16-نوفمبر-2019

تتجه مصر لإتمام صفقة السوخوي مع روسيا بعد رفض أمريكا بيعها مقاتلات "إف 35" (أ.ف.ب)

في الـ12 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، استقبل وزير الدفاع المصري، الفريق أول محمد زكي، نظيره الروسي سيرغي شويغو، وذلك للمشاركة في الاجتماع السادس للجنة الروسية المصرية المشتركة للتعاون العسكري التقني.

 حذرت الولايات المتحدة الأمريكية، مصر، من احتمالية وقوعها تحت طائلة العقوبات الأمريكية بسبب صفقة مقاتلات سوخوي الروسية

وبعد ساعات من مراسم الاستقبال، كان الوزير المصري على موعد مع استقبال من نوع آخر، حيث تسلم رسالة من وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين، يحذرانه فيها من احتمالية وقوع مصر تحت طائلة العقوبات الأمريكية وفق قانون "CAATSA"، بسبب صفقة طائرات روسية.

اقرأ/ي أيضًا: أسلحة كوريا الشمالية إلى مصر.. وثائق رسمية تكشف الصفقة السرية

في الـ18 من آذار/مارس الماضي، أعلنت صحيفة "كوميرسانت" الروسية، أن روسيا قد بدأت بإنتاج مقاتلات متعددة الأغراض من طراز "سوخوي سو 35" لصالح مصر، في إطار صفقة سلاح بقيمة حوالي ملياري دولار أمريكي، تم توقيعها بين البلدين منتصف عام 2018، تقضي بتوريد 20 طائرة من هذا الطراز. 

وبعد أسابيع من تلك الأنباء، وخلال زيارة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الولايات المتحدة، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أمام اللجنة الفرعية لاعتمادات العمليات بمجلس الشيوخ، إنه أوضح للقاهرة بأن المُضي في شراء تلك الطائرات سيضع مصر تحت طائلة العقوبات الأمريكية، وأن النظام المصري قد أعطاهم تطمينات بتفهمهم لذلك الأمر.

من 2008 بدأت القصة

تعود بدايات القصة لما قبل ذلك بكثير، تحديدًا منذ عام 2008، بعد إبرام الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقًا مع إسرائيل ببيعها المقاتلات متعددة المهام المتطورة "إف 35" والمعروفة باسم "الشبح". وقد حاولت مصر شراء تلك المقاتلة عدة مرات، كان آخرها عام 2018، حينما تلقى الرئيس المصري وعدًا من نظيره الأمريكي دونالد ترامب بتنفيذ هذا الطلب.

إف-35
يحظر البنتاغون تزويد أي من دول المنطقة باستثناء إسرائيل، بمقاتلات "إف 35"

 إلا أن حظرًا من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ببيع هذا الطراز لجميع دول الشرق الأوسط باستثناء إسرائيل، منع تنفيذ وعد ترامب، وهو السبب الرئيسي في اتجاه مصر للتزود بطائرات روسيا "سو 35".

وكان الحديث الأول عن تلك الصفقة عام 2014، إلا أنها لم تتم بشكل فعلي إلا منتصف عام 2018، ففي مقابل سعي الولايات المتحدة الأمريكية لتفوق إسرائيل على دور المنطقة عسكريًا، يحاول الجيش المصري معادلة القوة معها، ففي حين ترفض وزارة الدفاع الأمريكية توريد مصر بطائرتها الأحد،ث قامت حتى الآن بتزويد إسرائيل بـ13 طائرة منها، كان آخرها خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، فيما أشارت تقارير أخرى إلى اعتزام الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بقرابة 50 مقاتلة.

بين السوخوي والشبح

تشير العديد من التقارير العسكرية إلى التقارب بين المقاتلتين الروسية والأمريكية، ففي حين تنتمي "سو 35" إلى جيل 4.5 من الطائرات، تعتبر "إف 35" ثاني طائرات الجيل الخامس الأمريكية. وتتشابه السوخوي والشبح في أنهما من مقاتلات المقعد الواحد. 

لكن ثمة بعض جوانب الاختلاف بين المقاتلتين، إذ يزيد طول الطائرة الروسية عن الأمريكية بقرابة سبعة أمتار، إضافة إلى تفوق الروسية على الأمريكية في سرعتها البالغة 2700 كيلومتر في الساعة، في حين تبلغ السرعة القصوى للأمريكية 1930 كيلومتر في الساعة فقط. 

هذا التفوق في السرعة يجعل "سو 35" ذات قدرة فائقة على المناورة، إلى جانب المهام المتعددة، والتفوق الجوي، وضرب عدة أهداف برية وجوية في نفس الوقت، حيث إنها تسع قذائف "جو - جو" و"جو - أرض" بعدد 14 موضعًا، بالإضافة إلى مدفع رشاش من طراز "Gryazev-Shipunov GSh-30-1" و12 صندوق ذخيرة تناسبه، ويحتوي كل صندوق على 150 طلقة.

سوخوي سو 35
تتفوق المقاتلة الروسية "سوخوي سو 35" في بعض الجوانب القتالية على المقاتلة الأمريكية "إف 35"

أما المقاتلة الأمريكية فتتميز بتقنية كاشف المسح الإلكتروني والتخفي عن أنظمة الرادار. وتمتلك أربع مواضع للأسلحة، تستطيع حمل صواريخ "جو - جو" من طراز "AIM-120"، و"ستورم شادو"، وكذلك صواريخ "جو - أرض" من طراز "AGM-158"، بالإضافة إلى القنابل الموجهة، وذلك في موضعين داخل جسم الطائرة، بينما تمتلك موضعين أسفل الجناحين خارج جسدها إلا أنهما سيقللان من قدرتها على التخفي.

