18-أغسطس-2021

رواية "التاريخ السري لأمير موساشي" (ألترا صوت)

ألترا صوت – فريق التحرير

تستعيد هذه المساحة الأسبوعية، كل أربعاء، ترجماتٍ منسية مختلفة الاتجاهات والمواضيع، كُتب لها أن تؤدي دورًا معينًا في لحظةٍ ما، قبل أن يطوي الزمن صفحتها فيما بعد، لتصير ترجماتٍ "طي النسيان"، بعيدة عن اهتمامات الناشرين العرب. إنها، بجملةٍ أخرى، مساحة يخصصها "ألترا صوت" لرد الاعتبار لهذه الترجمات، عبر لفت انتباه القراء والناشرين العرب إليها، في محاولةٍ لجعلها قيد التداول مجددًا.


تحيط بالروائي الياباني جونيتشيرو تانيزاكي، 1886 – 1956، صفات مختلفة مردُّها تنوع تجربته الروائية التي غالبًا ما تُحسب على تياراتٍ مختلفة، بل ومتناقضة، في آنٍ معًا، الأمر الذي يشير إلى صعوبة حصر منجزه الأدبي في مدرسة محددة، واختزاله في قوالب ثابتة.

تحكي رواية "التاريخ السري لأمير موساشي"، قصة أميرٍ ولد في زمن الحروب الأهلية اليابانية، وبات فيما بعد أحد أبرز أطرافها

رغم ذلك، يُعرف تانيزاكي، بالنسبة إلى فئة واسعة من القراء والنقاد في اليابان والعالم، بوصفه كاتب تتسم كتاباته بالنزعة الشهوانية والتقليدية. في حين تذهب فئة أخرى إلى القول بأنه أحد رواد المدرسة الرومانسية الجديدة. بينما يرى البعض الآخر أن منجزه الأدبي يقوم على ثلاثة محاور رئيسية، هي: الشذوذ، والكلاسيكية، والشكلانية.

اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: ليلة القتلة

في المقابل، ثمة من يرى أن أعماله الأدبية ترتبط، بالدرجة الأولى، بمواقفه المتقلبة بين الدعوة إلى الحفاظ على التقاليد والثقافة اليابانيتين تارةً، والدعوة إلى الانفتاح على الثقافة الغربية تارةً أخرى، لا سيما أنه بدأ مشواره الأدبي متأثرًا بعددٍ من الكتّاب الغربيين، مثل أوسكار وايلد، وإدغار آلان بو، وشارل بودلير، وغيرهم.

هذه الحيرة بين نمطي حياة وثقافتين مختلفتين تمامًا، بل ومتناقضتين، عبّر عنها تانيزاكي في عدة روايات أضاءت على انقسام المجتمع الياباني بين ثقافته الأصلية، وثقافات أخرى ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك قبل انتقاله، مطلع ثلاثينيات القرن الفائت، نحو مرحلة جديدة سعى فيها إلى الاعتناء بالسرد والحكاية على حساب الفكرة.

"التاريخ السري لأمير موساشي"، روايته الصادرة عام 1931، تنتمي إلى المرحلة المذكورة أعلاه، وتُعتبر واحدة من أشهر رواياته، وأكثرها تعبيرًا عن خصوصيته في المشهد الأدبي الياباني، خاصةً وأنه أعلن من خلالها عن قطيعته مع أسلوبه القديم القائم على وصف موضوع أو فكرة ما بطريقة صارمة – والذي استمر بالكتابة به بين عامي 1910 و1930 – لصالح أسلوبٍ جديد يجمع بين الشكل الروائي وطابع المقال، ويتسم بقدر من الذاتية التي تتيح له نقل مشاعر شخصياته لقارئه بطريقة مقنعة.

صدرت النسخة العربية من "التاريخ السري لأمير موساشي" عن "دار الآداب"، في العاصمة اللبنانية بيروت، عام 1989 بترجمة كامل يوسف حسين، في مجلد ضم، إلى جوارها، رواية أخرى تنتمي إلى ذات المرحلة، وتحمل عنوان "المرنطة".

يقول أنطونيو م. تشيمبرز في تقديمه للروايتين، إن أسلوب السرد الذي كُتبت بهما يبدو: "مستلهمًا من "راهبة كاسترو" لستندال، وهو العمل الذي ترجمه تانيزاكي إلى اللغة اليابانية عام 1928. والراوية في قصة ستندال، شأن رواية "المرنطة"، ترتحل إلى بقعة نائية في إيطاليا لتبيّن حقيقة قصة يكتمها مؤرخون متحيِّزون، ومثل راوية "التاريخ السري لأمير موساشي"، فإنه يبني قصته على أساس مخطوطين عتيقين. غير أن هناك فارقًا، فقد استخدم ستندال مخطوطات إيطالية حقيقية، كأساس للحكايات الواردة في مؤلَّف "قصص إيطالية" الذي يضم بين دفتيه قصة "راهبة كاسترو"، بينما اصطنع تانيزاكي المخطوطات التي يذهب إلى أن "التاريخ السري" يقوم على أساسها، وجميع الشخصيات والأحداث هي من نسج الخيال".

صدرت النسخة العربية من "التاريخ السري لأمير موساشي" عام 1989 في مجلد ضم إلى جوارها رواية أخرى قصيرة بعنوان "المرنطة"

تحكي الرواية الأولى، "التاريخ السري لأمير موساشي"، قصة أميرٍ ولد في زمن الحروب الأهلية، وبات، فيما بعد، أحد أبرز أطرافها، حيث ذاع صيته بوصفه أكثر قادة عصره جرأة، وأشدهم قسوة. رغم ذلك، أشاع المقربون منه أنه كانت تساوره رغبات جنسية مازوكية. يقول المؤلف: "ترى هل يمكن أن يكون ذلك صحيحًا؟ لم أدر ما إذا كان يتعين تصديق هذه الشائعات الغريبة، لكنها إذا صحت لكان الرجل جديرًا بالإشفاق عليه". إنها رواية تسعى، من خلال وثائق تاريخية مختلفة، إلى الإجابة على الأسئلة الشائعة حول ميول الأمير الجنسية.

اقرأ/ي أيضًا: تُرجم قديمًا: كيف يحيا الإنسان

أما الرواية الثانية، "المرنطة"، فتدور هي الأخرى في الأجواء ذاتها تقريبًا، حيث وزع جونيتشيرو تانيزاكي أحداثها على زمنين مختلفين هما حاضر اليابان وماضيه، تحديدًا بين عامي 1392 و1443، حيث دارت منافسة شديدة بين ملكين يابانيين، انتهت بحروبٍ طويلة انعكست سلبًا على حيوات الناس وأعمالهم أيضًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تُرجم قديمًا: رواية الأصول وأصول الرواية

تُرجم قديمًا: 50 قصيدة من الشعر الأمريكي