01-يوليو-2016

إحدى العروض السابقة في مهرجان قرطاج سنة 2012(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

"هي دورة المصالحة مع الجمهور والفنانين التونسيين"، هكذا وصف محمد زين العابدين، الدورة الجديدة لمهرجان قرطاج الدولي، وهو الذي سيكون مديرها في نسختها الثانية والخمسين، التي تفتتح في 13 من تموز/يوليو المقبل وتستمر حتى 25 من آب/أغسطس 2016، تحت شعار "كلنا توانسة" أي "كلنا تونسيون".

يحتفي قرطاج هذا العام بالموسيقى العربية بشكل واضح، من خلال استضافة أسماء قد ميزت الساحة الفنية العربية خلال العقدين الماضيين

ومهرجان قرطاج الدولي، هو أحد أعرق الاحتفالات الفنية في العالم العربي والأفريقي ومن أعرق المهرجانات في العالم، يحتضن عروضه أساسًا في المسرح الأثري بقرطاج وهو مسرح روماني تم ترميمه بداية القرن العشرين وله طاقة استيعاب في حدود 7500 شخص.

اقرأ/ي أيضًا: تونس.. مهرجان المدينة يخرج منها

عودة نجوم عربية من الماضي القريب

يحتفي قرطاج هذا العام بالموسيقى العربية بشكل واضح، من خلال استضافة أسماء قد ميزت الساحة الفنية العربية خلال العقدين الماضيين، حيث يحيي نجوم الغناء في العالم العربي أغلب سهراته ومنهم كاظم الساهر، نجوى كرم، ملحم بركات، سميرة سعيد، شاب خالد وسعد المجرد، إضافة إلى بعض العروض التونسية لصابر الرباعي ونجم غناء "المالوف التونسي" زياد غرسة، والفنانة الصاعدة يسرى المحنوش، التي برزت خلال مشاركتها في الموسم الأول لـ"ذا فويس أحلى صوت".

وفي تعليقه على فناني هذه الدورة من "قرطاج"، صرح مدير المهرجان، أنهم "فنانون في قيمة وعراقة المهرجان وصيته"، نافياً "تراجع الحدث الثقافي الأعرق في العالم العربي مقارنة بمهرجانات ناشئة". لكن خيارات زين العابدين وفريقه أثارت ردود فعل متباينة، بين استحسان حضور أسماء معروفة وما يمكن أن ينتج عنه من تدعيم لموارد المهرجان المالية وبين الاستهزاء مما اعتبره البعض وجوهًا مستهلكة لا جديد فني لها".

ويفتتح المهرجان يوم 13 تموز/يوليو القادم بحفل يحمل عنوان "نشيد السعادة"، يحييه أوركسترا الإذاعة الأوكرانية، بمشاركة المجموعة الأوركسترالية التونسية، وأصوات أوبرا تونس مع الفنان لطفي بوشناق.

تكريم ذكرى ومانديلا

يحتفي مهرجان قرطاج الدولي هذه السنة بالفنانة الراحلة ذكرى، في حفل بعنوان "ذكرى"، تحييه فرقة "الوطن العربي للموسيقى" بقيادة الموسيقار التونسي عبد الرحمن العيادي، ومشاركة الفنانين أسماء سليم، وغسان إبراهيم، وصهيب الحلبي، ومنيرة حمدي، وأميمة طالب، ومحمد الحلو.

وتتميز هذه الدورة بقلة الأسماء الفنية من خارج العالم العربي ومن أبرز الفنانين المشاركين: فنان البوب الأمريكي جاسون ديرولو، ومغني الراب الفرنسي، ماتر جيمس، وفنان الريجي تيكن جاه فوكولي، من ساحل العاج إضافة إلى عرض موسيقي بعنوان "ماديبا" لتكريم الزعيم الراحل نلسون مانديلا.

