02-أكتوبر-2018

شعار الجائزة

يوم السابع من شهر كانون الثاني/ يناير من العام الجاري، أعلنت جائزة الملتقى للقصّة القصيرة العربية عبر موقعها الرسميّ عن فتحها باب الترشيح لدورتها الثالثة 2017/ 2018 التي حملت اسم الكاتب والروائي الكويتي الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، على أن يُغلق في الـ 31 من شهر أذار/ مارس، وتُعلن لجنة التحكيم عن القائمة الطويلة التي ستضمّ 10 أعمالًا قصصية في الأوّل من تشرين الأول/ أكتوبر. هكذا ما كان مُخطَّطًا له، وهذا ما اعتدنا عليه أساسًا في الدورات السابقة من الجائزة التي انطلقت قبل ثلاث سنواتٍ من الآن بدعم من الجامعة الأمريكية في الكويت. 

جاءت جائزة الملتقى في الوقت الذي تعيش فيه القصّة ظروفًا صعبة، وتنسحب شيئًا فشيئًا إلى الظلّ بفعل هيمنة الرواية على الوسط الثقافي برمّته

لكنّ ما حدث في هذه الدورة كان مفاجئًا، إذ استيقظ روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أوّل أمس، الـ 30 من شهر أيلول/سبتمبر الفائت، على خبر تسريب القائمة الطويلة قبل يوم كامل من موعد إعلانها رسميًا. ما دفع الجامعة الأمريكية للإعلان عن القائمة حينها، بينما أصرّت الجائزة على الإعلان عنها في الموعد المحدد، أي يوم أمس. وجاءت القائمة كالتالي:

  • "ابتكار الألم" (محمد جعفر، الجزائر)
  • "أبناء الأزمنة الأخيرة" (فيصل الحبيني، الكويت)
  •  "حيث تشير البوصلة" (سناء عون، سوريا)
  •  "كأي جثّة مباركة" (سامية العطعوط، الأردن)
  •  "كللوش" (رغد غالب علي السهيل، العراق)
  •  "كونكان" (سعد محمد رحيم، العراق)
  •  "لا طواحين هواء في البصرة" (ضياء جبيلي، العراق)
  •  "مأوى الغياب" (منصورة عز الدين، مصر)
  •  "هل تشتري ثيابي" (بلقيس الملحم، السعودية)
  •  "وحوش مركبة" (المتوكل طه نزال، فلسطين)

 

اقرأ/ي أيضًا: "أسد البصرة".. نمذجة الشخصية العراقية

بالنسبة للكاتب والقاص العراقيّ ضياء جبيلي، قد لا يبدو لهُ الأمر مُفاجئًا كبقية المرشّحين، فالروائي المولود في مدينة البصرة، سبق وأن وصلت مجموعته القصصية "حديقة الأرامل" إلى القائمة الطويلة للجائزة في دورتها السابقة. وها هو يعود الآن ويحجز لنفسه مكانًا في الدورة الحالية منها، وذلك من خلال مجموعته القصصية الثالثة "لا طواحين هواء في البصرة" (دار سطور). وفي حديثٍ خاص لـ "ألترا صوت"، يقول جبيلي إن المجموعة التي ضمّت 76 قصّة، والمُقسَّمة إلى أبواب سبعة هي: "حرب، حب، أمهات، نساء، أطفال، شعراء، متفرّقة"، هي تجربة جديدة من حيث الشكل، إذ إنّه اشتغل على تبويب القصص ووضعها جميعها تحت مسمّى موضوع واحد في كلّ باب. وكما جرت عادة مؤلّف رواية "أسد البصرة"، جاءت قصص المجموعة بمواضيع متنوّعة، تحضر فيها الفنتازيا ولا يغيب عنها الواقع أيضًا. ناهيك عن قصص أخرى هي مزيج بين هذين العالمين. 

"يُمكن القول إنّ "لا طواحين هواء في البصرة" هي ما نتج عن ترواح القصص بين شكلٍ قصير جدًا، وآخر يندرج ضمن مسمّيات فرعية سردية، كقصص تأتي في صفحة واحدة، أو ثلاث صفحات، أو قصصًا تجيء بحجم كفّ اليد". يقول ضياء جبيلي، ويضيف: "تعتمد القصص، غالبًا، على التكثيف ومحاولة إيصال الفكرة بشكلٍ لا يؤثّر على عمقها، بقدر ما يظهر جليًا في ملامحها. عدا عن ذلك، يمتزج هنا الواقع بالفنتازيا لغرض تأليف أشكالًا وقوالب سردية تحكي عن حيوات وشخصيات مأزومة، فكريًا ونفسيًا وحياتيًا. وهذا بالإضافة إلى الأفكار المغايرة التي تطرحها القصص لمواضيع متعدّدة، كالحب والحرب والأنوثة والأمومة وغيرها".

