30-سبتمبر-2015

الصياد فادي بعلبكي مع التمساح "ليبي" (أنور عمرو/أ.ف.ب/Getty)

رسميًا، أصبح تمساح نهر بيروت سابقًا، "ليبّي" تمساحًا بريطانيًا، بعد علاجٍ استمر لسنة بسبب المواد الشّديدة السّمية التي ابتلعها في نهر بيروت. نجح "ليبّي" في الاختلاط مع رفاقه التّماسيح في محمية بريطانية، وأثبت قدرته على التّأقلم مع الحياة الطّبيعية هناك، بعد قرابة العامين من ترحيله من لبنان.

"ليبّي" حقق حلم العديد من اللبنانيين، نجح في الهجرة التي ينشدها البعض، بعد أن وقع ضحية تهريب لمتجر حيوانات جلبه إلى لبنان، قبل أن يُرمى في نهر بيروت المليء بالنّفايات العضوية والكيميائية المسمّة، لتنقذه لاحقًا شباك الصّياد فادي بعلبكي، وتتولى تسفيره كما عيادته الطّبية جمعية "Animals Lebanon". "ليبي" هاجر هربًا من التّلوث، بينما يغرق اللبنانيون في أكوام النّفايات المرمية على الطرقات.

حقق التمساح "ليبي" حلم كثير من اللبنانيين وهاجر قبلهم

من سخرية القدر، أن يكون باب السّفارة حلم الشّباب بدل أبواب المصانع والشّركات، في بلدٍ جعل للسلاحف يومًا وعيدًا وطنيًا، في ظل انتشار البطالة وازديادها عامًا بعد آخر. يواجه اللبناني كما المقيم على الأراضي اللبنانية تهديدات أمنية، صعوبات معيشية واقتصادية، عدا عن ذلٍ يومي على أبواب المؤسسات، المستشفيات، الدّوائر الحكومية وغيرها، فيترك ليموت على باب المستشفى إن لم يستطع أن يؤمن مبالغ التّأمين الطّائلة المطلوبة، إلّا في حال تدّخلت الواسطة. الواسطة التي تبقي رقاب المواطنين تحت رحمتها، والتي أخرجت شربل نحّاس من الوزارة عند مطالبته بإقرار بطاقة تأمين صحيّة شاملة، كيف تسمح الواسطة/السّلطات ببطاقة تأمين تحرمها من ذل المواطن على أبوابها، وبالتّالي خسارته كناخبٍ محتمل؟

إقرأ/ي أيضًا: الإقطاع السياسي اللبناني.. ع السكين يا جمهور!

أمام تهميش الجامعة الوطنية لصالح الجامعات الخاصة، وتحويلها من صرح جامع لمختلف الطّوائف إلى مبانٍ محرومة من أبسط مقومات الصّيانة. إيقاف التّوظيف وإعتماد نظام التّعاقد أو المياومة، التّركيز على إدخال المؤسسات في حالة من الموت السّريري القائم على التّمديد، من مجلس النّواب وصولًا إلى قيادة الجيش والإدارات العامة حتّى، تدمير البنى التّحتحية من خلال تغييبها عن جداول الصّيانة، يجد اللبناني نفسه مخيّرًا ما بين الشّارع الذي أثبت مع الوقت عدم جدواه في ظلّ تحصّن النّظام خلف الذّريعة الطّائفية، أو مغادرة البلاد. هذا إذ ما رفض الخضوع للنظام الإجتماعي المفروض عليه، أي الرّضوخ إلى أجلٍ غير مسمّى، في نظامٍ قالبه ديمقراطي، ومضمونه شبيه بمضمون معظم الأنظمة العربية، ديكتاتوري توريثي.

لا شكّ أن معظمنا اليوم يحسد "ليبّي"، من ينقذنا من التّلوث، الفساد، الموت بتفجيرٍ لا ناقة لنا فيه أو جمل؟ صديقي "ليبّي" غادر، على أمل أن نتبعه نحن، أو أن ننجح في أن نُحيي الأمل في وطنٍ لسنا فيه على قيد الفرح، نصارع من أجل الحفاظ على موطنٍ للابتسامة على وجوهنا، علّنا ننجح في ذلك.