12-يوليو-2019

يوسف المساكني وفرحة تسجيل الهدف الثاني (Getty)

حجزت تونس مكانها في نصف نهائي كأس أمم أفريقيا للمرّة الأولى منذ عام 2004، بعد فوزها على مفاجأة البطولة السارّة منتخب مدغشقر بثلاثة أهداف نظيفة، بذلك حقّقت تونس انتصارها الأوّل في البطولة، وتعرّضت مدغشقر لهزيمتها الأولى في المسابقة التي تشارك بها لأوّل مرّة في تاريخها، وستواجه تونس في الدور نصف النهائي منتخب السنغال، والذي تفوّق بدوره في ربع النهائي على بنين بهدف وحيد.

أداءٌ عقيم لنسور قرطاج في مباريات دور المجموعات، غاب اللعب الجماعي ولم يشعر أحد بلمسات المدرّب الفرنسي آلان جيريس، والذي رغم وجود فريقه في مجموعة سهلة نسبيًا، إلا أنّه فشل في محاور كثيرة، أبرزها صدارة المجموعة، وثانيها التأهّل المبكّر لدور الستة عشر، وأهمّها تحقيق الفوز في أيّ من المباريات الثلاث، تعادل مع أنغولا ومالي وموريتانيا، الأمر الذي جعل الكثيرين يفكرون بضرورة إقالة المدرّب، فلا أداء ولا نتائج مرضية لفريق عليه أن ينافس على اللقب، فهو الذي كان ضيفًا شبه دائم لبطولات كأس العالم في نسخها الستة الأخيرة، حيث حضر في 4 منها، كما تسيّدت الأندية التونسيّة بطولتي القارّة السمراء، وإن لم تكن بطلة فستكون وصيفة أو منافسة عليها.

اقرأ/ي أيضًا: كأس أمم أفريقيا.. ثلاثة أسباب لخروج المغرب المفجع من البطولة

كلّ ذلك يعني أنّ مزيدًا من الضغوطات أثقلت كاهل اللاعبين، وأمامهم مباراة غانا كأوّل اختبار حقيقي لرفع الحمل عن ظهورهم، ومع تحقيق الانتصار بركلات الترجيح، ابتلّت عروق نسور قرطاج، وعادت ثقتهم بأنفسهم، هم طردوا من البطولة أحد أبرز المرشّحين لنيل اللقب، وسيحجزون مكانهم في نصف النهائي، لأن الفريق الذي سيواجهونه اسمه مدغشقر، ولن يكتفوا بتحقيق الفوز الأوّل لهم في البطولة، بل سيستغلّوا فرصة تواجد مدغشقر في طريقهم إلى نصف النهائي، لأنّ الفوز عليه بنتيجة غير مقترنة بأداء سيحرم الجماهير التونسية من الفرصة الوحيدة لذلك في البطولة، فالأدوار القادمة ستكون صعبة للغاية، ومسموح للفريق أن يسلك درب النتائج دون الأداء، لكن أمام مدغشقر هذا ممنوع منعًا باتًا.

كانت مدغشقر إحدى أجمل مفاجآت البطولة هذه، فعندما تعادلت مع غينيا بالجولة الأولى احتفل اللاعبون بتحصيلهم أوّل نقطة لبلادهم في تاريخ البطولة، ظنّ الجميع أن مدغشقر سترتوي بهذه النقطة، لكنّ عطشها للانتصار كان فوق الخيال، فازت على بوروندي بالجولة الثانية، وغلبت نيجيريا في الجولة الثالثة، النتيجة الأخيرة تعتبر من أكبر مفاجآت البطولة، حيث سرقت صدارة المجموعة، وخاضت مغامرة أخرى في دور الستة عشر أمام الكونغو الديمقراطيّة، وفعلتها من جديد عندما أقصت الكونغوليين بركلات الترجيح، والمباراة مع تونس لمواصلة المغامرة، المنافسة مشروعة تمامًا أمام فريقين لم يخسرا على الإطلاق في البطولة حتّى الآن.

