25-سبتمبر-2021

استقالات جماعية من حركة النهضة (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

أعلن 113 من قياديي ونوّاب وأعضاء حركة النهضة اليوم السبت استقالتهم الجماعية من الحزب، بسبب ما اعتبروه خيارات سياسية خاطئة بعد شهرين من تعليق الرئيس التونسي قيس سعيّد أعمال البرلمان وتعزيز صلاحياته.

أعلن 113 من قياديي ونوّاب وأعضاء حركة النهضة السبت استقالتهم الجماعية من الحزب، بسبب ما اعتبروه خيارات سياسية خاطئة 

وشدد بيان الاستقالة الذي نشر عبر إذاعة "موزاييك" التونسية وعلى موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" على "ضرورة استخلاص العبر من إخفاقاتنا بمعركة الإصلاح الداخلي لحزب حركة النهضة. يتوجب علينا التحلي بنوع من الشجاعة والموضوعية و النزاهة للإقرار بتحمل القيادة الحالية لحركة النهضة بالمسؤولية فيما وصلت إليه من عزلة، وقدرًا هامًا من المسؤولية فيما انتهى إليه الوضع العام في البلاد من ترد، فسح المجال للانقلاب على الدستور والمؤسسات المنبثقة عنه". وأضاف البيان "أن من مقتضيات الأمانة والنزاهة الإقرار بمسؤولية النخب السياسية والحزبية و خاصة منها من تبوأت الصدارة في الانتخابات المتتالية في تعطيل تركيز المؤسسات الدستورية والهيئات المستقلة نتيجة الحسابات الخاطئة وعدم تغليب معيار الكفاءة عند الاختيار والقرار"، مشيرًا إلى أن "تعطيل الديمقراطية الداخلية لحركة النهضة والمركزة المفرطة داخلها وانفراد مجموعة من الموالين لرئيسها بالقرار داخلها (خاصة في السنوات الأخيرة) لم يبق شأنًا حزبيًا داخليًا، بل كان رجع صداه قراراتٍ وخيارات خاطئة أدت إلى تحالفات سياسية لا منطق فيها ولا مصلحة، ومتناقضة مع التعهدات المقدمة للناخبين. وساهمت التحالفات البرلمانية غير السليمة في المزيد من ضرب للمصداقية، إذ دفعت للمصادقة على قوانين تحوم حول بعضها شبهات وجوبهت برفض وتنديد من طيف واسع من المنتظم السياسي والمدني".

اقرأ/ي أيضًا: الاتحاد التونسي للشغل يحذر من إجراءات سعيّد ودعوات لجبهة مدنية مضادة

 ولفت البيان إلى أن "كل محاولات الإقناع بالانكباب على تجديد عميق للفكر السياسي لحركة النهضة وتعصير مؤسساتها وتشبيب قياداتها وتحديث خطابها وصورتها لم تُجدِ"، وإلى أن "من يرفض التجدد والمراجعة تتجاوزه الأحداث"، معتبرًا أن "الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة النهضة أدت إلى عزلتها وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أي جبهة مشتركة لمقاومة الخطر الاستبدادي الداهم الذي تمثله قرارات 22 أيلول/ سبتمبر 2021". وختم البيان بإعلان استقالة الموقعين عنه من حركة النهضة معتبرين أن " تغليب التزامنا الوطني بالدفاع عن الديمقراطية، التي ضحى من أجلها أجيال من المناضلات والمناضلين واستشهد من أجلها المئات في ملحمة الثورة، متحررين من الإكراهات المكبلة التي أصبح يمثلها الانتماء لحزب حركة النهضة".

ومن بين أبرز المستقيلين، قيادات من الصف الأول، مثل عبد اللطيف المكي وسمير ديلو ومحمد بن سالم وتوفيق السعيدي ممن شغلوا مناصب هامة في الحكومات السابقة، وعدد من أعضاء مجلس النواب المعلقة عضويتهم، مثل جميلة الكسيكسي والتومي الحمروني ورباب اللطيف ونسيبة بن علي، بالإضافة لعدد من أعضاء المجلس التأسيسي من بينهم آمال عزوز، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس الشورى الوطني ومجالس الشورى الجهوية والمكاتب الجهوية والمحلية.

