30-ديسمبر-2016

يأمل التونسيون في غد أفضل سنة 2017 خاصة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي(كريستفور فيرلنغ/Getty)

كانت سنة 2016 سنة مليئة بأحداث فارقة في تونس وذلك على غرار بقية السنوات الفارطة منذ اندلاع الثورة، في حراك سياسي واجتماعي نشط. بيد أن السنة الجارية حملت تواريخًا هامّة ستظلّ مطبوعة في تاريخ البلاد.

كانت سنة 2016 سنة مليئة بأحداث فارقة في تونس، على غرار السنوات الفارطة منذ اندلاع الثورة، في حراك سياسي واجتماعي نشط

فبعد أيام قليلة من استقبال التونسيين للسنة الجديدة، تمّ إجراء تعديل حكومي وهو الأول للحكومة المنبثقة عن انتخابات 2014 حيث تم بموجبه إلغاء جميع مناصب كتاب الدولة وشمل وزارتي الداخلية والخارجية. كما تم بموجبه تعيين يوسف الشاهد وزيرًا للشؤون المحلية فيما مثّل تمهيدًا لتكليفه لاحقًا برئاسة الحكومة. وقد جاء هذا التعديل بعد أقل من سنة من تكوين الحكومة في ظلّ محدودية أدائها وعدم معاينة التونسيين لتحسّن في الملف الاقتصادي والاجتماعي، غير أن التعديل الوزاري لم يشفع للحكومة لتواجه احتجاجات شعبية هي الأكثر امتدادًا منذ اندلاع الثورة.

اقرأ/ي أيضًا: هوامش تونس.. جحيم التهريب ولا جنة الدولة

فخلال شهر كانون الثاني/يناير، اندلعت احتجاجات شعبية شملت غالبية محافظات البلاد للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لتؤكد على حيوية الشارع التونسي. ويُعرف شهر كانون الثاني/يناير بأنه شهر الحراك الشعبي في تونس، حيث اندلعت احتجاجات 1978 و1984 إضافة للثورة قبل 6 سنوات جميعها في أول أشهر السنة.

وقد انطلقت هذه الاحتجاجات من مدينة القصرين، إحدى عواصم الثورة إبان الحراك الثوري سنة 2010، إثر كشف تلاعب مسؤول حكومي بقوائم الانتدابات الوظيفية وهو ما ولّد حالة سخط وغضب بالتظاهر أمام مقرّ المحافظة، لتتصاعد لاحقًا حالة الاحتقان إثر وفاة أحد المحتجّين بعد سقوطه من عمود كهربائي. وقد أعلنت السلطات فرض حالة الطوارئ وحظر الجولان قبل أن تهدأ الأوضاع في الشارع في ظلّ الوعود بالتجاوب مع مطالب المحتجين.

بعد بضعة أسابيع، عرفت البلاد ما أطلق عليها "ملحمة مدينة بنقردان"، وهي أكبر المدن على الحدود مع ليبيا، والتي هاجمها عشرات من ما يعرف بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" بهدف عزلها عن البلاد لتفشل هذه العملية الإرهابية، وهي الأعنف في تاريخ البلاد، بعد ساعات من انطلاقها بفضل تلاحم القوات الأمنية والعسكرية مع المواطنين. وسطرت هذه المعركة ملحمة يستذكرها اليوم التونسيون بفخر كبير، حيث مثلت نموذجًا للوحدة الوطنية بين الفرقاء السياسيين والتونسيين إجمالًا.

من جانب آخر وبعد أقل من ستة أشهر من التعديل الحكومي، طرح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في شهر حزيران/يونيو مبادرة سياسية لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بهدف توسيع قاعدة الدعم السياسي للفريق الحاكم. وقد لقيت هذه المبادرة ترحيبًا من أحزاب الائتلاف الحاكم وأحزاب قريبة منها فيما رفضتها أهم أحزاب المعارضة. حيث انطلقت مفاوضات خلال صيف 2016 انتهت بإمضاء 9 أحزاب و3 منظمات وطنية لما يُعرف بـ "اتفاق قرطاج"، الذي يتضمّن برنامج أولويات للحكومة الجديدة.

