10-مايو-2023
Getty

تقارير كندية تتحدث عن محاولة صينية للتدخل في الانتخابات (Getty)

أكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أمس الثلاثاء، أن بلاده "لن ترهبها" الردود الصينية، بعد أن طردت بكين دبلوماسية كندية، ردًا على قرار أوتاوا طرد دبلوماسي صيني الإثنين الماضي.

وقال ترودو في أول تعليق له على الحادثة: "قررنا إنه يتعين علينا إرسال رسالة واضحة، لن نقبل التدخل الأجنبي، ومهما كانت الخيارات التالية التي يتخذونها، فلن ترهبنا".

أزمة دبلوماسية بين الصين وكندا وتهدد في توتر العلاقات، مع موجة تصريحات متبادلة 

وأفادت وزارة الخارجية الصينية، بأن بكين قررت طرد القنصل العام لكندا في شنغهاي، ردًا على طرد أوتاوا دبلوماسيًا صينيًا تتهمه بترهيب نائب كندي، انتقد التعامل الصيني مع أقلية الأويغور المسلمة في إقليم شينجيانغ. وذكر بيان للوزارة، أنه: "تقرر إعلان جينيفر لين لالوند شخصًا غير مرغوبًا فيها".  

وطردت كندا، يوم الإثنين، الدبلوماسي الصيني تشاو وي بعد تقرير استخباراتي عن نفوذ الصين في كندا. واتهم الدبلوماسي الصيني بمحاولة استهداف نائب كندي انتقد معاملة الصين لأقلية الأويغور المسلمة. وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي: "لن نتسامح مع أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي".

Getty

علاقات متوترة 

ترتبط الأزمة الحالية بتقرير أعدته المخابرات الكندية عام 2012 عن النفوذ الصيني في كندا، وتم تسريب محتواه مؤخرًا. وتضمن التقرير معلومات عن تهديدات تعرض لها عضو البرلمان الكندي مايكل تشونغ وأسرته.

كما نشرت صحيفة "مايل أند غلوب" الكندية الأسبوع الماضي، مقالًا عن النفوذ الصيني في كندا، جاء فيه، بأن النائب المحافظ مايكل تشونغ، واجه وعائلته ضغوطًا صينية بسبب اقتراح، تم تمريره عام 2021، يعتبر أن سلوك الصين في التعامل مع مسألة الأويغور يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. 

وأشارت الصحيفة الكندية، إلى أن ضابطًا من الأمن الصيني طلب معلومات عن أقارب النائب من المحتمل إقامتهم في الصين، وذلك لردع أي مواقف مناهضة للصين، بحسب الصحيفة.

ونقلت الصحيفة الكندية عن مصدر في الأمن القومي الكندي، قوله إن "الدبلوماسي الصيني تشاو وي كان متورطًا في جمع معلومات عن تشونغ".

من جهته، قال النائب الكندي مايكل تشونغ إنه شعر "بخيبة أمل كبيرة" عندما علم بالتهديد المحتمل لأسرته في هونغ كونغ من إحدى الصحف، وانتقد حكومة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لتقاعسها عن اتخاذ أي إجراء. واعتبر النائب الكندي أن ترحيل تشاو كان يجب أن يتم قبل عامين.

نفي صيني

من جهتها، أكدت الصين أنها لم تتدخل قط في الشؤون الداخلية لكندا، ولا مصلحة لها في ذلك. وقالت القنصلية العامة الصينية في تورنتو إن تقرير المخابرات الكندية "ليس له أساس، وعارية عن الصحة".

كما اعتبرت الصين أن كندا "أضرت" في العلاقات بين البلدين بطردها دبلوماسيًا صينيًا، ودعتها إلى "التراجع عن هذه الخطوة". وقال نائب مدير الإعلام بوزارة الخارجية الصينية وانغ ون بين: "ننصح الجانب الكندي بالتوقف الفوري عن استفزازاته غير المبررة. إذا لم ينصت الجانب الكندي لهذه النصيحة وتصرف بتهوّر، ستتخذ الصين إجراءات انتقامية حازمة وقوية وسيتحمل الجانب الكندي كل العواقب". 

