01-يناير-2021

مشهد من حرائق الغابات في ولاية كاليفورنيا الأمريكية في أيلول/سبتمبر 2020 (Getty)

بعد تجميع بيانات التغير المناخي والكوارث الطبيعية، ووفق دراسات وإحصائيات طيلة القرن الماضي، حول درجات الحرارة وهطول الأمطار وكل ما يتعلق بالطقس والمناخ، وإلى جانب بيانات عشرات السنين الصادرة عن الأقمار الصناعية التي أرشفت الأعاصير وارتفاع مستوى سطح البحر، لم يبق هناك أي مجال للشك في أن ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض يزيد من تأثير الكوارث المناخية بشكل عام. ما يجعل من "يد الإنسان" سببًا في تحمل نتائج ما سيبدو عليه العالم في القرن القادم. خاصة في ظل تقارير تحذر من مغبة ارتفاع الاحتباس الحراري الذي يعتبر من صنع الإنسان ويؤدي إلى فساد النظام المناخي للمعمورة.

يزيد ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض من تأثير الكوارث المناخية بشكل عام ويرفع احتمالات حدوث الأعاصير المدمرة وما تجره من كوارث إنسانية واقتصادية

وقد حصدت 10 كوارث مناخية في العام 2020 أكبر تكلفة مادية في العالم، إذ وصلت قيمة أضرار هذه الكوارث مجتمعة إلى حوالي 150 مليار دولار أمريكي، بزيادة تصاعدية عما كانت عليه الأرقام عام 2019، وفق تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

اقرأ/ي أيضًا: سياسات المناخ الأمريكية.. أبعد من الدبلوماسية أقرب إلى الحرب

كما ينبئ تراكم الكوارث المناخية بانعكاس طويل الأمد على المناخ العالمي، وخاصة الاحتباس الحراري، فأغلب هذه الكوارث ليست نتائج عمل الطبيعة الخالص إنما تؤثر فيها الأعمال البشرية بشكل كبير. وفي مقدمة هذه الكوارث تأتي حرائق الغابات، التي خرجت عن السيطرة في أستراليا، وحصول عدد قياسي من الأعاصير في المحيط الأطلسي خلال تشرين الثاني/نوفمبر 2020، كما أودت الكوارث البيئية والمناخية بحياة 3500 شخص على الأقل وشردت أكثر من 13 مليون شخص حول العالم.

فيضان بيدفورد في المملكة المتحدة يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 2020 (Getty)

فيما يخص التكلفة المالية الحقيقية للكوارث الناجمة عن تغير المناخ، فقد كانت أعلى مما هو متداول في الواقع، لأن العديد من الخسائر كانت غير قابلة للإحصاء. في الوقت الذي يقع العبء بشكل غير متناسب على عاتق الدول الفقيرة، وفقًا للإحصاء السنوي لجمعية Christian Aid الخيرية، بعنوان عام من الانهيار المناخي. وقال  تقرير المنظمة الخيرية الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2020 أن 4% فقط من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الأحداث الكارثية المتعلقة بالمناخ في البلدان ذات اقتصادات الأجور المنخفضة تم التأمين عليها، مقارنة بـ 60% في الاقتصادات ذات الدخل المرتفع. مما يعني أن ما تكبدته الدول الفقيرة من خسائر مالية ناتجة عن التغير المناخي باهظ جدًا، خاصة في ظل عدم تعويض شركات التأمين عن الحوادث المناخية. وفند التقرير التكلفة الإجمالية للكوارث المناخية على البيئة والطبيعة التي قدرت بمليارات من الدولارات في كل بلد على حدة.

ألزم  اتفاق باريس للمناخ دول العالم بوضع حد أممي للاحتباس الحراري عند عتبة أقل من 2 درجة مئوية، وحتى 1.5 درجة مئوية إذا كان ذلك ممكنًا

ويشير التقرير إلى الخسائر في مجالات الزراعة والسياحة والاقتصاد، على سبيل المثال انخفضت نسبة زراعة الذرة وعدة محاصيل أخرى حيوية وفساد آلاف الأشجار المثمرة في الصومال وكينيا، مما عرض الأمن الغذائي فيهما للخطر. وحذرت منظمة الأغذية العالمية "الفاو" من أن سنة 2020 كانت من أسوأ السنوات في الـ25 سنة الماضية بالنسبة للزراعة. فيما قدر البنك الدولي الخسائر بحوالي 8 مليار دولار أمريكي في البلدين المذكورين، إضافة إلى هلاك آلاف الحيوانات البرية والطيور.

اقرأ/ي أيضًا: لاجئو المناخ.. نوع جديد من الهجرات في كوكب يضج بها!

أمثلة أخرى من أوروبا، التي تعرضت لأعنف الأعاصير، فقد كلف إعصار "أليكس" الخزينة الفرنسية سنة  2020 قرابة 6 مليار دولار أمريكي، بعد أن دمر الكثير من البنى التحتية. وفي إيرلندا وبريطانيا ضربت عاصفة "كيارا" في شباط/فبراير 2020، وأدت لخسائر بما يقارب 3 مليار دولار أمريكي. بينما في الولايات المتحدة الأمريكية حصلت خسائر بقيمة 16 مليار دولار أمريكي، وكلها تكاليف للكوارث البيئية الناجمة عن انعكاسات المناخ والاحتباس الحراري. أما الفيضانات الصيفية الشديدة في الصين والهند وبنغلادش فقد أتت بفعل الرياح الموسمية مع كميات غير عادية من الأمطار للعام الثاني على التوالي، ما تسبب بخسائر فادحة في قطاع الزراعة والبنى التحتية في هذه البلدان.

وبالنسبة لتوقعات مسار الاحتباس الحراري لعام 2021، فقد توقع علماء مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة أن يكون هذا العام أكثر برودة قليلًا من 2020، لكن في نفس الوقت سيكون عام 2021 ضمن تصنيف الـ6 سنوات الأخيرة التي تعتبر تصاعدية في الاحتباس الحراري. كما تشير التوقعات إلى استمرار التصاعد في مستويات ذوبان جليد المحيط المتجمد الشمالي وصولًا إلى عام 2035.

يذكر أن الاحتباس الحراري وما يسببه من مخاطر على الحياة في كوكب الأرض كان قد استدعى الحاجة لإبرام اتفاق باريس للمناخ عام 2015، الذي ألزم دول العالم بوضع حد أممي للاحتباس الحراري عند عتبة أقل من 2 درجة مئوية، وحتى 1.5 درجة مئوية إذا كان ذلك ممكنًا. وكان قد أظهر تقرير  صادر في عام 2018 عن اللجنة الاستشارية لعلوم المناخ التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، أن 1.5 درجة مئوية هي عتبة أكثر أمانًا، لكن احتمال البقاء دونها أصبح ضئيلًا للغاية، وفقًا للعديد من الخبراء.

 

اقرأ/ي أيضًا:

احذر.. التغير المناخي يهدد الصحة العقلية للإنسان بنسبة 50%!

الاحتباس الحراري.. خطيئة الشمال الغني يتحمل عواقبها الجنوب الفقير