25-يونيو-2016

مقاهٍ فارغة في الرباط خلال رمضان(أ.ف.ب)

في كل مرة يحل فيها شهر رمضان، يتجدد النقاش حول إلغاء أو إبقاء الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، والذي يجرم الإفطار العلني "الإجهار بالإفطار" في رمضان، وينص الفصل تحديدًا على أن "كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 200 درهم" أي حوالي 20 دولار.

في كل مرة يحل فيها شهر رمضان، يتجدد النقاش حول إلغاء أو إبقاء الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي، والذي يجرم الإجهار بالإفطار في رمضان

لكن الجديد هذا العام هو أن النقاش حول موضوع الإفطار العلني خلال شهر رمضان امتد إلى علماء الدين والسياسيين المغاربة، وأبرزهم أحمد الريسوني، رجل دين والعضو المؤسس لاتحاد العلماء المسلمين، حيث فاجأ الجميع وصرح في ندوة نظمت مؤخرًا بجامعة محمد بن خليفة في قطر: "إن القانون الجنائي لا ينبغي أن يتدخل في الصوم لأن الذي يفطر في الشارع نفترض أنه مريض ونفترض فيه أنه مسافر، فلماذا اعتقاله والتحقيق معه وإحالته على النيابة العامة ومحاكمته لماذا كل هذا العناء غير المجدي".

اقرأ/ي أيضًا: "الإجهار بالإفطار"..تهمة جديدة في بغداد تؤدي للسجن

من جهة أخرى، قال الريسوني إن "الأصل في الدين والشريعة هو الالتزام الذاتي"، ورأى أن "تحويل الشريعة إلى قانون يعتبر جناية على الشريعة التي تقوم أساسًا على الوازع الإيماني وليس الوازع السلطاني"، بحسبه. وتابع أن "الوازع السلطاني يأتي مكملًا فقط للوازع الإيماني ويكون في أضيق الأحوال، لأن الإسلام يريد أن يكون الناس قائمين بدينهم ويؤجرون عند الله، وليس قائمين بما يفرضه عليهم السلطان أو السيف"، وزاد أن "الحاكم لا دخل له في العبادات"، وهي قاعدة مهمة عند المذهب المالكي.

إلا أن هذا الرأي لم يرق للكثيرين من المغاربة، وأبرزهم نجيب بوليف، وهو وزير مغربي، إذ كتب منذ أيام قليلة، في تدوينة على صفحته الخاصة في "فيسبوك": "..بدأنا نسمع أن بعض الشخصيات، ومنهم بعض العلماء، الذين نجلهم ونحترمهم، لا يَرَوْن مانعًا في الإفطار العلني في رمضان! وإن كنت استغربت كثيرًا صدور مثل هذه التصريحات من مثل هذه الشخصيات العالمة، فإني أقول إن بمثل هذه التصريحات، لا شك أن صرحًا من صروح الممارسة الدينية سيسقط، وسيستفيد منه الإباحيون (للإفطار العلني)، الذين لا يمثلون إلا جزءًا جد صغير من أبناء المجتمع.. سيشجع أولئك الذين ما زالت في قلوبهم ذرة إيمان للخروج إلى الشارع، لكي يجهروا بالإفطار في نهار رمضان، سيشجع الشباب على الانقلاب على المجتمع..".

وأضاف بوليف: "..والذي يقول لنا إن ذلك من صميم الإيمان الشخصي، فلا أحد ينكر عليه، ولكن بينه وبين نفسه، وليس في استعراض واضح". ومن جهة أخرى، اعتقلت شرطة "زاكورة"، جنوب المغرب، شابين بتهمة "الإفطار العلني" في رمضان، قبل أيام قليلة، حيث تمت إحالتهما للنيابة العامة والتي قررت بدورها متابعتهما مع تركهما في حالة سراح.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة المجاهرين بالإفطار في مصر بين المفتي والقانون

تعددت الدعوات إلى التوقف عن ملاحقة واعتقال الأشخاص في رمضان بتهمة الإفطار العلني في المغرب بينما تمسك آخرون بضرورة مراعاة مشاعر المجتمع

وأثناء التحقيق مع الموقوفين، أكدا أنهما لا ينتميان إلى أي حركة تدعو إلى الإفطار العلني، وأن ما دفعهما إلى شرب الماء نهار رمضان، هو الحر الشديد الذي تعيشه مدينة زاكورة، والتعب الذي ألمّ بهما، بسبب أشغالهما داخل السوق، خاصة وأنهما لم يتناولا وجبة السحور، حسب روايتهما.

وفي نفس السياق، دعت مجموعة أقليات لمناهضة التجريم والتمييز ضد الأقليات الجنسية والدينية، في بيان لها، إلى "التوقف الفوري عن ملاحقة واعتقال الأشخاص في رمضان بتهمة الإفطار العلني"، مع مطالبة المسؤولين بالعمل على إزالة الفصل 222 من مسودة القانون الجنائي الجديد، وإيقاف كل الفصول التي لا تحترم، على حد تعبيرهم، الحرية الفردية للمواطنات والمواطنين.

إلا أن وزير العدل المغربي مصطفى الرميد أوضح، في هذا الموضوع، منذ فترة أن "المجتمع المغربي لديه حساسية مع المفطرين في رمضان، لذلك وجب منع الإفطار العلني في هذا الشهر، الذي يعني الإفطار في مكان عام ومن دون عذر، وذلك حماية للمفطر ذاته، ولمشاعر المجتمع"، مشددًا "المجتمع المغربي ليس لديه مشكلة مع من لا يصلون، لكن لديه حساسية من الإفطار العلني في رمضان، لذلك تدخل المشرع لمنعه حفظًا لمشاعر المواطنين من الاستفزاز".

اقرأ/ي أيضًا:

أغرب 5 فتاوى مصرية في رمضان

لماذا يكره فلان شهر رمضان؟