1. سياسة
  2. سياق متصل

توابع مقتل تشارلي كيرك: لماذا حذفت وزارة العدل الأميركية دراسة تتهم اليمين الأميركي بالإرهاب؟

24 سبتمبر 2025
ترامب وكيرك
الرئيس دونالد ترامب رفقة الناشط اليميني المتطرف تشارلي كيرك (منصة إكس)

اغتيل الناشط السياسي تشارلي كيرك في العاشر من أيلول/سبتمبر الجاري أثناء مشاركته في تجمع طلابي حاشد بولاية يوتا الأميركية. وعلى إثر الحادث انطلقت عملية مطاردة واسعة للإمساك بالقاتل. غير أنّ اليمين الأميركي، وفي مقدمته الرئيس دونالد ترامب، استغل الواقعة لمهاجمة خصومه الديمقراطيين والليبراليين، واصفًا إياهم بـ"اليسار المتطرف". 

وقال ترامب في مداخلة على قناة "فوكس نيوز": "المشكلة الحقيقية ليست مع اليمين بل مع اليسار. عندما تبحثين عن المحرّضين فإنك تبحثين عن الحثالة الذين يتحدثون بشكل سيئ عن بلدنا. هؤلاء هم اليسار وليس اليمين".

وفي السياق نفسه، تدخّل نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في حلقة صُوّرت خصيصًا لبرنامج تشارلي كيرك الحواري، قائلًا: "علينا أن نتحدث عن حركات اليسار المتطرف المخرّبة التي نمت خلال السنوات القليلة الماضية، وأعتقد أنها كانت جزءًا من السبب وراء مقتل تشارلي برصاصة هذا القاتل".

وتصاعدت هذه النبرة الهجومية ضد اليسار والليبراليين تدريجيًا، خصوصًا بعد أن أوقفت الشرطة القاتل، وهو شاب يُدعى تايلر روبنسون (22 عامًا). وكشف التحقيق مع والدته أنه يميل إلى اليسار ويدافع عن حقوق المثليين والمتحولين جنسيًا، كما أظهرت رسالة بعث بها إلى شريكته (وهي أيضًا متحولة جنسيًا) أنه كتب صراحة: "لقد اكتفيت من كراهية تشارلي كيرك، فبعض أنواع الكراهية لا يمكن التسامح معها".

تصاعدت  النبرة الهجومية ضد اليسار والليبراليين تدريجيًا، خصوصًا بعد أن أوقفت الشرطة قاتل تشارلي كيرك

ليُصرّح فانس، من دون أي أدلة، بأن "معظم المتشددين والمضطربين سياسيًا اليوم هم أعضاء في حركات تابعة لأقصى اليسار، وأن هذه مجرد حقيقة إحصائية". في المقابل، لوّح رئيس موظفي البيت الأبيض، ستيف ميلر، بما وصفه بـ"رسالة تشارلي كيرك الأخيرة إليه"، زاعمًا أن الأخير طلب وضع استراتيجية منظمة لمكافحة منظمات اليسار التي تروّج للعنف في البلاد.

وأمام هذه الاتهامات والتهديدات، استند عدد كبير من المعلقين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى دراسة صادرة عن وزارة العدل الأميركية عبر "المعهد الوطني للعدالة" (National Institute of Justice). وأظهرت الدراسة أن اليسار لا يتحمّل وحده مسؤولية التطرف والإرهاب في الولايات المتحدة، بل يتقاسمها كلٌّ من أقصى اليمين والحركات الإسلاموية (الجهادية) وأفراد مؤدلجون، في حين تبقى الغالبية العظمى من الممارسات السياسية العنيفة مرتبطة باليمين حصرًا.