اقرأ/ي أيضًا:  الثلاثي جبران.. شجن سيدة الأرض بالمغرب

مهرجان قرطاج.. انفتاح فني ومكاني

لن تقتصر عروض مهرجان قرطاج هذا العام على المسرح الروماني، بل يتضمن أيضًا برمجة متنوعة خارج أسوار المسرح وذلك في فضاء "بازليك سان سيبريان" وفي عدد من المحافظات التونسية مثل سبيطلة ودقة وغيرهما، وستخصص هذه العروض للفنانين الشبان لتقديم عروضهم الموسيقية، كما تمت برمجة تسع لقاءات صباحية، في فضاءات "آقورا"، "مادار قرطاج"، التياترو، "كان" بمنطقة بوفيشة في محافظة سوسة الساحلية، والجامعة الشعبية بسيدي حسين السيجومي، وهو حي شعبي ذو كثافة سكانية عالية قرب العاصمة.

في سياق هذه العروض الشبابية التونسية، ستقدم الفنانة سيرين بن موسى عرض "من إشبيلية إلى تونس" وسيحيي الفنان خالد بن يحيى عرض "شيفا الأندلسي"، الذي يمزج فيه الموسيقى الهندية بالأندلسية، إضافة إلى عروض "حلم" لشادي القرفي و"أسرار" لروضة عبد الله و"انصهار" لياسمين عزيز و"غدوة" لأمل الشريف. وعن هذه العروض، علّق زين العابدين: "سنعمل بداية من الدورة الحالية على تشجيع الفنانين الشبان الذين يحملون مشاريع موسيقية ورؤى جديدة".

غابت عن قرطاج هذه السنة العروض العالمية الضخمة، وهي نقطة سلبية عند كل من يقارن، خلال السنوات الأخيرة، بينه وبين موازين المغربي

ونظرًا لتعدد جمهور مهرجان قرطاج، فهو يشمل جانبًا موسيقيًا وآخر مسرحيًا. وللعروض المسرحية نصيب هذا العام من خلال عرضين بارزين، الأول لمسرحية "عنف"، وهي من إخراج الفاضل الجعايبي وجليلة بكار، والعمل الثاني كوميدي للممثل التونسي لطفي العبدلي. لكن "قرطاج" هذه السنة قد غابت عنه العروض العالمية الضخمة، وهي نقطة سلبية عند كل من يقارن، خلال السنوات الأخيرة، بين قرطاج التونسي و"موازين "المغربي، هذا الأخير ورغم حداثة عهده، إلا أنه يستقطب أبرز الأسماء الفنية العالمية في عروض فرجوية بارزة وبتمويل ضخم جدًا.

يقول محمد زين العابدين، مدير هذه الدورة من مهرجان قرطاج الدولي، إنه رفض "برمجة عروض باهظة التكلفة بهدف تحقيق التوازن المالي للمهرجان". ولم يوضح زين العابدين الميزانية المخصصة لهذه الدورة، لكنها خلال السنة الماضية قدرت بحوالي 3 ملايين و600 ألف دينار تونسي أي حوالي 1.7 مليون دولار، وهي ميزانية ضئيلة مقارنة بمهرجانات مشابهة في العالم العربي. لذلك يؤكد زين العابدين وكامل فريقه أنهم "حرصوا على إصلاح نقائص دورات سابقة مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع المادي للمهرجان والمتوفر من إمكانيات".

يجمع قرطاج الدولي هذا العام بين مجالات فنية مختلفة في محاولة لإرضاء كل الأذواق الفنية وتجميع جزء مهم من الجمهور حوله، ويراهن برنامجه على أسماء معروفة، رغم غياب الإنتاج الجديد لمعظمها، مع حضور بعض الشباب الواعدين ودون أن يغامر كثيرًا بأسماء مجهولة لدى الجمهور التونسي، أو بحفلات ضخمة قد تثقل كاهل المهرجان.

لافتة مهرجان قرطاج الدولي 2016

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشعر في كتالونيا.. مع الناس في الحارات

غطفان غنوم.. متوجًا في "هوليوود للأفلام المستقلة"