26-يونيو-2022
Top Gun: Maverick

من الفيلم (IMDb)

يأتي الفيلم بعد نحو 35 عامًا من صدور النسخة الأولى من فيلم "توب غان" عام 1986، وكان من المقرر إطلاق النسخة الجديدة من الفيلم عام 2020، لكن تم تأجيل إصداره أكثر من مرة بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا مع بداية العام 2020. تمتاز النسخة الجديدة بذات أساليب للفيلم الأصلي الذي حقق نجاحًا كبيرًا في وقتها، من حيث وجود مشهديات حركية كثيفة وسريعة والتي تم تصويرها داخل مقاتلات حربية حقيقية تابعة لسلاح البحرية الأمريكي، مما يذكر بالتشابه بين النسختين الأولى والثانية.

في فيلم "توب غان: مافريك"، يستدعى مافريك في مهمة لتدريب فريق من الطيارين ممن كلفوا بمهمة في أرض العدو، وتقع على كاهله مهمة الحفاظ على أرواحهم وبناء روحية الفريق المتعاون والمتضامن

لاقى الفيلم استحسانًا من النقاد، ومنح تقييمًا بنسبة 97% على موقع Rotten Tomatoes، وأشادوا بتأثيراته البصرية المبهرة، إضافة إلى كونه يحمل حنينًا إلى الماضي المتعلق بالفيلم الأول الصادر عام 1986 (إخراج طوني سكوت)، ولكن مع قصة تروق لرواد السينما الحاليين، سيما بعد السيطرة على وباء كورونا وما تركته من أثار على صعيد إغلاق دور السينما وتقدم منصات العرض. مدة الفيلم 130 دقيقة، ومن كتابة بيتر كريغ وجيم كاش وجاك جونيور، ومن إخراج جوزيف كوزينسكي، ومن بطولة توم كروز (59 عامًا) وفال كيلمر (63 عامًا) ومايلز تيلر وجينيفر كونيللي، وغيرهم من الممثلين مثل إد هاريس.

قصة الفيلم

يحكي الفيلم قصة طيار من جيش النخبة الأمريكي ويدعى بيت مافريك ميتشل ويجسد شخصيته توم كروز. مافريك لديه سجل حافل من الخبرة الحربية في المعارك طيلة ثلاثين عامًا قضاها في الخدمة وخاض العديد من المعارك ونال الكثير من الأوسمة والميداليات ولكنها ظلت قاصرة عن إيفاءه حقه مقارنة بجهوده. إنه نوع من الرجال الخارقين ومن الصنف الآيل للإنقراض بحسب وصف زملاءه.

يستدعى مافريك في مهمة لتدريب فريق من الطيارين ممن كلفوا بمهمة في أرض العدو، وتقع على كاهله مهمة الحفاظ على أرواحهم وبناء روحية الفريق المتعاون والمتضامن، غير أن عقبات جمة تعترض سبيله، منها يتعلق بماضيه العسكري ومسؤوليته عن موت أحد أفراد طاقمه. يضاف إلى ذلك ثيمة الحب والتي تربط كلًا من مافريك وبيني بينجامين.

أعلى إيرادات

الفيلم من إنتاج شركة بارامونت، وبلغت تكاليف إنتاجه 170 مليون دولار.  وقد حقق الفيلم في 21 يومًا من إنطلاقه إيرادات تجاوزت 800 مليون دولار عالميًا، وانقسمت الإيرادات بين 422 مليون دولار في السوق المحلي الأمريكي وإلى 384 مليون دولار في شباك التذاكر الدولي. وقد احتل الفيلم المرتبة الأولى في 23 سوقًا عالميًا منها المملكة المتحدة وأستراليا وفرنسا والبرازيل وغيرها من الأسواق.