التستُّر على الحقيقة

نشر المعهد القومي للعدل التابع لوزارة العدل الأميركية دراسته في 4 كانون الثاني/يناير 2024، وجاء في مستهلها: "منذ عام 1990، ارتكب المتطرفون  اليمينيون جرائم قتل بدوافع أيديولوجية أكثر بكثير من المنتمين إلى تيارات أقصى اليسار أو المتطرفين الإسلاميين، بما في ذلك 227 حادثة أودت بحياة أكثر من 520 شخصًا. وفي الفترة نفسها، ارتكب المتطرفون اليساريون 42 هجومًا بدوافع أيديولوجية أودت بحياة 78 شخصًا".

وتناقض هذه النتائج ادعاءات ترامب ونائبه وعشرات الشخصيات في حركة "ماغا"، إذ يتضح أن الخطر الرئيسي المزعوم الذي يهدد الأمة لا يأتي من اليسار، كما يروّجون، بل من اليمين أساسًا. وتضيف الدراسة: "تنقسم هذه الأيديولوجيات إلى حركات أو أيديولوجيات فرعية. فعلى سبيل المثال، في عام 2018، حددت بيانات "PIRUS" متطرفين مرتبطين بعدة حركات مناهضة للحكومة، وميليشيات التعديل الثاني للدستور، وحركة المواطن السيادي، وحركة تفوق البيض، والإرهاب البيئي، والفوضوية، وحركة مناهضة الإجهاض، ونظرية مؤامرةQAnon، وغيرها".

ومع استشهاد الأميركيين بتلك الدراسة الرسمية والاقتباس منها لتفنيد رواية ترامب وحلفائه، فوجئوا بحذف وزارة العدل الدراسة من موقعها الرسمي، لتظهر مكانها عبارة: "Page is now unavailable." ورغم ذلك، لا تزال الدراسة متاحة بنسخ مؤرشفة على الإنترنت، وإن لم تعد موجودة ضمن الموقع الرسمي للوزارة.

تتوافق النتائج التي خلصت إليها دراسة وزارة العدل مع عدة أبحاث أخرى؛ فبحسب دراسة مستقلة صادرة عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، والتي حلّلت 893 حادثة إرهابية بين الأعوام 1994 و2020، تبيّن أن "الهجمات والمخططات اليمينية شكّلت غالبية الحوادث الإرهابية في الولايات المتحدة منذ عام 1994."

وفي السياق ذاته، تؤكد النائبة التنفيذية لـ"المشروع العالمي ضد الكراهية والتطرف"، هايدي بايريتش، أن "البيانات المتعلقة بأعمال العنف السياسي تُظهر بوضوح أن اليمين المتطرف هو الذي يُحرّك الإرهاب في الولايات المتحدة، بما في ذلك استهداف، وفي بعض الحالات، قتل عناصر إنفاذ القانون. وهذا لا يعني غياب العنف من جهات يسارية متطرفة، لكنه ببساطة لا يبلغ حجمًا ولا فتكًا مماثلًا لما يصدر عن جهات يمينية متطرفة."

بداية موسم صيد الساحرات

بدأت حملة قوية لاستهداف الشخصيات ذات المواقف المتزنة في هذه الأزمة، قادها اليمين المتطرف وفي مقدمته إدارة ترامب. وكانت البداية مع النائب العام بام بوندي، التي طالب أنصار ترامب بإقالتها بعد تصريحها بأنها لن تتهاون مع "خطاب الكراهية" المتصاعد من الجانبين عقب مقتل تشارلي، معتبرة أن ذلك يتصادم مع التعديل الأول للدستور الأميركي.

أما التهديدات المباشرة فقد أطلقها نائب الرئيس جي دي فانس، الذي دعا أنصار ترامب إلى مضايقة وتهديد كل من لا يُظهر حزنًا كافيًا على موت تشارلي، قائلًا: "إن رأيتم أحدًا يحتفل بموت تشارلي، اتصلوا به وهددوه، وأبلغوا مدراءه. نحن لا نؤمن بالعنف السياسي وإنما بالمدنية، ولا مكان للمدنية في الاحتفال بالاغتيال السياسي".

