27-أغسطس-2016

الشاهد خلال جلسة منح الثقة لحكومته في البرلمان(فيسبوك)

منح مجلس نواب الشعب في تونس في ساعة متأخرة من ليل الجمعة، 26 آب/أغسطس الجاري، الثقة لما أطلق عليه "حكومة الوحدة الوطنية" برئاسة يوسف الشاهد، وذلك بأغلبية مطلقة، إذ صوت 168 نائبًا لصالح الحكومة مقابل رفض 22 وامتناع خمسة نواب عن التصويت، وهو أكبر عدد أصوات تتحصل عليه حكومة بعد الثورة وهي التي ستكون إذًا خليفة حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة الحبيب الصيد.

صوت 168 نائبًا لصالح حكومة يوسف الشاهد مقابل رفض 22 وامتناع خمسة نواب عن التصويت، وهو أكبر عدد أصوات تتحصل عليه حكومة بعد الثورة

وجاء التصويت النهائي بعد جلسة عامة استثنائية انطلقت منذ صباح الجمعة وخصصت لمناقشة برنامج الحكومة الجديدة وتركيبتها، وحسب الدستور التونسي، يتعين على الحكومة الحصول على ثقة 109 نائبًا كحد أدنى.

اقرأ/ي أيضًا:  الإعلان عن حكومة الشاهد.. هل أرضى الجميع؟

وكان مجلس نواب الشعب في تونس قد سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد، في جلسة عامة مستهل هذا الشهر، بعد رفض 118 نائبًا تجديد الثقة لها من مجموع 217، وتحولت بذلك إلى حكومة تصريف أعمال. وفي الأثناء، انطلقت المشاورات، بقيادة الباجي قائد السبسي، رئيس الجمهورية، لتفعيل مبادرته "اتفاق قرطاج" من أجل تكوين "حكومة وحدة وطنية". كلف الباجي يوسف الشاهد بترؤس الحكومة الجديدة وكان لهذا الأخير، أن يحدد تركيبة حكومته وأن يعرضها على البرلمان التونسي للمصادقة في غضون شهر.

في كلمته أمام نواب مجلس الشعب التونسي، أكد الشاهد، من جديد، أن الوضع في تونس صعب، مع الفساد المستشري وتراجع الاستثمارات والإنتاج في عدة قطاعات مما أدى إلى تراجع النمو، وتعرض إلى إمكانية اعتماد سياسة التقشف في سنة 2017، مشيرًا إلى أن الدولة قد تضطر إلى طرد عدد من الموظفين والترفيع من الضرائب لاحتواء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد. ولم تكن هذه المعلومات في الحقيقة جديدة أو صادمة، إذ يذكر أن المهدي جمعة ومن بعده الحبيب الصيد، قد تطرقا في عديد المناسبات للصعوبات التي تواجه الاقصاد التونسي، رغم أن خطاب الشاهد كان أكثر حدة.

وقال الشاهد، في جلسة البرلمان المخصصة لمنح الثقة لحكومته، إن "عام 2017 سيكون أصعب بكثير من العام الجاري إذا لم تحقق تونس انتعاشًا اقتصاديًا فيما تبقى من السنة الحالية". ويذكر أن تونس تنطلق في إرجاع العديد من قروضها خلال السنة القادمة وتتعدد المخاوف، في هذا السياق، من الالتجاء إلى خوصصة العديد من المؤسسات العمومية كشركات توفير الماء والكهرباء والغاز وغيرها أو المزيد من الارتهان لصندوق النقد الدولي.

اقرأ/ي أيضًا:  تونس بعد الثورة..7 رؤساء حكومات واستحقاقات متشابهة

ومن المنتظر أن تقوم الحكومة الجديدة بما تُطلق عليه "إصلاحات واسعة"، تطالب بها منظمات مالية عالمية. وعند الإعلان عن تكليفه، كان الشاهد قد حدد خمس أولويات أساسية لحكومته، وهي كسب المعركة ضد الإرهاب، والحرب على الفساد، ودفع نسق النمو، والحفاظ على التوازنات المالية، ومعالجة ملف النظافة والبيئة.

خلال كلمته أمام مجلس النواب التونسي، أشار يوسف الشاهد إلى إمكانية اعتماد سياسة التقشف السنة القادمة وطرد عدد من الموظفين وترفيع الضرائب

واختلفت تدخلات النواب، اللذين منحوا الحكومة الجديدة الثقة، لكن أجمعت على وضع البلاد الصعب وضرورة أن تحظى الحكومة الجديدة بدعم واسع من الأحزاب والمنظمات الوطنية. في المقابل، الرافضون لحكومة الشاهد، واللذين لم يمكنوها من ثقتهم، وكانوا أساسًا من أحزاب الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي وحراك تونس الإرادة وبعض من المستقلين، فاعتبروا، حسب تدخلاتهم خلال الجلسة، أنها "ليست حكومة وحدة وطنية كما يروّج لها، بل يتعلق الأمر بتوسعة الائتلاف الحاكم ليس أكثر، خاصة وأن عملية التشاور لم تشمل كل الأحزاب والمنظمات".

واعتبر بعضهم أن هذه المبادرة الحكومية هي أساسًا "بغاية تجاوز رأب الصدع في حزب نداء تونس"، في إحالة إلى رفض جزء من هذا الحزب لرئيس الحكومة السابق و"تجميع السلطات بيد رئيس الجمهورية ومواجهة الحراك الاجتماعي في البلاد"، كما أحالوا، خلال مداخلاتهم بمجلس نواب الشعب، إلى التشكيك في ارتباط أسماء في الحكومة الجديدة بالنظام السابق، نظام بن علي، أو بشبهات فساد.

وتضم الحكومة الجديدة 26 وزيرًا و14 كاتب دولة، تتنوع بين الجنسين، وتضم نسبة مرتفعة نسبيًا من الشباب، دون 35 سنة، مقارنة بحكومات سابقة، وهي تضم سياسيين من أحزاب نداء تونس وآفاق تونس وحركة النهضة والحزب الجمهوري والمسار الديمقراطي الاجتماعي، ونقابيين مقربين من الاتحاد العام التونسي للشغل ومستقلين ، كما حافظ الشاهد على عدد من وزراء الصيد.

وبعد أن منحت الثقة، تؤدي حكومة يوسف الشاهد، اليوم السبت 27 آب/أغسطس، اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية بقصر قرطاج. ومن المنتظر أن يكون موكب تسليم وتسلّم السلطة بين حكومة تصريف الأعمال والحكومة الجديدة يوم الإثنين المقبل.

اقرأ/ي أيضًا:

مجلة الاستثمار.. خفايا القانون الأكثر ريبة في تونس

تونس.. هل تتحقق انتفاضة العطشى؟