أما بشأن الجائزة، ووصل "لا طواحين هواء في البصرة" إلى قائمتها الطويلة، يقول صاحب "المشطور" إنّ (جائزة الملتقى) جاءت في وقتٍ مناسب، في الوقت الذي تعيش فيه القصّة ظروفًا صعبة، وتنسحب شيئًا فشيئًا إلى الظلّ بفعل هيمنة الرواية على الوسط الثقافي برمّته، والانصراف الكلّي إليها. ولذلك، تأتي هذه الجائزة لتستعيد بعضًا من بريق القصّة القصيرة ومكانتها بين الأجناس الأدبية الأخرى. 

ما إن سُرِّبت القائمة الطويلة، حتّى بات الجميع يُسارع لنشر الخبر وتداوله في مواقع التواصل. هكذا، وفي وقتٍ قصير جدًا، كان جميع المرشّحين على دراية بخبر وصول مجموعاتهم إلى القائمة الطويلة لجائزة الملتقى. ولكنّ الكاتبة والقاصّة السورية سناء عون كانت، وحدها، وحتّى وقتٍ متأخّر جدًا، لا تعرف أنّ مجموعتها "حيث تشير البوصلة"، مرشّحة للوصول إلى القائمة القصيرة من الجائزة التي انطلقت قبل ثلاث سنواتٍ من الآن. وصلها الخبر حينما طلبت منها تصريحًا صحفيًا عن الأمر، وهنا كانت المفاجأة.

تقول سناء عون في حديثها لـ "ألترا صوت": "ما عوَّدت نفسي عليه دائمًا، هو إفساح المجال للنصّ بحيث يشقّ طريقه بنفسه. ولذلك، لم أسعَ يومًا للإعلان عن صدوره أو الترويج له بشكلٍ أو بآخر بعد عملية النشر. ولهذا السبب، حين وصلت مجموعتي "حيث تشير البوصلة" إلى القائمة الطويلة لجائزة (الملتقى)، شعرت بأنّ هذا الطفل/ المجموعة كما أراه أنا، قد نجى وتمكّن من النمو وبلوغ دائرة الاهتمام وحدهُ".

اقرأ/ي أيضًا: نهلة كرم.. الموت وأشباحه

تعرّف عون مجموعتها هذه بقولها إنّها، وببساطة شديدة، قصّة سوريا المنذورة للموت. وتُسرد هذه القصّة من خلال عدّة شخصيات تعيش الحرب، ولكنّها تقفُ في الظلّ، أو في الهامش تمامًا. فالحرب، بحسب ضيفتنا، تبدو فداحتها أكثر وضوحًا من خلال هوامشها. وهنا تصير القصص محاولة من القاصّة المقيمة في النرويج للانتصار لتلك الحكايات الهامشية والمهملة، ومنعها من الموت دون أن تُسرد أو تُقصّ على الآخرين. 

وبدوره، عبّر الكويتيّ فيصل الحبيني، ومن خلال "ألترا صوت" عن سعادته بوصول مجموعته "أبناء الأزمنة الأخيرة" (منشورات تكوين)، إلى القائمة الطويلة للجائزة التي يرى أنّها تمنح اليوم فنّ القصّة القصيرة فضاءً للاحتفاء، والإشارة إلى أهمية هذا الفنّ، وما يحملهُ من احتمالات تعبيرية فريدة وقد لا تكون متوفّرة في الأجناس الأدبية الأخرى. 

أما القاص والروائي الجزائريّ محمد جعفر فأكّد في تصريحه لـ "ألترا صوت" أنّ وصول مجموعته "ابتكار الألم" (منشورات ضفاف، منشورات الاختلاف)، أمرًا يبعث على السعادة دون شك. لا سيما وأنّ مجموعته، بحسب قوله، لم يروّج لها كما ينبغي، وتجاهلها النقّاد وتغافل عنها الإعلام في الجزائر تحديدًا. ناهيك عن أنّ هذه الدورة، وهي الثالثة من الجائزة، يتواجد فيها وللمرّة الأولى عمل جزائري، وهذا ما ضاعف بطبيعة الحال من سعادة ضيفنا الذي أشار إلى قوّة الأسماء المتواجدة في القائمة، وجدارتها بالمنافسة، متمنيًا حظًّا موفَّقًا للجميع. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

كيف كشف إعصار إيرما عن أول قصة لإرنست همنغواي؟

فيسنتي أوبيدوبرو.. شاعرية السرد القصير