05-أغسطس-2018

كشفت مراسلات كوشنر عن نية لتصفية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (Getty)

في خطوة بدت متسقة مع السياسات الأمريكية تجاه المؤسسات الأممية، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية تقريرًا يكشف تحركًا يقوم به جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يهدف إلى إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

يأتي المخطط الأمريكي للقضاء على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ضمن مشروع أوسع هو صفقة القرن

وأوضحت المجلة في تقريرها أن مبادرة كوشنر بالاعتماد على إدارة ترامب، وحلفائها في الكونغرس، تأتي في إطار حملة أوسع تهدف لتجريد هؤلاء الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين في المنطقة، وتحييد ملفهم على طاولة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ونشرت "فورين بوليسي" مجموعة من المراسلات الإلكترونية التي جرت بين كوشنر ومجموعة من المسؤولين الأمريكيين، جرت في تاريخ 11 كانون الثاني/ يناير من مطلع العام الجاري. يقول في إحدى الرسائل الموجهة إلى جيسون غرينبلات، ممثل ترامب المكلف بالمفاوضات الدولية:

"من المهم أن يكون هناك جهد صادق ومخلص لتعطيل الأونروا"، موضحًا بأن هذه الوكالة فاسدة، وتحافظ على الوضع الراهن، وغير فعالة، ولا تساعد على السلام، على حد وصفه.

فيما قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تقرير نشرته اليوم الأحد، إن كوشنر ضغط على المسؤولين الأردنيين من أجل تصفية وجود اللاجئين الفلسطينيين في الأردن من خلال توطينهم، حيث توعد صهر ترامب أن يحول مخصصات وكالة الأونروا للأردن في حال تم ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: جولة كوشنر و"صفقة القرن".. هل ثمة "صفقة" حقًا؟

ويرى مسؤولون فلسطينيون نقلت عنهم الصحيفة الإسرائيلية، أن ما فعله كوشنر خلال زيارته إلى الأردن في شهر حزيران/ يونيو الماضي، هو جزء من مشروع كامل مترابط مع صفقة القرن، للقضاء على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وكانت الولايات المتحدة في بداية عام 2018 قد قلصت دعمها لوكالة الأونروا، والذي كان يقدر بـ360 مليون دولار إلى أقل من 60 مليونًا في السنة فقط، ما جعل إدارة الوكالة مجبرة على اتخاذ خطوات بحق اللاجئين خاصة في قطاع غزة، الذي يعتمد أكثر من نصف سكانه وعددهم مليونا نسمة، على دعم الأونروا ووكالات أخرى.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في 25 تموز/ يوليو الماضي، أن وكالة الأونروا ستتوقف عن تقديم جزء من خدماتها، إضافة لعدم تجديدها لعقود عمل لديها، بسبب النقص الحاد في ميزانيتها الناجم عن وقف الولايات المتحدة لأغلب مساعداتها للوكالة.

وبالفعل، أنهت الوكالة عمل ألف موظف من موظفي ما يُعرف ببند "الطوارئ" لديها في قطاع غزة، في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، منهم 125 موظفًا بشكل نهائي، أما بقية الموظفين المعفيين من الخدمة فسيغير عقدهم مع الأونروا للبقاء في عملهم حتى نهاية العام الجاري.

وكان المفوض العام للأونروا، وصف التقليص في ميزانية الوكالة ونقص التمويل بأنه "تهديد وجودي للوكالة". فيما أوضحت نائبة رئيس اتحاد الموظفين، آمال البطش، في بيان لها أن الأونروا قامت بالاستغناء عن 13% من الموظفين، وتحويل 57% إلى دوام جزئي، و تم تحويل ما تبقى منهم إلى عقود تنتهي بنهاية العام الجاري. كما أشارت إلى أن قرارات الأونروا لن تحل أزمة العجز المالي، في الوقت الذي يقدر فيه إجمالي العجز بـ217 مليون دولار أمريكي، وفي حين أن رواتب الموظفين الذين تريد المؤسسة الأممية الاستغناء عنهم تصل إلى 2.5 مليون دولار.