للمرّة الأولى منذ 2004 تصل تونس لنصف نهائي كأس أمم أفريقيا، وحينها ظفر نسور قرطاج باللقب

بدا واضحًا منذ بداية اللقاء رغبة تونس في القضاء على مغامرة الفريق المدغاشي، قدّم التونسيون أفضل مباراة لهم في البطولة حتّى الآن، عندما أحكموا الحفاظ على صلابة دفاعاتهم وتماسك خطهم الخلفي، كذلك حافظوا على نسق المباراة التي تحكّموا في تسييرها لصالحهم، عبر السيطرة على خط وسط الميدان، وحرمان الخصم من اللعب في نصف الملعب التونسي، ومع ضمان كلّ هذه الأساسات التي تؤمّن النواحي الدفاعيّة كانت الهجمات الشرسة للفريق، لكنّ استبسال الدفاع والحارس المدغاشي حال دون تسجيل أي هدف في الشوط الأوّل، والذي شهد فرص عديدة أبرزها ركلة حرّة مباشرة للخزري، تآمر الحارس والعارضة على إبعادها، كذلك جرّب فرجاني ساسي حظّه بتسديدة من خارج الجزاء علت المرمى، وفعل غيلان الشعلالي الأمر ذاته لكنّ كرته جاورت المرمى، وأرهقت تحرّكات يوسف مساكني الدفاع بشكل كبير.

اقرأ/ي أيضًا: انتصارات وهميّة أطاحت بالفراعنة.. واستقالات جماعية بعد الهزيمة التاريخية

مع بداية الشوط الثاني أحرز الخزري هدف التقدّم في الدقيقة الأولى، لكنّ الحكم ألغاه بداعي التسلّل، شكّل ذلك إنذارًا شديد اللهجة لمدغشقر التي كان لا حول ولا قوة لها في اللقاء، فاعتمدت على الهجمات المرتدّة دون خطورة، وتكشّفت دفاعاتها بعد هدف تونس الأوّل، عندما تلقّى فرجاني ساسي كرة عرضية من يوسف مساكني وأودعها في المرمى، ارتطمت في طريقها للشباك بالمدافع وانحرفت قليلًا، لتخدع الحارس وتفتح عدّاد المباراة التهديفي.

بعد ذلك بثماني دقائق واصلت تونس ضغطها أمام دفاع تشتّت تركيزه بالهدف الأوّل، فكان لا بدّ من منحهم رصاصة أخرى تنهي آمالهم كبيرة المدى بين الواقع والأحلام، وهو ما حدث بالفعل عندما استغلّ يوسف المساكني ارتباك دفاعي، نتج عن تسديدة الخزري التي تصدّى لها الحارس، فارتدّت للمساكني الذي عالجها من بين المدافعين داخل الشباك، ومع نهاية المباراة سجّل نعيم السليتي الهدف الثالث بعد انفراد وهبي الخزري بالحارس، فآثر أن يمنحها للسليتي الذي ختم ثلاثيّة نسور قرطاج.

فوز هو الأوّل لنسور قرطاج في المسابقة، وخسارة هي الأولى لمدغشقر، كما هي المرّة الأولى التي لم تنجح في تسجيل أي هدف بها في المباراة، لتخرج مرفوعة الرأس في مشاركتها الأولى بالبطولة، بينما أمتع نسور قرطاج متابعيهم للمرّة الأولى في هذه المسابقة، وأطربوهم بمهرجان تهديفي أتى بوقته، علّ ذلك يمنح الفريق جرعة إضافيّة أمام السنغال في نصف النهائي المنتظر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تألّق لافت لمحاربي الصحراء.. ومدغشقر تواصل مفاجآتها بكأس أمم أفريقيا

عودة الهيبة لنسور قرطاج.. تونس إلى ربع نهائي كأس أفريقيا على حساب غانا