24-أكتوبر-2015

احتجاجات لطلبة مغاربة بكلية العلوم القانونية بالدار البيضاء سنة 1997(عبد الحق سنا/أ.ف.ب)

قبل حوالي أسبوع، احتجت عائلة الطالب عيسى آيت الجيد ورفاقه أمام البرلمان المغربي، مطالبين بإظهار حقيقة مقتل آيت الجيد، المنتمي لفصيل طلبة "النهج القاعدي"، فصيل يساري في الجامعة المغربية، والذي أزهقت روحه قبل ثلاث وعشرين سنة، بعد احتقان بين الطلبة اليساريين والإسلاميين داخل أسوار جامعة "ظهر المهراز" بمدينة فاس المغربية.

آيت الجيد.. انطلاق مسلسل القتل

منذ أكثر من ربع قرن، ارتبط تاريخ الجامعة المغربية بالدماء والجرائم التي ارتكبها الطلبة في حق زملائهم. وساهم هذا الصراع في أن تكون الجامعة المغربية حلبة صراع بين فصائل طلابية ذات أيديولوجيات مختلفة.

منذ أكثر من ربع قرن، ارتبط تاريخ الجامعة المغربية بالدماء والجرائم التي ارتكبها الطلبة في حق زملائهم

يعود مقتل الطالب عيسى آيت الجيد، إلى الخامس والعشرين من فبراير/شباط 1993، يوم تعرض إلى هجوم طاله ورفيقه الخمار الحديوي، على يد طلاب منتمين إلى التيار الإسلامي، الحديث في الجامعة آنذاك، والذي كان يضع ضمن أهدافه محاربة الإلحاد والشيوعية داخل الجامعات، الأمر الذي رفضه طلبة "النهج القاعدي"، المنظمة الطلابية اليسارية، ممتنعين عن ظهور أي فصيل طلابي آخر. قتل آيت الجيد بطريقة وحشية، ووري جثمانه الثرى بعيدًا عن مدينة فاس، دون أن تغلق المحاكم المغربية ملفه، الذي يعرف إلى اليوم جدلًأ واسعًا، إذ لا تزال "لجنة بنعيسى آيت الجيد"، تطالب بكشف الحقيقة، داعية، في كل ذكرى وفاته إلى كشف حيثيات ما تسميها "الجريمة السياسية البشعة".

قتل بوملي.. واعتقال طلبة جماعة العدل والإحسان

تواصل القتل في الجامعات المغربية، لكن تختلف في كل مرة ملابسات القضايا. فقضية مقتل الطالب اليساري المعطي بوملي مختلفة في مآلاتها عن قضية آيت الجيد. قُتل المعطي بوملي داخل جامعة الحسن الأول في مدينة "وجدة" شرق المغرب. إثر ذلك، اعتقلت السلطات المغربية اثني عشر طالبًا من جماعة العدل والإحسان الإسلامية والمعارضة آنذاك، ووجهت لهم تهمة قتل المعطي بوملي، وصدر في حقهم حكم بالسجن مدة عشرين سنة.

للطالبات نصيب من القتل أيضًا..

القتل والعنف بالجامعة المغربية لم يقتصر على الطلبة الذكور وتدرج إلى صفوف الطالبات. وأشهر هذه الحوادث كانت حادثة مقتل الطالبة زبيدة خليفة، سنة 1988، والتي اخترقت رصاصة جمجمتها، إثر تدخل أمني وسط جامعة "ظهر المهراز" في مدينة فاس، بعد أول مواجهات بين الطلبة الإسلاميين واليساريين. وكان موت زبيدة خليفة على يد القوات الأمنية، قد فتح جدلًا إزاء قرار "عسكرة الجامعة"، والذي يسمح للسلطات الأمنية بالتدخل لفك النزاع داخل أسوار الجامعة، دون الحاجة إلى ترخيص.

لا يزال الجدل قائمًا حول قرار "عسكرة الجامعة"، والذي يسمح للأمن بالتدخل في الجامعات دون الحاجة إلى ترخيص

قتل عبد الرحيم الحسناوي.. العنف متواصل

سلسلة إزهاق أرواح الطلبة في المغرب لم تتوقف، ففي السنة الماضية، قتل الطالب المحسوب على الفصيل الإسلامي، التجديد الطلابي، عبد الرحيم الحسناوي متأثرًا بجروح تسبب فيها طلبة "قاعديون"، تيار اليسار في الجامعة، داخل كلية الحقوق "ظهر المهراز" بجامعة مولاي عبد الله في مدينة فاس، وصدر بعدها حكم بالسجن خمس عشرة سنة في حق سبعة طلاب منتمين لـ"النهج القاعدي"، اليساري.

في سياق متصل، أصدرت الحكومة المغربية دراسة، سنة 2004، أعدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان وهو مؤسسة دستورية رسمية مستقلة بتنسيق مع المركز المغربي للعلوم الاجتماعية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، حول "العنف داخل الحرم الجامعي بالمغرب". وجاء في الدراسة أن طلبة فصيل "النهج القاعدي" يستخدمون العنف لحل النزاعات داخل الحرم الجامعي.

ويعتبر جزء من الطلبة في المغرب أن العنف داخل الجامعة هو في الحقيقة وسيلة كل من فشل في إيصال مواقفه بالطرق الديمقراطية وعبر ثقة الجماهير وعادة ما يكون الطلبة ضحايا لصراع أكبر بين جهات حزبية مختلفة داخل المشهد السياسي المغربي. ومع موت آيت الجيد وبوملي وزبيدة خليفة وعبد الرحمن الحسناوي وغيرهم الكثير، قُبرت الحقيقة في الكثير من الأحيان ولا تزال ملفات بعض القضايا مطروحة أمام القضاء إلى الآن رغم مرور عشرات السنين.

اقرأ/ي أيضًا:

الجامعات المغربية.. فجوة بين التعليم وسوق العمل

المغرب.. عندما تتحول الجامعة إلى ساحة صراع سياسي