مخاطر إنهاء الأونروا على قضية اللاجئين

وفي إحدى المراسلات التي أوردتها المجلة الأمريكية، يقول كوشنر: "لا يمكن أن يكون هدفنا الحفاظ على استقرار الأمور كما هي، أحيانًا يكون عليك المخاطرة الإستراتيجية، من أجل كسر الأشياء، والوصول لما تريده".

وبدأت الوكالة بتقديم خدماتها في مطلع أيار/ ماير من عام 1950، وعلى الرغم من أن قرار التأسيس يؤكد، في فقرته الخامسة على أنه، ومن دون الإجحاف بمضامين الفقرة 11 من قرار الجمعية العمومية رقم 194، فإن تقديم المساعدة للاجئي فلسطين ضروري لمنع الجوع والمعاناة بينهم، من أجل توفير شروط السلام والاستقرار. إلا أن خدمات الوكالة تجاوزت دورها بتقديم الإغاثة المباشرة، إلى تقديم الخدمات في ميادين الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.

 ضغط كوشنر على المسؤولين الأردنيين من أجل تصفية وجود اللاجئين الفلسطينيين في الأردن من خلال توطينهم

يقول الباحث الفلسطيني في علم الاجتماع محمود العلي، والذي شغل عدّة وظائف في الوكالة: "وقد اعتبرت (الأونروا) طوال حوالي سبعين عامًا حكومة غير معلنة للاجئين الفلسطينيين على الصعيد الخدماتي". ويوضح أن هذه المنظمة أنشئت لأهداف سياسية، وهي المساهمة في صون السلام وعدم حصول اضطرابات، يمكن أن تنتج عن عدم حل قضية اللاجئين، عبر تقديمها المساعدة للاجئي فلسطين".

اقرأ/ي أيضًا: جديد علاقات إسرائيل مع السعودية والإمارات.. ترتيبات ما قبل صفقة القرن

وخلال العام 2017 كان هنالك 5.266.603 لاجئ مسجل في قيود "أونروا"، وفي برنامج التعليم يوجد 692 مدرسة فيها 500.698 طالبًا وطالبة، كما يوجد 143 ألف مركز صحي، حيث جرى تسجيل تسعة ملايين زيارة من المرضى. كما أن هنالك 102 مركز نسوي ومجتمعي، إضافة إلى 294.152 مستفيدًا من برنامج شبكة الأمان الاجتماعي.

ويؤكد العلي أن إنهاء "أونروا" هو واحد من أغراض إسرائيل المركزية، لأنها المنظمة الدولية الوحيدة التي تم تخصيصها لغوث لاجئي فلسطين وتشغيلهم إلى حين عودتهم إلى ديارهم. وبالتالي، هي الشاهد القانوني والسياسي الحي والفاعل على حقوق الفلسطينيين بالعودة، ويتم تأكيد ذلك من خلال قرارات التمديد لها من الأمم المتحدة، وهي تضم السجل الرسمي المقبول دوليًا لأعداد اللاجئين.

يتوقع محللون بحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، أن يقدِمَ ترامب على إصدار إعلان يؤكد فيه رفض الولايات المتحدة لعودة اللاجئين الفلسطينيين

ويتوقع محللون بحسب ما نشرته وسائل إعلام إسرائيلية، أن يقدِمَ ترامب على إصدار إعلان يؤكد فيه رفض الولايات المتحدة لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي شردوا منها، ما يناقض القرار الأممي 194 القاضي بعودة اللاجئين وجبر الأضرار التي لحقت بهم، على غرار قراره الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وأن محاولة الإدارة الأمريكية إنهاء وجود وكالة الأونروا يأتي ضمن ما أصبح متعارف عليه بـ"صفقة القرن"، التي يعكف كوشنر على إعدادها، من أجل تقديمها في وقت لاحق.

ويرى متابعون أن إنهاء الأونروا أو تخفيض خدماتها، لن يؤدي إلى أخطار إنسانية وسياسية فقط، وإنما سيؤدي إلى مرحلة جديدة من تاريخ القضية الفلسطينية، تكون قد خسرت فيها أحد أركانها الأساسية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

السعودية ومسلسل التطبيع.. متى سيرفرف العلم الإسرائيلي في الرياض؟

أبرز 5 شخصيات في مسلسل التّطبيع السّعودي والإماراتي مع إسرائيل