Getty

بدورها، شددت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن "المزاعم الكندية محض هراء ومهزلة سياسية تقوم على تحيّز أيديولوجي". وشددت قائلةً: "أود التأكيد على أن الموظفين الدبلوماسيين والقناصلة الصينيين في كندا يلتزمون دائمًا بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ويؤدون واجباتهم وفقًا للقانون، وسيتخذ الجانب الصيني الإجراءات اللازمة لحماية مصالحه الخاصة".

وما يظهر أهمية هذا التوتر، هو أن عملية الطرد الدبلوماسي نادرة في كندا. وكان آخر طرد دبلوماسي في عام 2018، عندما انضمت كندا إلى أكثر من 20 دولة من الحلفاء، ردًا على محاولة اغتيال جاسوس روسي مزدوج في بريطانيا بغاز الأعصاب.

تدخل في الانتخابات

ويشير تقرير المخابرات الكندية كذلك، إلى أن الصين حاولت التدخل في الانتخابات الكندية في عامي 2019 و2021. وتحدثت سلسلة من التقارير الإعلامية الكندية عن أن الأمر يتعلق بتمويل سري للحملات الانتخابية لبعض المرشحين أو المشاركة فيها، وهي اتهامات نفتها السلطات الصينية.

مواجهة جزيرة بالي

التوتر الصيني الكندي، يعيد التذكير بالمواجهة الكلامية التي وقعت بين الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، على هامش قمة العشرين في جزيرة بالي الإندونيسية، والتي عقدت في تشرين ثاني/نوفمبر 2022. 

وبحسب مقطع فيديو التقطته الكاميرات، بدت ملامح الضيق على الرئيس الصيني الذي كان يلقي باللوم على رئيس الوزراء الكندي بسبب تسريب ما تم مناقشته في اجتماع غير رسمي على هامش قمة العشرين. 

ووفقًا لتقارير صحفية، دارت محادثات غير العلنية بين شي وترودو حول تمويل بكين لشبكة سرية من المرشحين في الانتخابات الفيدرالية. وخلال المطقع المتداول، نقل المترجم الفوري عن شي قوله: "كل ما ناقشناه تم تسريبه للصحف. وهذا معيب حقًا، هذه ليست الطريقة التي جرت بها المحادثة". وقاطع ترودو المترجم، قائلًا: "في كندا، نؤمن بالحوار الحر والمفتوح والصريح وهذا ما سنستمر في تحقيقه. سنواصل التطلع إلى العمل بشكل بناء معًا ولكن ستكون هناك أشياء لن نتفق بشأنها". ولاحقًا قال ترودو عن المواجهة الكلامية مع شي: "ليست كل محادثة سهلة، لكن من المهم للغاية أن نستمر في الدفاع عن القضايا المهمة للكنديين، هذا شيء نفعله دائمًا وسنواصل فعله".

أهمية هذا التوتر، هو أن عملية الطرد الدبلوماسي نادرة في كندا

يشار إلى أن الصين هي ثاني أكبر شريك تجاري لكندا. إذ تعتبر بكين أكبر سوق تصدير لكندا، وكانت أكبر مستوردي الموارد الكندية في آسيا. ويخشى البعض أن يكون لتجدد التوتر بين البلدين تداعيات اقتصادية، إذ إن الصين مستورد رئيسي للبوتاس والقمح الكنديين. وبعد اعتقال كندا للمديرة المالية لشركة "هواوي" الصينية، منغ وان تشو في عام 2018، بناءً على طلب من السلطات الأمريكية، حظرت بكين واردات زيت الكانولا وكذلك لحوم الخنزير ولحم البقر من كندا، بالإضافة إلى اعتقال عدد من حاملي الجنسية الكندية في الصين.