27-يناير-2020

رجل يمني ينظر إلى ملصق للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في المدينة القديمة في صنعاء (EPA)

ما لم يستطع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح تحقيقه، خلال السنوات الأخيرة من حكمه، في توريث السلطة لأسرته وتنصيب نجله أحمد رئيسًا للبلاد من بعده، لا يزال طموحًا، لكن بالنسبة للإمارات هذه المرة.

ما لم يستطع الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح  تحقيقه، خلال السنوات الأخيرة من حكمه، في توريث الحكم لأسرته وتنصيب نجله، لا يزال طموحًا، لكن بالنسبة للإمارات هذه المرة

 أطاحت ثورة الشباب السلمية التي انطلقت في 2012، بنظام صالح، ثم قضت الميليشيات الحوثية على ما تبقى من تركته السياسية والعسكرية، بعد أن تحالف معها، قبل أن يُقتل خلال مواجهات مع الحوثيين بالعاصمة صنعاء نهاية العام 2017، لكن شبح الديكتاتور اليمني، لا يزال يطارد مستقبل البلاد، بعد أن تحولت إلى ساحة لمعركة إقليمية منذ أكثر من خمس سنوات.

اقرأ/ي أيضًا: التصعيد يعود إلى اليمن.. ما هو دور الإمارات؟

أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري وسفير اليمن لدى أبوظبي سابقًا، ونائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، والذي لديه استثمارات في الإمارات بمليارات الدولارات، والمدرج ضمن قوائم المهددين للسلام في اليمن لدى الأمم المتحدة، هو رجل تلك المغامرة الإماراتية الجديدة، ومن تسعى أبوظبي لإعادته إلى السلطة من جديد.

خلال السنوات الماضية حاولت الإمارات، جنبًا إلى جنب مع قيادات في حزب المؤتمر الذي كان يتزعمه صالح، ويعد الحزب الأكبر في البلاد، رفع العقوبات الأممية عن أحمد علي، لكن تلك المحاولات فشلت، وما زال نجل صالح الأكبر يعيش تحت الإقامة الجبرية في العاصمة الإماراتية. فيما كانت معظم القيادات العسكرية والسياسية التي دعمتها الإمارات خلال السنوات الماضية، من الرجالات المقربة لصالح، حتى قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي.

وعقب مقتل الرئيس اليمني، شكلت أبوظبي قوات المقاومة الوطنية أو ما يطلق عليها "حراس الجمهورية"، تحت إشراف وقيادة طارق محمد عبدالله صالح، شقيق نجل الرئيس صالح، والتي تسيطر على مناطق واسعة من محافظة الحديدة غربي اليمن، التي تقع في قلب الصراع اليوم.

أُعيدت هيكلة هذه القوات من قوات الحرس الجمهوري التابع لصالح سابقًا، وجنود آخرين كانوا ضمن الجيش اليمني، بالإضافة إلى الآلاف من المدنيين، جرى تدريبهم في دولة إرتيريا وفي الساحل الغربي لليمن، حسب ما ترجح تقارير، ودعمتهم الإمارات، فدفعت مرتباتهم ومولتهم بالعتاد والسلاح.

تريد أبوظبي لملمة حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي تقسم بعد رحيل صالح، إلى ثلاثة أقسام؛ جانب منه انضم إلى الحوثيين، بقيادة صادق أمين أبو راس، وقسم آخر أعلن ولاءه لأسرة صالح، فيما ذهب الشطر الأخير تحت قيادة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. 

مع ذلك، ما يزال الحزب رغم تشتته يحوز على قاعدة محتملة واسعة في اليمن، فمعظم أعضاء الحكومة والسياسيين اليمنيين الذين يديرون البلاد، سواء في الشمال أو الجنوب، أعضاء سابقون فيه، من بينهم الرئيس هادي ورئيس مجلس النواب ووزير الداخلية وقادة آخرون.

عين مؤتمر صنعاء أحمد علي صالح نائبًا لرئاسة الحزب بعد مقتل والده، وفي الجنوب يقود مسؤولون حراكًا سياسيًا للملمة الحزب وتنصيب أحمد بديلًا عن والده لقيادة الحزب ومن ثم قيادة البلاد.