بدأت حملة قوية لاستهداف الشخصيات ذات المواقف المتزنة في هذه الأزمة، قادها اليمين المتطرف وفي مقدمته إدارة ترامب

وخلال أيام من تصريحات فانس، بدأت عمليات فصل جماعي لموظفين وعمال في قطاعات مختلفة، وصولًا إلى الجامعات وحتى فصل طيار من عمله، على خلفية تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، تأسس موقع بعنوان "افضح قتلة تشارلي"، وجمع أكثر من 63 ألف بلاغ ضد مواطنين وناشطين أميركيين كتبوا تعليقات سلبية عن مقتل كيرك أو اقتبسوا تصريحات سابقة له تدينه.

وفي ولايات يقودها الجمهوريون مثل فلوريدا وتكساس، فُتحت تحقيقات مع معلمين متهمين بالإدلاء بتصريحات غير لائقة عن الحادثة. كما دعا الجيش الأميركي المواطنين إلى التبليغ عمّن "يحتفلون أو يسخرون" من الاغتيال، ما دفع العديد من الجنود إلى حذف منشوراتهم.

وتطورت الحملة لتصل إلى المجال الإعلامي، حيث أوقفت شبكة "ABC" برنامج المذيع الكوميدي جيمي كيميل المسائي، وألغت تعاقدها معه بعد أن علّق على الحادثة منتقدًا توظيف ترامب واليمين الأميركي لها سياسيًا، واقتبس في حديثه بعضًا من تصريحات كيرك السابقة.

وهكذا، تعيش الولايات المتحدة منذ حادثة الاغتيال أجواءً تُشبه ما يُعرف بالفترة المكارثية في خمسينيات القرن الماضي، عندما شنّ السيناتور جوزيف مكارثي حملة استهدفت الفنانين والصحفيين والمثقفين بدعوى الاشتباه في انتمائهم لليسار أو تعاطفهم مع الاتحاد السوفيتي، ما خلق آنذاك مناخًا من الخوف والاضطراب المجتمعي.

كلمات مفتاحية
نيكولاس ساركوزي

القضاء الفرنسي يُفرج عن نيكولاس ساركوزي

أصدرت محكمة الاستئناف في باريس، اليوم الاثنين، قرارًا بالإفراج عن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، بعد 20 يومًا قضاها في سجن لاسانتيه

الإغلاق

الولايات المتحدة تقترب من طي صفحة أطول إغلاق حكومي في تاريخها

يبدو أن الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس الأميركي يقتربون من إنهاء الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، والذي استمر لأربعين يومًا

زهران ممداني

تقدير موقف| دلالات فوز ممداني وانعكاساته على المشهد السياسي الأميركي

يمثّل صعود ممداني أحد التحولات السريعة واللافتة في المشهد السياسي الأميركي الحديث

جورجينيو
رياضة

إصابات وخيبات وليالي أرق طويلة: الوجه المظلم لكرة القدم

خلف عالم كرة القدم المبهر، هناك وجه آخر مظلم للعبة، ممتلئ بالدموع والخيبات ومشاعر الندم

هواوي
تكنولوجيا

أوروبا تدرس حظر هواوي.. هل تنجح في فك ارتباطها التكنولوجي بالصين؟

تأتي هذه الخطوة في وقت تتدهور خلاله العلاقات التجارية والسياسية بين الاتحاد الأوروبي والصين

أُنس جابر
رياضة

أٌنس جابر تبتعد عن الملاعب بسبب الحمل.. هل تنهي الأمومة مسيرتها؟

يظن الكثيرون أن تجربة الأمومة قد تنهي مسيرة لاعبات التنس، لكن تاريخ اللعبة حافل بالأمثلة التي تناقض ذلك

بوغونيا
أفلام

"بوغونيا": اختبار لانثيموس الأقل احتفالية

يُعرف يورجوس لانثيموس بصرامته الجمالية، وببنيته السينمائية التي تميل إلى التجريد والتقابل والدوائر المغلقة في السرد