قانون العقوبات الأمريكي

تأتي التحذيرات التي وجهها الوزيران الأمريكيان مايك بومبيو ومارك إسبر إلى وزير الدفاع المصري وقائد القوات الجوية المصرية، من وقوع مصر تحت طائلة قانون "CAATSA"، وهو اختصار لـ"قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات"، والذي أقره مجلس الشيوخ في الثاني من آب/أغسطس من عام 2017، بأغلبية ساحقة بلغت 98 صوتًا من أصل 100، بعد مروره من مجلس النواب بأغلبية كبيرة أيضًا بلغت 419 صوتًا من أصل 435، ما اضطر الرئيس الأمريكي للتصديق عليه رغم عدم اعجابه به. 

ويقر القانون فرض عقوبات على "أعداء" الولايات المتحدة مثل إيران وكوريا الشمالية، مستهدفًا بشكل أساسي روسيا ومبيعاتها العسكرية، حيث يفرض القانون عقوبات على الدول التي تكون علاقات أو تعقد صفقات عسكرية معها تضر بالمصالح الأمريكية.

وبموجب هذا القانون فرضت واشنطن في أيلول/سبتمبر الماضي عقوبات على قسم التدريب والإمداد التابع للمجلس العسكري الصيني، بسبب شراء 10 طائرات روسية من طراز "سو 35"، وعدد من منظومات الدفاع الجوي الروسية "إس 400". 

من هذه العقوبات حظر منح تأشيرات تصدير أمريكية للقسم، وكذا حظر المعاملات المصرفية مع القطاع المالي الأمريكي، وتجميد كافة ممتلكات القسم الخاضعة للولاية القضائية الأمريكية، إضافة إلى منع رئيس القسم من دخول الأراضي الأمريكية، وتجميد حساباته وممتلكاته في الولايات المتحدة. 

وآنذاك، صرح المتحدث باسم الإدارة الأمريكية، بأن تلك العقوبات، وأخرى غيرها، ربما تُفرض على دول أخرى، بهدف منع تدفق الأموال للحكومة الروسية، وأن الإدارة الأمريكية حذرت دول العالم من شراء منتجات سوخوي.

وبالإضافة إلى تهديد واشنطن لألمانيا بفرض عقوبات بموجب نفس القانون، ردًا على مشاركة شركات ألمانية في بناء خط أنابيب الغاز "ستريم – 2" الروسي، فقد أعلنت واشنطن حرمان تركيا من اقتناء المقاتلة "إف 35"، وإخراجها من مشروع تصنيعها المشترك الذي كان قد بدأ بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول حلف الناتو ومن بينها تركيا.

منظومة صواريخ إس 400
بسبب صفقة منظومة صواريخ إس 400، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أنقرة

 وحينئذ، قال الرئيس الأمريكي إنه مضطر لرفض إتمام صفقات طلبتها تركيا بشراء 100 طائرة من هذا الطراز، ردًا على شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسي "إس 400"، مع تحذيرات شديدة اللهجة بفرض مزيد من العقوبات بسبب هذه الصفقة.

على الجانب المصري، يرى محللون عسكريون مصريون أن القاهرة عازمة على المضي قدمًا في تنفيذ صفقة مقاتلات السوخوي الروسية. فيما دعا آخرون، مثل المحلل السياسي المصري المتخصص في الشؤون الأمريكية، محمد المنشاوي، إلى "عدم الاعتماد على المعادلات التقليدية القديمة التي حكمت العلاقات بين مصر والولايات المتحدة"، لافتًا إلى أن "التصور الذي يسيطر على رؤية الجانب المصري المتعلق بمعادلة المساعدات الأمريكية" بات قديمًا وغير صالح للاستخدام.

من جانبه، يرى علي الرجّال، الباحث في الاجتماع السياسي والشؤون الأمنية، إن هناك رغبة قوية لدى النظام المصري في تعزيز القدرات القتالية والتسليح للجيش المصري، لعدة أسباب، بعضها داخلي وبعضها خارجي.

 بعد رفض الولايات المتحدة تزويد مصر بمقاتلات "إف 35" كما فعلت مع إسرائيل، اتجهت مصر إلى روسيا لشراء مقاتلات سوخوي سو 35

وقال الرجّال لـ"الترا صوت"، إن "صفقات السلاح الضخمة التي تعقدها مصر تُعزز من شعبية النظام والرئيس داخل القوات المسلحة، كما أن الجيش يريد أن يُحافظ على مكانته العسكرية في منطقة مضطربة ومليئة بالنزاعات والحروب"، لذا فإن النظام المصري يرى أن الحفاظ على القوة والمكانة العسكرية، يُعزز من دوره الإقليمي من ناحية ويحافظ على أمن وحماية الدولة من ناحية أخرى، بحسب ما أشار إليه الرجّال.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إنفوغراف: أبرز صفقات السلاح في المنطقة العربية خلال عام 2017

تعرف إلى الأسباب الحقيقية وراء حجب المعونة الأمريكية عن مصر