ويشار إلى أن الفيلم تجاوزت إيراداته ما كان قد حصده فيلم توم كروز السابق "المهمة المستحيلة"، والذي حصد 791 مليون دولار إبان إطلاق نسخته الأخيرة عام 2018. ويبقى من المتوقع أن يحصد الفيلم في نهاية المطاف مليار دولار عالميًا دون دخوله إلى السوق الصينية والروسية، وحيث يعتبر أنه الفيلم الاكثر ربحية في مسيرة الممثل توم كروز على الإطلاق.

بروباغندا ناعمة للصناعات العسكرية!

يشير الفيلم إلى عدو بدون إسم يهدد الحريات بامتلاكه محطة نووية وأحدث الطائرات الحربية والمروحيات والترسانة العسكرية المتنوعة. من هنا يقترب الفيلم من كونه دعاية ناعمة على غرار الدعاية التي تمت في أفلام الحرب العالمية الثانية. ويذكر إلى أن الطائرات المستخدمة في الفيلم تعود للبحرية الأمريكية وهي باهظة الثمن تقدر قيمة كل طائرة بحوالي 30 مليون دولار، وقد دفعت شركة إنتاج الفيلم، أي بارامونت بيكتشرز، تكاليف استخدامها وإشراكها في الفيلم (دفعت شركة الإنتاج ما يصل إلى 11374 دولارًا للساعة لاستخدام الطائرات المقاتلة المتطورة، وقام توم كروز بالتحليق بأكثر من اثنتي عشرة طلعة جوية).

في عام 1986 سمحت دور العرض السينمائية للمؤسسة العسكرية الأمريكية بإنشاء أكشاك تجنيد أمام قاعات السينما وقد قام بدوره في تعزيز حالة التجنيد في الجيش الأمريكي

وقامت شركة لوكهايد مارتن للتصنيع العسكري بتصميم نموذج عن طائرة SR-72 والتي استخدمت في افتتاحية الفيلم. ويذكر بأن شركة لوكهايد، ومقرها في واشنطن، وتعمل في مجال الدفاع والتسليح والأمن والتكنولوجيا وتضم 115 ألف موظف عالميًا، من بينهم حوالي 60 ألف مهندس وعلماء من مجالات متنوعة، وهي من أكبر الشركات في هذا مجال التصنيع العسكري، وحيث تتبين الصلة الوثيقة بين صناع الفيلم وشركة لوكهايد مارتن في أن شعار الشركة تم تمريره في الفيلم.

ففي عام 1986 سمحت دور العرض السينمائية للمؤسسة العسكرية الأمريكية بإنشاء أكشاك تجنيد أمام قاعات السينما وقد قام بدوره في تعزيز حالة التجنيد في الجيش الأمريكي، وإلهام العديد من الشبان لارتداء زي البحرية الأمريكية وقيادة الطائرات الحربية، مما يطرح تساؤلات حول مدى ارتباط هوليوود بالمؤسسة العسكرية الأمريكية وشركات التصنيع العسكري ودورها في خدمة البروباغندا الحربية للولايات المتحدة الأمريكية (إظهار أمجاد الحرب والانتصارات في مقابل التغطية على المشاهد المروعة في الخسائر).

وقد تم منح المخرج جوزيف كوزينسكي وطاقمه تصاريح دخول كاملة إلى المنشأت البحرية شديدة الحساسية، بما في ذلك حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، وقدم خبراء وفنيون في الجيش تدريبًا من مستوى رفيع للممثلين ووضعت الكاميرات داخل حجرات قيادة الطائرات، وذلك بحسب العقد الموقع بين الطرفين.

 يضاف إلى ذلك، أن أيًا من النسختين من فيلم "توب غان" لم يكن ممكنًا إنجازهما بدون إذن من القوات البحرية الأمريكية، وتحصل القوات على حق النقض ضد الأشياء التي لا تحبها في النص، ولذلك بقي العدو الأجنبي بدون إسم، فيما يبقى على الجمهور التفكير من عساه يكون من أعداء الولايات المتحدة الحاليين.