عصام شريم رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام في محافظة الحديدة (غربي اليمن)، أكد أن أبوظبي قدمت وعودًا لعائلة صالح، بإعادتهم إلى الحكم في اليمن. ورأى عضو مجلس الشورى اليمني في تصريحات لقناة الجزيرة، "أن علاقة الإمارات بعائلة صالح قديمة، وأن خطوط التواصل مع طارق صالح كانت منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء في سبتمبر 2014".

ونصب طارق صالح نفسه رئيسًا لحزب المؤتمر ووصيًا على محافظة الحديدة، بالإضافة إلى أنه يخدم أجندة الإمارات في الساحل الغربي ويمارس نفس الدور الذي يمارسه عيدروس الزبيدي في عدن، حسب حديث شريم.

طارق صالح يلتقي خالد بن سلمان

التقى طارق صالح الذي يقود قوات غير نظامية في جبهة الساحل الغربي باسم "حراس الجمهورية" بالأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي في الرياض، في منتصف كانون الثاني/يناير الجاري، في العاصمة السعودية الرياض.

يكشف هذا اللقاء، كما يقول متابعون، عن تحركات سعودية إماراتية لإعادة العائلة التي حكمت البلاد 30 عامًا إلى السلطة من جديد. كما التقى بالأمير فهد بن تركي بن عبدالعزيز آل سعود قائد قوات التحالف العربي في اليمن، بحسب وكالة 2 ديسمبر المقربة من طارق صالح. وجاءت زيارة طارق صالح للرياض، بعد زيارة إلى أبوظبي عقب استدعائه من قبل ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد، حسب وسائل إعلام محلية.

 وتأتي تلك اللقاءات، في سياق مؤشرات عديدة، ترجح وجود ترتيبات سعودية إماراتية تجري بالموازاة مع بدء تنفيذ اتفاق الرياض في الجنوب، لتشكيل حكومة جديدة في الجنوب تعيد رجالات صالح إلى الواجهة من جديد.

الحاضنة الشعبية لأسرة صالح

امتلك صالح حاضنة شعبية كبيرة، من خلال حكمه الذي اعتمد على النظام القبلي للبلاد، وتقريب مشائخ القبائل منه ودعمهم بالمال والسلاح، لكن هذه الحاضنة تفككت بعد مقتله، وباتت تدين بالولاء للأطراف الأخرى، وأصبح من الصعب توحيدها تحت قيادة أسرة صالح مرة أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: بشهادات ضباطها.. تنظيم القاعدة ضمن مرتزقة الإمارات في اليمن

غير أن الحراك السعودي والإماراتي لإعادة أسرة صالح إلى الحكم وحزب المؤتمر الشعبي العام، نابع من علاقات تربط الدولتين بأسرة صالح، بالإضافة إلى العداء المشترك مع حزب التجمع اليمني للإصلاح (ثاني أكبر حزب يمني)، وجناح الإخوان المسلمين في اليمن. وبالتالي تعول الدولتان على الاستثمار بتلك القاعدة الشعبية مجددًا. غير أن تلك الاستراتيجية، قد لا تكون موفقة، نظرًا لتاريخ الفشل الإماراتي السعودي في فهم التركيبة القبلية للمجتمع اليمني، وهو الفشل الذي آل بالدولتين إلى الاستعانة بمقاتلين من تنظيم القاعدة، ثم تزويد قواعد قبلية بأسلحة أمريكية، وصلت في النهاية إلى التنظيم الإرهابي، ثم إلى الحوثيين.

تبقى طموحات أسرة صالح بالعودة إلى السلطة عبر سكة المصالح الإماراتية السعودية، محفوفة بالمخاطر، نظرًا للانقسام السياسي والحرب التي تشهدها البلاد، إضافة إلى الصراعات الطائفية والحزبية

تبقى طموحات أسرة صالح بالعودة إلى السلطة عبر سكة المصالح الإماراتية السعودية، محفوفة بالمخاطر، نظرًا للانقسام السياسي والحرب التي تشهدها البلاد، إضافة إلى الصراعات الطائفية والحزبية، ومساعي المجلس الانتقالي الجنوبي للانفصال، وعقبات أخرى عديدة، لتكون تلك الطموحات، هاجسًا جديدًا يلاحق اليمنيين.