10-مارس-2022
حرية الإعلام في الأردن

أوقفت أجهزة الأمن الأردنية فجر الثلاثاء المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي ونائب رئيس معهد الصحافة الدولي، داود كتاب، على خلفية شكوى جرائم إلكترونية تتهمه بنشر أخبار كاذبة والإساءة، في عمل صحفي استقصائي نشر عام 2020، وذلك قبل أن تخلي سبيله بكفالة مالية.

شهد الأردن تراجعا على سلم الحريات المدنية والحقوق السياسية بحصوله على الترتيب الرابع والثلاثين عالميا، ليصنف ضمن الدول "غير الحرة" بعد أن كان مصنفا ضمن الدول الحرة جزئيا، وفقا لمؤشر فريدم هاوس

كُتاب عبر عن قلقه حيال "مساحة حرية التعبير الآخذة بالتقلص في الأردن"، وأشار إلى أن ما جرى معه "ربما يكون نوعا من الانتقام أو محاولة للضغط علي سياسيا على خلفية ما أكتب."

كما أوقفت الأجهزة الأمنية يوم الإثنين الصحفية تغريد الرشق إثر شكوى جرائم إلكترونية على خلفية تغريدة لها، وذلك قبل أن يخلى سبيلها بكفالة مالية أيضا.

كلا الخبرين قوبلا باستياء واسع وانتقادات لقانون الجرائم الإلكترونية الذي وصف بأنه يقيد حرية الرأي والتعبير ويعرقل أي جهود لتطوير العمل الصحفي في البلاد أو لإخراج الصحافة ومؤسساتها من صندوق عِدَد السلطة لتمارس دورها الرقابي الحقيقي.

انتقادات واسعة للتضيق على حرية الصحافة

 مركز حماية وحرية الصحفيين أصدر بيانا أعرب فيه عن قلقه من احتجاز صحفيين وصحفيات على خلفية شكاوى ضدهم تستند إلى قانون الجرائم الإلكترونية.

المركز أكد أن الإجراءات التي تتخذ ضد الصحفيين تمثل انتهاكا لحقوق الإنسان، وأن مثل هذه التعميمات الأمنية لا تراعي الحقوق ولا تحفظ الكرامة الإنسانية، كما طالب بالتعجيل في تعديل قانون الجرائم الإلكترونية، وخصوصا المادة (11) التي تسمح بتوقيف، وحبس الصحفيين ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، وجدد تأكيده على رفضه التوقيف لأنه يمثل عقوبة مسبقة.

في السياق ذاته، طالب مئتا صحفي في بيان نشر الأربعاء، بوقف عمليات "الجلب مخفورا" للصحفيين والصحفيات، مشددين على أن "ما حدث خلال الأيام الماضية يوحي أن هناك حملة منظمة تستهدف ترهيب الصحافة، ودفعهم للسكوت، والتضييق على حرية التعبير".

مغردون ونشطاء وصحفيون انتقدوا أيضا تراجع حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير في البلاد، كما انتقدوا التوقيفات التي تجري على خلفية العمل الصحفي للعديد من الصحفيين.

وقد كان تقرير حقوقي صدر عن مركز حماية وحرية الصحفيين كشف عن أن 77.3% ممن استطلعت آراؤهم من الصحفيين يتعرضون لاستدعاءات أمنية على خلفية عملهم الصحفي، في حين رأى 48.7% من المستطلعة آراؤهم أنه من الشائع أن يتعرض الصحفيون للاعتداء ورأى 51.4% أن جهات حكومية أو تابعة للحكومة تقوم بحملات تشهير ضد الصحفيين، وأكد 82% أنه لا يتم التحقيق في الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون.

يذكر أن الأردن شهد تراجعا على سلم الحريات المدنية والحقوق السياسية بحصوله على الترتيب الرابع والثلاثين عالميا، ليصنف ضمن الدول "غير الحرة" بعد أن كان مصنفا ضمن الدول الحرة جزئيا، وفقا لمؤشر فريدم هاوس.

قانون الجرائم الإلكترونية

كثيرا ما يعزا انخفاض سقف الحريات في الأردن إلى تطبيق قانون الجرائم الإلكترونية. سارة ليا وتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومان رايتس ووتش، قالت معلقة على نبأ توقيف كُتاب، إنها لم تشهد "مثل هذا التصعيد منذ مدة، أعتقد أنه قانون الجرائم الإلكتروني الجديد يخرج عن السيطرة".

أقر قانون الجرائم الإلكترونية عام 2015، ثم عدل عام 2019، وأتاح العمل به الفرصة لرفع قضايا ذم وقدح وتشهير ضد صحفيين ومؤسسات صحفية على إثر نشرها مواد صحفية على مواقع إلكترونية.

القانون الذي يجادل معارضوه بأنه يستخدم أداة ضد المعارضين السياسيين، يمكن أن يحاسب الأفراد على مواد أرسلوها عبر تطبيقات مراسلة خاصة مثل واتساب ومسنجر من دون أن يحمي حقهم في الخصوصية، كما يغلظ العقوبات على جرائم الذم والقدح والتشهير المرتكبة عبر شبكة الإنترنت، وهو لا يفرق بين المواد الصحفية وغيرها مما ينشر في الفضاء الإلكتروني.

تنص المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية على أنه "يعاقب كل من قام قصداً بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) ألفي دينار."

وتشير أرقام صادرة عن وحدة الجرائم الإلكترونية في الأمن العام ، إلى أن أعداد القضايا المسجلة ضمن الجرائم الإلكترونية في تزايد حاد ومستمر، إذ قفزت من 8483 قضية عام 2019 إلى 9225 عام 2021.

تشير أرقام صادرة عن وحدة الجرائم الإلكترونية في الأمن العام ، إلى أن أعداد القضايا المسجلة ضمن الجرائم الإلكترونية في تزايد حاد ومستمر، إذ قفزت من 8483 قضية عام 2019 إلى 9225 عام 2021

يأتي ذلك رغم أن الدستور الأردني يكفل حرية الرأي وحرية الصحافة وينص على أن " لكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن لا يتجاوز حدود القانون"، كما ينص قانون المطبوعات والنشر على عدم حرمان الصحفي من  أداء عمله أو التدخل فيه، أو تعرضه للتوقيف بسبب عمله الصحفي.