14-مارس-2025
أسوء أزمة إنسانية السودان

(AP) السودان يواجه أسوء أزمة إنسانية في تاريخه الحديث

قدّمت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، كاثرين راسل، في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي بشأن السودان، أمس الخميس، أرقامًا صادمة حول الأزمة الإنسانية التي يشهدها السودان، محذرة من تفاقم الوضع، إذ أصبحت المجاعة وسوء التغذية الحاد يهددان الملايين، لا سيما الأطفال.

وكان رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، محمد رفعت، قد أعلن أن "أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية بمستويات حرجة"، مؤكدًا أن "الوضع في السودان آخذ في التدهور".

أسوأ أزمة إنسانية في العالم

وأوضحت راسل في مقدمة إحاطتها أنه بعد ما يقرب من عامين من الصراع، بات السودان يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم. في ظل انهيار الاقتصاد والبنية التحتية والخدمات الاجتماعية، يُقدّر أن ثلثي السكان، أي أكثر من 30 مليون شخص، بحاجة إلى مساعدات إنسانية خلال العام الجاري، بينهم 16 مليون طفل يواجهون أوضاعًا مأساوية.

بعد ما يقرب من عامين من الصراع، أصبح السودان أكبر وأشد الأزمات الإنسانية في العالم. الاقتصاد والبنية التحتية والخدمات الاجتماعية تنهار، حيثُ يُقدّر أن ثلثي السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية

بحسب الإحاطة الأممية، يتفاقم الجوع في عدة مناطق، حيث يعاني ما لا يقل عن 1.3 مليون طفل دون سن الخامسة من المجاعة، إضافةً إلى مواجهة أكثر من ثلاثة ملايين طفل خطر أمراض مميتة مثل الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، نتيجة انهيار النظام الصحي.

أزمة متعددة الأبعاد تؤثر على كل القطاعات

تُشير راسل في إحاطتها الأممية إلى أن نحو 16.5 مليون طفل في سن الدراسة محرومون من التعليم، مما يهدد جيلًا كاملًا. علاوة على ذلك، تُنتهك حقوق الأطفال بشكل مروع، حيث تتلقى "يونيسف" تقارير مقلقة حول تجنيد الأطفال من قِبَل الجماعات المسلحة.

ووفقًا للإحاطة الأممية، تم الإبلاغ عن أكثر من 900 انتهاك جسيم ضد الأطفال بين حزيران/يونيو وكانون الأول/ديسمبر 2024، حيث كان 80% منها تتعلق بقتل وتشويه الأطفال، خصوصًا في دارفور والخرطوم والجزيرة.

وأضافت أنه في شباط/فبراير الماضي وحده، أسفر قصف على مدينة كادوقلي، جنوب كردفان، عن مقتل 21 طفلًا وإصابة 29 آخرين، كما قُتل 11 طفلًا في قصف لسوق للماشية في الفاشر، وقتل ثمانية أطفال، وأصيب ستة آخرون في قصف سوق في الخرطوم.

انهيار سيادة القانون وتصاعد العنف الجنسي

وتؤكد راسل في إحاطتها الأممية أن الانتشار الواسع للأسلحة المتفجرة يُشكل تهديدًا مستمرًا لحياة الأطفال والمدنيين، مشيرةً إلى أن هذه الأسلحة ستظل تهدد حياة 13 مليون مدني حتى بعد انتهاء النزاع.

وتشدد الإحاطة الأممية على أن السودان يشهد انهيارًا في سيادة القانون، وسط استخدام العنف الجنسي كأداة للإرهاب والتهجير القسري. وتُشير التقديرات الأممية إلى أن 12.1 مليون امرأة وفتاة، إلى جانب عدد متزايد من الرجال والفتيان، معرضون لخطر العنف الجنسي، بزيادة بلغت 80% عن العام الماضي.

وقالت راسل في الإحاطة الأممية إن "يونيسف" سجلت 221 حالة اغتصاب لأطفال في عام 2024 في تسع ولايات سودانية، وكان 67% من الضحايا فتيات و33% فتيان. من بين الحالات المسجلة، كان هناك 16 طفلًا تحت سن الخامسة، وأربعة منهم لم يتجاوزوا العام الأول من العمر.

الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية ووقف القتال

جددت راسل في إحاطتها التأكيد على أن إيصال المساعدات الإنسانية يواجه عوائق كبيرة بسبب غياب اتفاق بين الأطراف المتحاربة بشأن ممرات آمنة، مشيرة إلى أن نحو 770 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، لا سيما في المناطق التي يصعب الوصول إليها، محذرة من أن غياب المساعدات المنقذة للحياة سيعرض العديد منهم لخطر الموت.

وأضافت أنه منذ اندلاع الحرب في السودان، قُتل أو أُصيب أو اختُطف أكثر من 110 من عمال الإغاثة، مشددة على ضرورة تقديم دعم دولي للمنظمات الإنسانية، لضمان حماية موظفيها وتمكينها من إيصال المساعدات إلى الأكثر احتياجًا.

رغم التحديات، أكدت راسل في إحاطتها نجاح "يونيسف" وشركائها في توفير مياه شرب آمنة لأكثر من 9.8 مليون شخص، إلى جانب فحص 6.7 مليون طفل للكشف عن سوء التغذية، وعلاج 422 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد. كما قدمت خدمات الدعم النفسي والتعليم والحماية لـ2.7 مليون طفل ومقدم رعاية.

مع إعلان إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقف 90% من تمويل وكالة التنمية الدولية الأميركية عالميًا، باتت حياة ملايين النازحين في السودان مهددة، إذ يعتمد جزء كبير من القطاعين الإغاثي والإنساني على هذا الدعم.

مطالب عاجلة لمجلس الأمن

واختتمت راسل إحاطتها الأممية بالتأكيد على أربعة مطالب أساسية، تتمثل بـ:

  • حماية الأطفال والبنية التحتية

أكدت أنه يجب على المجتمع الدولي الضغط على الأطراف المتحاربة لاحترام القانون الإنساني الدولي ووقف العنف، بما في ذلك العنف الجنسي ضد الأطفال.

  • ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود

شددت على حاجة العاملين في المجال الإنساني إلى حرية الحركة عبر الحدود وخطوط النزاع لضمان إيصال المساعدات الضرورية.

  • وقف الدعم العسكري للأطراف المتحاربة

طالبت الدول الأعضاء في مجلس الأمن باستخدام نفوذها للحد من تصعيد العنف، ودعم الحوار السياسي لإنهاء النزاع.

  • زيادة التمويل الإنساني

أكدت حاجة "يونيسف" إلى مليار دولار في 2025 لمساعدة 8.7 مليون طفل، ويجب توفير التمويل الكافي لضمان استمرار الخدمات الأساسية للأطفال.

بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، فرضت إحدى الوكالات التابعة لقوات الدعم السريع قيودًا على سفر المنظمات الإنسانية التي لم توقّع اتفاقية تعاون، الأمر الذي تسبب في تأخيرات كبيرة بإيصال الإمدادات الأساسية إلى دارفور، وفقًا لما نقله موقع "الترا سودان".

كما وافقت السلطات السودانية على 66 طلب تأشيرة فقط من أصل 113 طلبًا قدمتها منظمات غير حكومية دولية. في المقابل، تم رفض 10 طلبات، بينما بقيت النسبة الأكبر من الطلبات المعلقة (68%) دون رد لأكثر من أربعة أسابيع، بما في ذلك طلبات كبار الموظفين، التي رُفضت رغم حصول أصحابها على موافقات دخول لمرة واحدة.

وأشار المكتب الأممي إلى أن وكالتين تابعتين للأمم المتحدة لديهما 20 طلبًا معلقًا، من بينها 10 طلبات تأخرت لأكثر من شهر. كما أوضح أن تأشيرات الدخول لمرة واحدة تمثل فقط نصف عدد التأشيرات المقدمة شهريًا، الأمر الذي يؤدي إلى تراكم الطلبات وعرقلة العمليات اللوجستية، مما يعيق الجهود الرامية إلى الاستجابة الفعالة للأزمة الإنسانية المتفاقمة في السودان.