27-أكتوبر-2015

عمل لــ نجلاء الشفتري

يواصل الفنانون الليبيون شغلهم رغم عسف الحرب. قد يبدو الأمر من الخارج نوعًا من التّرف، لكنّ من يعرف قوّة الفنّ الروحيّة ويؤمن بها، يدرك أن الفن عزاء شخصي للفنان، بالإضافة إلى كونه مساحة للقول، كما أن الإطلالة على هذه النتاجات، في لحظة واحدة، كما في اللحظة التي يوفرها معرض جماعي مشترك، ترينا كيف تتشّكل جدارية فنية موازية للحرب في ليبيا.

من يعرف قوّة الفنّ الروحيّة ويؤمن بها، يدرك أن الفن عزاء شخصي للفنان

"مهاجرون" عنوان لوحة الفنانة نجلاء الشفتري التي قالت لـ"ألترا صوت": "تشير اللوحة إلى الأسماك التي تهجر بحرها هربًا من تغيرات المناخ، كما الإنسان الليبي تمامًا الذي يحلم بالهجرة هربًا من قسوة الواقع"، وأضافت: "الفن سلاحي ضد البشاعة. أعبر عن نفسي داخل اللوحة بشكل فطري دون تخطيط، وسيلاحظ ذلك كل من يقرأ لوحاتي من خلال عدة تفاصيل، رغم أني في العادة أحاول تحميل لوحاتي أفكارًا حيادية تتكلم عن الإنسان دون تحديد لجنسه".

 

 

من جهته، يقول عادل فورتيه عن لوحته "ليبيا إلى السلام": "للفن قدرة على التماهي مع الأحداث الآنية والمباشرة أحيانًا، لكن بصورة مختلفة، بمعنى أن الأحداث والتفاعل المستمر لكل ما يحدث من شأنه أن يخلق حالات في ذات الفنان التشكيلي، هذه الأحداث يصبح نقلها مقرونًا بحالة التخلق التي تحدث داخل الذات الفنية، فتخرج بصورة مغايرة عما هي مطروحة أحيانًا، بمعنى ليس من المفترض أن ينقل الفنان الحدث كما يراهُ الآخرون"، ويؤكد: "هناك رؤية تحدث، وهناك فعل إبداعي خلاّق يواكب تلك الحالة فيضفي عليها نمطًا آخر من الفعل الفني".

 

 

يقيم النحات علي الواكواك معرضه الدائم، في وسط مدينة بنغازي، لكنه لم يستطع الوصول إليه مؤخرًا بسبب المعارك الدائرة. في 2011، استطاع الواكواك تطويع الذخيرة والقنابل والصواريخ المستعملة بتحويله حوالي عشرة آلاف قطعة ذخيرة إلى منحوتاتٍ وأعمال فنية جسّدت سيرة الجندي المجهول. واعتبر الواكواك أن تحويل الذخيرة إلى أشكال فنية أفضل ردّ على بشاعة الحرب، وما صاحبها من مآسٍ إنسانية كنزوح الأهالي من المناطق المشتعلة، ولعل منحوتة "النازحين" تجسيد حي لهذا. يقول الواكواك: "بينما أواكب ما يحدث حولي من دمار تأتي لوحاتي عن الحرب والسلام والموت والحياة، في مدينة تفتقر إلى أبسط سبل العيش".

 

 

أنجز محمد بن لامين، من بنادق الأطفال البلاستيكية، نصبًا زجاجيًا على شكل كلمة "NO". العمل احتوى أحد عشر ألف قطعة من بنادق اللعب لتلاميذ الصف الثالث والرابع في مدينة مصراتة. يقول بن لامين: "لا شك أن الفن هو أداة تغيير مهمة ومن شأنه أن يساهم بشكل جوهري وأساسي في نشر ثقافة السلام والتعايش المدني، ونحن في هذه المرحلة من تاريخ ليبيا في أشد الحاجة لاستدعاء الفن وكل الفواعل الثقافية والروحية من أجل تكريس رسالة السلم الاجتماعي ونبذ العنف المسلح وتأكيد المطالبة الدائمة والعملية لبسط الأمن وحماية المواطنين، ومعالجة الأضرار النفسية والتربوية التي لحقت بمحيطنا الاجتماعي الليبي من جراء الحرب"، ويوضّح: "اخترت كلمة "لا" باللغة الإنجليزية لشيوعها وعالميتها وإمكانية قراءتها من الجميع، وأيضا لموافقتها ومناسبتها مع الرؤية الهندسية التنفيذية للمجسم".

 

 

تعكس لوحة التشكيلية نجلاء شوكت الفيتوري "الشهيدة" مشهد الغياب يومي، تقول: "اللوحة في الحقيقة اكتشاف لوجع الذات تمتص وحشته، كل فنان له تجارب وطريقته في التعبير كل فنان له أكاديميته الخاصة لمرجعية تخيلية من لدن روحه، الفن يجعلنا نرى، يرفع الذائقة الفنية، التغريد داخل الخراب كفتح نور في أبعاد الروح قد تمس العمق الإنساني".

اقرأ/ي أيضًا:

عمر حمدي "مالفا".. ميراث من وهج الألوان

محمود فهمي عبّود.. الجسد الأنثويّ صرحُ المدينة