وقد أعاد الفيلم إلى الواجهة الحديث عن هذه الارتباطات، لا سيما في وقت وجود تهديد عالمي من خطر حرب نووية ومن علاقات ديبلوماسية أمريكية روسية متوترة ونتيجة للحرب الروسية الأمريكية والتي وضعت أوروبا على شفير حرب عالمية. وقد أفردت صحف عالمية كبرى تقارير للحديث عن هذه الارتباطات، وأشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى أن حوالي 800 فيلم تلقت دعمًا من الجيش الأمريكي، بدءًا من عام 1917، مشيرة إلى أفلام الدعاية التي رافقت الحرب الأمريكية على فييتنام واحتلال أفغانستان وقضية ووترغايت وقضية الرهائن الأمريكيين في إيران.

وأشار التقرير إلى الصعوبة التي يواجهها الجيش الأمريكي حاليًا في استقطاب مجندين إلى الخدمة العسكرية، فقد تراجعت طلبات الالتحاق إلى النصف بعد تفشي وباء كورونا. ووصف أعضاء من السيناتور المسألة بكونها "حربًا من أجل المواهب"، وقد بلغ النقص في البحرية الأمريكية أكثر من 5 آلاف مجند. لم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما شمل أيضًا الإعلانات التي ترافق الفيلم داخل صالات السينما فيما ينتظر الجمهور بدء العرض وهي إعلانات صممت لخدمة البروباغندا العسكرية أيضًا.

معاداة النازية!

المخرج جون فورد قام بتصوير فيلم وثائقي يحكي عن معركة "ميدواي" وحظي على إثره بتنويه من المؤسسة العسكرية "لتصويره الرائع لشجاعة قواتنا المسلحة في المعركة". وكذلك فعل المنتج والكاتب والمخرج فرانك كابرا بتصويره عدة أفلام للجيش الأمريكي. وأما شركة ديزني فقد أنتجت فيلم رسوم محركة كوميدي للأطفال بطلها دونالد داك بعنوان "وجه الفوهرر"، حيث تحلم الشخصية بأنها تعيش في عالم تحكمه الدكتاتورية وفي أرض النازية، والفيلم من إخراج جاك كيني وصدر عام 1943. وفي النسخة الأولى من فيلم "توب غان" عام 1986، وحين قيل للمخرج طوني سكوت بأن تكلفة الطائرة 25 ألف دولار كي يسمح له بأخذ لقطاته وهي في الجو، قام على الفور بتحرير الشيك.

المخرج جون فورد قام بتصوير فيلم وثائقي يحكي عن معركة "ميدواي" وحظي على إثره بتنويه من المؤسسة العسكرية "لتصويره الرائع لشجاعة قواتنا المسلحة في المعركة"

بروباغندا صينية وروسية!

في المقلب الأخر، عمدت الصين إلى تمويل أفلام دعائية بالكامل. في عام 2021 صدر فيلم The Battle at Lake Changjin ووصلت قيمة تكلفته إلى 160 مليون جنيه إسترليني وحصد أرباحًا بلغت 730 مليون جنيه إسترليني. فيلم أخر بعنوان Sniper يحكي قصة القناص الصيني تشانغ تاوفانغ الذي تسبب في مقتل 214 جنديًا أمريكيًا في أقل من 40 يومًا، وقد رفع الفيلم شعار "أرسلهم جميعًا إلى الجحيم".

ويشير حجم التذاكر المباعة إلى تعطش الجماهير إلى هكذا أفلام ترفيهية وقومية. عام 2019 صدر فيلم روسي بعنوان T-34 وهو فيلم درامي يحكي عن مجموعة من أسرى الحرب الروس الذين هربوا من معسكر إعتقال نازي باستخدام دبابة سوفيتية من طراز T-34. تربع الفيلم على المرتبة الثالثة كأعلى فيلم روسي ربحًا في التاريخ، وتم تصويره كجزء من برنامج الكرملين لإعادة تثبيت الفخر بين الشباب.