتأخر لكنه لم يتضمن أي قرار فاصل للجدل القائم، حيث أكدت في نص بلاغها: "التزامها بعدم التدخل في المضامين والمحتويات التي يتفق حولها أعضاء الهيئات والجمعيات المديرة للتظاهرات والمهرجانات الدولية والوطنية والجهوية"، معللة موقفها بـ"تفعيل مبادئ الثورة التي نادت بالقطع مع أساليب الماضي وتغول الإدارة الثقافية في أخذ القرار".

وختمت البيان بأنه "اعتبارًا لحساسية الموضوع واتخاذه مسارًا سياسيًا خرج عن سياقه الثقافي، فإنها ستقوم بالمشاورات المتصلة بالأطراف ذات العلاقة".

محسن مرزوق.. هل صارت الصهيونية وجهة نظر؟

مع قرب موعد الحفل، لا تزال المواقف في تواتر من هذا الطرف وذاك، آخرها عبر أمين عام حركة مشروع تونس والقيادي السابق في حزب نداء تونس محسن مرزوق، الذي كتب على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك أن في الدعوات لإلغاء العرض "درسًا جديدًا في الاستخفاف بالمصلحة الوطنية، بحجة دعم زائف أهوج للقضية الفلسطينية التي هي قضيتنا جميعًا"، حسب قوله، مضيفًا "الواقع أنه لم يضر القضية الفلسطينية أناس أو أفكار مثل أولئك الذين يقفون وراء الحملة ضد بوجناح، ولو سألنا أي قيادي في السلطة أو الحركات الفلسطينية الوطنية لتبرأ من مثل هذا السلوك الأرعن"، داعيًا إلى تكريم وتوسيم بوجناح في تونس.

مواقف متباينة، في قضية يرى الكثيرون أنها لا تحمل كل هذا التباين، في بلد ينص دستوره بوضوح على "الانتصار لحركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرر الفلسطيني"، البلد الذي اكتوى كغيره من الدول العربية والإسلامية باستهداف الكيان الغاصب، لكن أصواتًا فيه لا تزال، على ما يبدو، ترى في الصهيونية وجهة نظر.

 

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

تونس.. جدل تجريم التطبيع يتجدد

م.ت.ف في تونس.. وداعًا أيها السلاح