11-أغسطس-2021

مسرحية "ليلة القتلة" (ألترا صوت)

ألترا صوت – فريق التحرير

تستعيد هذه المساحة الأسبوعية، كل أربعاء، ترجماتٍ منسية مختلفة الاتجاهات والمواضيع، كُتب لها أن تؤدي دورًا معينًا في لحظةٍ ما، قبل أن يطوي الزمن صفحتها فيما بعد، لتصير ترجماتٍ "طي النسيان"، بعيدة عن اهتمامات الناشرين العرب. إنها، بجملةٍ أخرى، مساحة يخصصها "ألترا صوت" لرد الاعتبار لهذه الترجمات، عبر لفت انتباه القراء والناشرين العرب إليها، في محاولةٍ لجعلها قيد التداول مجددًا.


تُعتبر مسرحية "ليلة القتلة"، العمل الأدبي الأكثر شهرةً وتداولًا من جميع أعمال الكاتب والشاعر الكوبي خوزيه ترييانا (1931 – 2018)، والسبب هو مضمونها الذي يملك ما يجعله قابلًا للعيش في عصورٍ أخرى مختلفة، لا سيما أنه يسلط الضوء على معضلة حاضرة في مختلف مراحل المسيرة البشرية.

تروي مسرحية "ليلة القتلة" قصة ثلاثة أخوة قرروا، كلٌ على طريقته، الخروج على سلطة والدهم وتقاليد والدتهم في وقتٍ واحد

المسرحية التي صدرت للمرة الأولى سنة 1965، لمع نجمها سريعًا، إذ نالت بعد نشرها بوقتٍ قصير جائزة "كاسا دي لاس أمريكاس"، التي تُمنح سنويًا لأفضل عملٍ أدبي في أمريكا اللاتينية. كما عرضت على خشبات المسارح الكوبية لسنواتٍ طويلة بتوقيع فيسنتي ريفيوليتا، ناهيك عن عرضها في العاصمة الفرنسية باريس سنة 1967، ضمن فعاليات مهرجان "مسرح الأمم"، الذي حصدت فيه جائزة أفضل مسرحية أجنبية، الأمر الذي ضاعف من شهرتها التي تجاوزت حدود كوبا بل وأمريكا اللاتينية أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: كيف يحيا الإنسان

عربيًا، صدرت مسرحية "ليلة القتلة" عام 1980، ضمن سلسلة "روائع المسرح العالمي" التي تصدر عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب", بترجمة الناقد المصري فتحي العشري الذي كتب في تقديمه لها: "في هذه المسرحية يتناول ترييانا موضوعين أساسيين وخالدين من بين موضوعات الإنسان وحياة الإنسان، سبق أن تناولهما في مسرحيتيه الكبيرتين "ميديا في المرآة" التي كتبها عام 1960، و"موت تاك" التي كتبها عام (1963) ولكنه يعالجهما في "ليلة القتلة" بطريقة مغايرة ومعكوسة".

ويضيف: "فالصراع بين الآباء والأبناء كان مطروحًا من وجهة نظر الآباء الذين كانوا مركز الحدث، يعتركون الحياة ويستخلصون منها وعليها الأحكام، أما في "ليلة القتلة"، فإن الأبناء هم الذين يحكمون على تصرفات الآباء ويتعدون ذلك إلى الحكم على العالم المحيط بهم، أو العالم بصفة مطلقة".

ضمن هذه الأجواء، تدور أحداث مسرحية "ليلة القتلة"، التي تروي قصة ثلاثة أخوة قرروا، كلٌ على طريقته، الخروج على سلطة والدهم وتقاليد والدتهم في وقتٍ واحد، ولكن بشكلٍ غير مباشر، إذ لا تتعدى حدود هذا التمرد جدران غرفتهم، حيث يقومون بالتخطيط لثورتهم المتخيلة التي تهدف إلى تغيير القواعد السائدة في المنزل، وإعادة ترتيبه وفق رغباتهم.

تُعتبر مسرحية "ليلة القتلة"، العمل الأدبي الأكثر شهرةً وتداولًا من بين جميع أعمال الكاتب والشاعر الكوبي خوزيه ترييانا

مع الوقت، تكبر طموحات ثورة الأشقاء الثلاثة المتخيلة، وتتجاوز حدود إعادة ترتيب المنزل وفق رغباتهم، والخروج على القواعد التي فرضها الوالدان، إلى اعتقالهما ومحاكمتهما على جميع تصرفاتهما بحقهم، قبل أن يتبدل هدفهم من جديد، متجاوزًا هذه المرة مجرد التمرد عليهما إلى قتلهما، فيبدؤون، معًا، في تمثيل جريمتهم المفترضة، بل وما سيتبعها أيضًا من سيناريوهات متخيلة، مثل اكتشاف جريمتهم، ووصول الشرطة، واعتقالهم، ومحاكمتهم، وغيرها من التفاصيل التي لا تتجاوز حدود مخيلتهم.

اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: رواية الأصول وأصول الرواية

جديرٌ بالذكر أن "ليلة القتلة" هي العمل الأدبي الوحيد الذي نُقل إلى اللغة العربية من بين جميع أعمال خوزيه ترييانا، وأنها واحدة من أشهر المسرحيات في كوبا بل وأمريكا اللاتينية أيضًا، لا سيما وأنها واحدة من الأعمال الأدبية القليلة التي خرجت عن "الواقعية الاشتراكية"، التي هيمنت على الأدب الكوبي بعد ثورة عام 1959، لصالح ما سُمِّي بـ "الحركة الفكرية التجريبية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تُرجم قديمًا: 50 قصيدة من الشعر الأمريكي

تُرجم قديمًا: مطبخ، خيالات ضوء القمر