عرفت تونس بداية 2016 تعديلًا وزاريًا واسعًا تلاه تغيير الحكومة ورئيسها بعد أشهر في ظل تواصل الاحتجاجات وعدم استقرار الوضع الأمني

وقد فاجأ إثر ذلك رئيس الحكومة الحبيب الصيد جميع الفاعلين السياسيين برفضه للاستقالة من منصبه تمهيدًا لتشكيل الحكومة الجديدة، حيث توجّه للبرلمان طلبًا للتصويت على تجديد الثقة، التي تم سحبها منه بالنهاية. وقام رئيس الجمهورية إثر ذلك بتكليف وزير الشؤون المحلية يوسف الشاهد رئيسًا للحكومة، الذي قدّم تشكيله الوزاري ويضمّ وزراء مستقلين وآخرين من خمسة أحزاب في نهاية شهر آب/أغسطس 2016. وقد نالت هذه الحكومة ثقة أكثر من ثلاث أرباع أعضاء البرلمان، ليكون بذلك الشاهد أصغر رئيس حكومة في تاريخ الدولة التونسية منذ الاستقلال.

اقرأ/ي أيضًا: رسميًا الشاهد رئيسًا للحكومة في تونس ومواقف مختلفة

وفي شهر تشرين الأول/أكتوبر، انتظمت انتخابات المجلس الأعلى للقضاء، وهي أول انتخابات حرة وشفافة يشارك فيها القضاة وكل المهن القانونية ذات العلاقة، لانتخاب أعضاء المجلس الذي يشرف على السلطة القضائية، وذلك بعد عقود من الاستبداد وهيمنة السلطة التنفيذية عليها. غير أنه لم ينعقد هذا المجلس لليوم بسبب رفض الحكومة التأشير على قرارات تعيين في الوظائف القضائية العليا قدمتها الهيئة الوقتية السابقة للقضاء العدلي، وهو ما أدى لأزمة بين أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بين اتجاه يرفض انعقاده قبل التأشير على قرارات التعيين واتجاه آخر يرفض ذلك، ليظلّ إرساء هذا المجلس مخاضًا عسيرًا.

وكان يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر يومًا فارقًا في تاريخ البلاد هذه السنة، حيث انتظمت أول جلسة استماع علنية لضحايا الاستبداد التي تنظمها هيئة الحقيقة والكرامة المشرفة على تنفيذ مسار العدالة الانتقالية. وقد واكبت هذه الجلسات قيادات سياسية من داخل تونس وخارجها مع تسجيل غياب رؤساء المؤسسات السيادية وهو ما كشف عن محدودية الدعم السياسي لهذا المسار. وقد لقيت هذه الجلسات صدى واسعًا في الشارع التونسي وفي الطبقة السياسية إضافة إلى صداها على الصعيد الدولي

ولم تنته سنة 2016 حتى عرفت تونس حادثة اغتيال للمهندس محمد الزواري، الذي تبيّن لاحقًا أنه أحد العناصر الناشطة في كتائب عز الدين القسام، وأن الشهيد هو أحد مصمّمي الطائرات دون طيار الأبابيل. وقد أكدت مصادر متقاطعة بين الأجهزة الأمنية التونسية وما تم تداوله في الداخل الإسرائيلي حول وقوف جهاز الموساد وراء عملية التصفية. ولتمثّل هذه الحادثة ثالث عملية إسرائيلية على التراب التونسي بعد قصف مقر القيادة الفلسطينية في تونس سنة 1985 واغتيال القيادي أبو جهاد سنة 1988. وردّا على الاغتيال، نظم عشرات الآلاف من التونسيين مظاهرة حاشدة بصفاقس، مسقط رأس الشهيد، إدانة للعملية ودعمًا للقضية الفلسطينية.

اقرأ/ي أيضًا:

مفاجآت جوجل للعرب في 2016

ما هي أبرز أحداث مصر في العام 2016؟