 وقال القيادي المستقيل من حركة النهضة عبد اللطيف مكي في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أشعر "بالحزن العميق، أشعر بألم الانفصال، ألم شديد، لكن لم يبق لي خيار بعد طول المحاولة خاصة في الأشهر الأخيرة. أتحمل مسؤولية قراري الذي اتخذته من أجل بلدي. تحياتي لأحبابي، تجمعنا مواقع العطاء والنضال، فلا بد من مواجهة الانقلاب من أجل تونس". من جهته لفت القيادي المستقيل من النهضة سمير ديلو إلى أن "الحركة وصلت إلى حالة عزلة"، قائلًا إنها "لم تعد قادرة على القيام بعمل مشترك ضد الخروج عن الشرعية الدستورية".

 وفي رده على الاستقالات الجماعية من صفوف الحركة، قال رياض الشعيبي مستشار رئيس حركة النهضة لقناة "الجزيرة": "مؤسف أن نشهد استقالات قادة من النهضة مشهود بتاريخها"، وأضاف أن "الحركة حريصة على كل أعضائها وللجميع حرية التعبير عن آرائهم"، داعيًا "أعضاء الحركة لمراعاة مصلحتها والالتفاف حولها ضد الانقلاب"، مشيرًا إلى أن "حل الخلاف داخل الحركة يكون بالحوار والالتفاف حول مؤسساتها"، وأن "لا حل للخلاف إلا بالحوار والحسم يكون داخل مجلس الشورى".

من جهتها قالت المتحدثة باسم مجلس شورى حركة النهضة سناء المرسني إن "المجلس يرفض تركيبة المكتب التنفيذي المقترحة من راشد الغنوشي". وذكرت المرسني على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن "حركة النهضة ليست جماعة أو طائفة، كما يراد أن يروج لها دائمًا"، بل "هي حزب سياسي مدني تصير فيه نقاشات حادة واختلافات جوهرية في التقديرات السياسية وفي كيفية إدارة الحزب وطبيعي أن تحصل فيه استقالات ومراجعات ولكن من غير الطبيعي أن نقبل بتخوين أو تجريم من استقالوا"، مؤكدة أن المستقيلين "هم دائمًا وأبدًا يبقون من المنتمين لمشروع حركة النهضة وهو أكبر من الأشخاص جميعهم". وأشارت إلى أن الأهم في تقديرها "أن من لم يستقل من حركة النهضة لا يعني أنه لا يحمل رأيًا وموقفًا"، موضحة أنه "في داخل النهضة أغلبية صامتة وجيل جديد مؤمن بالإصلاح والتغيير من الداخل وسيفعل ما لم تفعله القيادة الحالية ولا حتى القيادات المستقيلة في جعل حركة النهضة حزبًا يستجيب فعلًا لما أراده التوانسة يوم وثقوا في النهضة في 2011 وفي 2014 و في 2019"، مشددة على أن "المعركة اليوم ليست داخل النهضة، المعركة هي معركة حماية الديمقراطية والدولة من خطر العودة لمربع الاستبداد، واليوم لا راية تعلو فوق راية الوطن".

ومنذ إعلان الرئيس قيس سعيّد عزل الحكومة وتجميد البرلمان في 25 تموز/يوليو، طالب قياديون بارزون في النهضة زعيم الحزب راشد الغنوشي بالاستقالة من القيادة، بسبب تعامله مع الأزمة وخياراته الاستراتيجية منذ انتخابات 2019، وقد أقال الغنوشي الشهر الماضي المكتب التنفيذي للحزب في محاولة لتهدئة الاحتجاجات ضده لكن الانتقادات لم تتوقف.

وكان رئيس الحركة ورئيس البرلمان المجمّد راشد الغنوشي قد أقر في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" الخميس الماضي، بمسؤوليات حزبه في الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، وقال "نتحمّل بالتأكيد المسؤولية، النهضة لم تكن في الحكم ولكن دعمنا الحكومة رغم مآخذنا عليها قبل 25 تموز/يوليو"، ودعا الغنوشي ردًا على قرارات سعيّد إلى "النضال السلمي ضد الحكم الفردي المطلق الذي قامت الثورة ضده".

كان من المفترض أن يعقد المؤتمر 11 للحزب عام 2020، وأن يتم فيه انتخاب قيادة جديدة، لكن تم تأجيله إلى السنة الحالية 2021 بسبب انتشار وباء كوفيد-19 في البلاد

وكان من المفترض أن يعقد المؤتمر 11 للحزب عام 2020، وأن يتم فيه انتخاب قيادة جديدة، لكن تم تأجيله إلى السنة الحالية 2021 بسبب انتشار وباء كوفيد-19 في البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

غضب واسع بعد قرار سعيّد تعليق الدستور وحل البرلمان بصورة غير مباشرة