29-سبتمبر-2015

إجراءات أمنية مكثفة في الجامعات المصرية(محمد حسام/الأناضول)

يخرج آلاف الصغار في أحياء مصر المختلفة بعيون تقاوم النوم، حاملين حقائب ثقيلة وآمالًا أثقل في مستقبل يريدونه زاهرًا، رغم كل العوائق التي تنتظرهم. وعام دراسي جديد انطلق منذ أيام، حاملًا وعودًا وعديد المشاكل.

انطلق العام الدراسي، صباح الاثنين 28 من أيلول/سبتمبر الماضي، وذلك بعد جدال كبير حول موعد بدء الدراسة. أصرت وزارة التعليم المصرية على هذا التاريخ، في منتصف الأسبوع وخامس أيام عيد الأضحى. وصباح اليوم المنتظر، ازدحمت شوارع المدن والقرى المصرية إذ استقبلت مدارس مصر البالغ عددها  27 ألفًا و361 مبنى مدرسة، نحو 19 مليوناً و280 ألف تلميذ، ونحو 5 ملايين طالب التحقوا بالجامعات الحكومية والمعاهد العليا والجامعات الخاصة.

سبق انطلاق العام الدراسي في مصر جدال حول تاريخ بدء الدراسة

وأبرز ما ميز أول أيام العام الدراسي الجديد كان الاهتمام المفرط بتأمين العمل بالمدارس والجامعات، إذ شهدت محافظات كالمنوفية وأسيوط والأقصر والقليوبية جولات مكثفة للمحافظين يرافقهم مديري الأمن ومسؤولي التعليم لمتابعة سير العملية التعليمية. وكانت تصريحات المسؤولين عقب الزيارات بأن: "العملية التعليمية منظمة، وأعمال الصيانة بالمدارس متواصلة، تأمين المدارس ومحيطها أهم الأولويات، ضرورة الاهتمام بالأنشطة المدرسية لخلق جيل واعِ قادر على فهم ما يجري من حوله، عدم السماح للمدارس بأن تكون أماكن للأنشطة السياسية أو الترويج لأفكار معينة".

اقرأ/ي أيضًا: "الأمن الفكري" في المدارس المصرية..شرطة الفكر؟

لكن لم يهتم المسؤولون، خلال جولاتهم، بالكثافة الكبيرة بالفصول الحكومية والتي تصل في بعض الأحيان إلى 70 تلميذًا في الفصل الواحد، وعدم استعداد بعض المدارس لاستقبال هذه الأعداد. ففي محافظة الغربية، وهي إحدى المحافظات المصرية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، عبر التلاميذ عن غضبهم الشديد من عدم استعداد عدد من المدارس للعام الدراسي الجديد، مؤكدين أن مدارسهم الحكومية ليست نظيفة في ظل وجود أكثر من 100 تلميذ بالقسم الواحد.

وفي مدرسة طنطا الثانوية بنين، في نفس المحافظة، واجه وكيل المدرسة استياء التلاميذ من وجود فصلين فقط لجميع الاختصاصات بالقول: "عودوا لمنازلكم، هذا هو المتاح لدينا". يأتي هذا في ظل تصريح سابق لوزير التعليم المصري الهلالي الشربيني بأنه "ليس لديه أي مانع في السماح بزيادة أعداد المدارس التجريبية ومدارس اللغات والمدارس الخاصة في مصر، وتأكيده ثقة المواطنين في هذه المدارس وأن ليس هناك مانع في زيادة عددها لإرضائهم".

والمدارس التجريبية هي مدارس حكومية في مصر لكنها أكثر جودة من المدارس الحكومية، في القسم الواحد أقل من 40 تلميذًا وتدرس المواد العلمية والرياضيات فيها باللغة الإنجليزية وتكون مصاريفها أعلى من المدارس الحكومية وأقل من المدارس الخاصة.

اقرأ/ي أيضًا: تلاميذ غزّة.."نحن كالأرانب بالفصول"

وفي محافظة الفيوم، بشمال صعيد مصر، فوجئ أولياء أمور 76 تلميذًا وتلميذة، بإغلاق أبواب مدرسة "بنات سنهور الابتدائية" بإدارة سنورس التعليمية. ورفض قبول التلاميذ بفصول رياض الأطفال بالمدرسة، رغم استلام ملفاتهم والتزام أولياء الأمور بسداد 750 جنيهًا مصريًا. كما أغلقت نفس المدرسة أبوابها أمام تلاميذ مدرسة "منشأة دكم الابتدائية"، والتي تم التنبيه على تلاميذها بالتوجه لمدرسة "سنهور الابتدائية" في بداية العام الدراسي، بدعوى البدء في أعمال صيانة.

تعاني المدارس المصرية من اكتظاظ الفصول التي قد يتجاوز عدد تلاميذها الـ100 في الفصل الواحد

ورغم ارتفاع كثافة التلاميذ في الفصول إلا أن هناك 2367 قرية مصرية محرومة من التعليم الأساسي، حسب تصريحات رسمية، وتقدر نسبة هذه القرى بـ5.6 في المية من إجمالي قرى مصر، وهي تتمركز أساسًا في محافظات شمال وجنوب سيناء ومطروح والبحر الأحمر ومحافظات صعيد مصر.

وتعتبر تجربة مدرسة "المنيا الإعدادية الحديثة بنات"، التجربة المضيئة الوحيدة تقريبًا في بداية هذه السنة، إذ أقيم بهذه المدرسة أول فصل متنقل قابل للفك والتركيب لمواجهة مشكلة الكثافة الطلابية داخل المدارس. ويمكن "تركيب الفصل" في أية مدرسة تحتاج لفصول إضافية، ومن المنتظر تعميم هذه التجربة على مدارس أخرى في عدد من المحافظات.

أما في الجامعات فقد تم تشديد القبضة الأمنية، وساهم في ذلك تعاقد الجامعات مع شركات حراسة خاصة كـ"فالكون"، و"كوين"، وتتبع الثانية جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة. هكذا، صار الآلاف من أفراد الأمن داخل وخارج الحرم الجامعي مستعدين لمواجهة أية مظاهرة طلابية حتى لو كانت داخل نطاق الحرم. وتحولت جامعات مصر من قلاع علم وعمل إلى ثكنات عسكرية: تفتيش حقائب وسيارات الطلاب، زرعت كاميرات المراقبة في كل جانب، أجهزة الكشف عن المعادن والمتفجرات على بوابات الجامعة، وانتشار غير مسبوق لأفراد الأمن حاملين هراواتهم في وجه الطلاب.

أما على المستوى الرسمي، فيؤكد وزير التعليم العالي أشرف الشيحي أنه "لا مجال للعمل السياسي داخل أسوار الجامعة وأن الطالب الذي يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية"، في حين أكد رئيس جامعة القاهرة "السماح بالتظاهر السلمي من أجل المطالب الطلابية وليس للتخريب والدعاية الانتخابية والترويج السياسي"، وهو الآخر، لوح بورقة المساءلة القانونية في وجه من يخالف هذه التعليمات.
اقرأ/ي أيضًا: جامعة الاسكندرية المحاصرة