20-فبراير-2021

شاطئ في بنغلاديش (Getty)

تسببت جائحة كوفيد-19 في زيادة متصاعدة في نسب استهلاك مختلف المنتجات البلاستيكية. وأتت هذه الزيادة في الاستهلاك مدفوعة بالحاجة والضرورة من أجل الحماية الشخصية للأطباء والممرضين والمرضى والطواقم الطبية والعاملين في الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس كورونا بالدرجة الأولى. كما صار استخدام الأقنعة والقفازات والعباءات البلاستيكية والمناديل وعبوات المعقمات والمطهرات أمرًا ملحًا للجميع، ليس فقط للعاملين في المجال الطبي.

تسببت جائحة كوفيد-19 في زيادة الاعتماد على معدات الوقاية الطبية ذات الاستعمال لمرة واحدة، وهذا سبب مباشر في زيادة المخلفات البلاستيكية في البيئة

أمام مثل هذا الواقع المستجد تم التخلي عن كثير من المنتجات المراعية للبيئة، خاصة المنتجات ذات الاستخدام المتعدد، وتم استبدالها بالمنتجات ذات الاستخدام لمرة واحدة. هذا التحول فاقم من خطورة ارتفاع نسبة التلوث العالمي وتهديد البيئة والمنظومة الخضراء والصحية ككل، على الرغم من أن ما تسببت به جائحة كوفيد -19 من إجراءات حجر ووقف للسفر أدى إلى تحفيف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير، وهذا أدى إلى تقليل نسب تلوث الهواء بانبعاثات حرق الوقود الأحفوري.

اقرأ/ي أيضًا: كوكاكولا تسعى لتجاوز سمعة أكبر ملوث بلاستيكي في العالم بتجريب عبوة جديدة

ولم يتوقف أمر استعمال المنتجات ذات الاستعمال لمرة واحدة على تلك المتعلقة بالوقاية الطبية، فعلى سبيل المثال، تحول العمل في العديد من المطاعم إلى نظام التوصيل، وتوقفت هذه المنشآت عن استقبال الزبائن، ما أدى إلى استخدام أكبر للمنتجات البلاستيكية. كذلك الحال بالنسبة للعلامات التجارية العالمية في مجال تصنيع الوجبات والمشروبات مثل ستاربكس ودانكن دونتس وماكدونالدز، فقد توقفت هذه العلامات عن السماح بإحضار الأكواب القابلة لإعادة الاستخدام الخاصة بالزبائن. وهكذا صار كل شيء، أو كل منتج، يجب أن يستخدم لمرة واحدة فقط وبعدها سيلعب دوره في زيادة نسبة النفايات بشكل عام وكل ذلك يعود بالضرر على الحياة البيئية والبشرية.

وبحسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي فهناك 13 مليون طن من البلاستيك تترسب تحت المحيط الهادئ، وقد وجد الباحثون كيس بلاستيك تحت عمق 11 ألف متر، ووفق التقديرات العامة فالبلاستيك في البحار يستغرق ما بين 400 إلى ألف سنة ليتفكك ويتحلل، كما تأكل جزيئاته الأسماك ثم يعاد إلى البشر على هيئة طعام. ويتضرر جراء ذلك قرابة 600 نوع من الأحياء البحرية ومن ثم ينتقل الضرر إلى السلسلة الغذائية البشرية. وتشير دراسة أجراها مختبر بلايموث مارين، إلى أن الأرقام التقديرية الصادرة عالميًا حول نتائج تلويث البلاستيك للبيئة البحرية ربما تكون مضاعفة على أرض الواقع. 

من التحولات التي فرضتها جائحة كوفيد-19 يحضر نمط التسوق الإلكتروني الذي شهد قفزات كبيرة خلال السنة الأخيرة، ما يعني زيادة استخدام المواد البلاستيكية في التغليف، كذلك الحال بالنسبة لخدمات توصيل الطعام

كما أشار تقرير مطول لصحيفة الإندبندنت البريطانية إلى مخاوف من أن شركات كبرى عالمية تقوم بعقد صفقات مع شركات نفط بغية تأمين منتجات نفطية رخيصة لاستخدامها في صناعة منتجات بلاستيكية رخيصة الثمن، وذلك بعد أن انخفضت أسعار النفط عالميًا في ظل جائحة كوفيد - 19. وكذلك، كان من نتائج الجائحة إغلاق العديد من مصانع إعادة التدوير لمواد البلاستيك في آسيا، ويشير تقرير نشره موقع نيكاي آسيا إلى أن 8 مليون طن من النفايات تتسرب إلى المحيطات سنويًا، 60% من هذه المخلفات تأتي من بلدان القارة الآسيوية.

اقرأ/ي أيضًا: رقعة إيبولا تتسع غرب القارة الأفريقية ومنظمة الصحة العالمية تحذر 6 دول

بينما نشرت منظمة Operation Mer Propre على صفحتها في فيسبوك ما وجدته من نفايات بلاستيكية تتعلق بكوفيد-19 ومنها الأقنعة والقفازات وغيرها من العبوات أثناء تنظيف شاطئ كوت آزور الفرنسي. وقال الناشط البيئي غاري سكوت لصحيفة الإندبندنت  أن "مخلفات فيروس كورونا جاءت كأزمة مضافة للتلوث البحري"، وأضاف بالقول "سوف أنتظر العثور على قناع طبي داخل معدة حيوان ميت بعد تشريحه". أما الناشطة البيئية ماريا ألغارا، مؤسسة مجموعة "لننظف هذا الشاطئ" فقالت للاندبندنت أيضًا أنها قلقة من استخدامات القفازات البلاستيكية، ولذلك أطلقت حملة توعية في هذا الشأن لزيادة الوعي حول كيفية التخلص من القفازات البلاستيكية بطريقة سليمة.

ووفقًا لتقرير نشرته منظمة براكتيس غرين هيلث، فالنفايات الصادرة من المستشفيات تمثل تحديًا لمنظمات الرعاية الصحية، بغض النظر عن حجمها. إذ تنتج المستشفيات أكثر من 5 ملايين طن من النفايات كل عام. ولكن اللافت أن النفايات الناتجة عن كل سرير طبي تصل إلى 29 باوند يوميًا أي ما يعادل 14 كيلوغرام من النفايات، وربع هذه الكمية، أي 25% منها مكون من البلاستيك. 

وجه أخر من أوجه استخدام البلاستيك بكثافة، هو ما فرضه الحجر المنزلي من تحول التسوق من الأسواق التقليدية والمجمعات التجارية الكبيرة إلى التسوق الإلكتروني عبر الإنترنت. إذ ارتفعت مبيعات مواقع مثل "علي بابا" و"أمازون" في ظل إجراءات الحجر المنزلي، بالتالي ازداد الاعتماد على خدمة التوصيل التي تعني بالضرورة التغليف بالمزيد من المواد البلاستيكية. ليأتي في أعقاب مثل هذه النتائج السؤال الأكثر إلحاحًا، كيف يمكن الاستثمار في الشركات والمشاريع الإبداعية المتعلقة بإنتاج مواد بلاستيكية تكون قابلة لإعادة التدوير في ظل اقتصاد عالمي مزقه فيروس كورونا؟. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

استجابة متباينة بين جوجل وفيسبوك لقوانين الدفع مقابل الأخبار في أستراليا

صحفي ووزير سابق في الهند يخسر دعوى تشهير ضد صحفية اتهمته بالتحرش الجنسي