11-مايو-2017

الشيخ الأزهري سالم عبد الجليل يكفر المسيحيين (أرشيفية)

"تتقدم شبكة قنوات المحور الفضائية، بخالص اعتذارها عما جاء على لسان أحد مقدمي برامجها الدينية، من تراشق مع عقيدة الإخوة المسيحيين، فيما تراه إدارة المحور غير مُعبر عن رسالتها بأي حال من الأحوال، وهي التي تتبنى منذ انطلاقها عام 2002، مبدأ الرأي والرأي الآخر، دون مساس أو تجريح. وبناءً عليه فقد قررت إدارة قناة المحور، برئاسة الدكتور حسن راتب، إنهاء التعاقد مع الشيخ سالم عبد الجليل من تاريخه، مع الحفاظ على برنامج 'المسلمون يتساءلون' احترامًا للمشاهدين، وباعتباره من أقدم برامج القناة وعلامة مضيئة على درب الإسلام السمح ورسالته المتوازنة الحاضنة لجميع الرسالات السماوية".

كفر الشيخ سالم عبد الجليل المسيحيين، وانتقد من يقول للمسيحيين إنهم مؤمنون

بهذه الكلمات صدر بيان قناة المحور الفضائية المصرية، كي تبرئ نفسها من الحديث المثير للجدل الذي جاء على لسان الشيخ الأزهري سالم عبدالجليل، عبر شاشة القناة. ولمن لا يعرف سالم عبدالجليل، فهو شيخ أزهري وإمام وخطيب بمساجد الأوقاف، وكان قد كفّر منذ يومين المسيحيين واصفًا إياهم بأصحاب العقيدة الفاسدة، مهاجمًا كذلك بعض الشيوخ الذي قال إنهم "يضللون المسيحيين، ويقولون لهم إنهم مؤمنون".

أثارت هذه التصريحات حفيظة كثير من المشاهدين، ووُجّهت العديد من الانتقادات للقناة، ما دفعها لتعلن عن إنهاء تعاقدها سريعًا مع الشيخ المذكور، وتعتذر للمشاهدين عمّا بدر منه. إلا أن ذلك لم يكن كافيًا، فقد رفع المحامي القبطي نجيب جبرائيل دعوى قضائية على الشيخ سالم عبدالجليل، يتهمه فيها بازدراء الأديان، وحُددت جلسة 24 حزيران/يونيو القادم لمناقشة الأمر، كما أعلن محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصرية عن منع الشيخ المذكور من صعود المنابر التابعة للأوقاف مرة أخرى في حال إثبات خطئه، ولن يصعد المنبر قبل أن يعتذر عمّا بدر منه، ونفى وزير الأوقاف علاقة سالم عبدالجليل بالوزارة.

اقرأ/ي أيضًا: الأزهر التاريخي في دورانه

كان هذا الأمر بمثابة الزوبعة الجديدة وحديث الإعلام المصري في اليومين المنصرمين. وجاءت هذه التصريحات في وقت حرج حيث تمر مؤسسة الأزهر بشبه معركة مع مؤسسة الرئاسة حول استقلالية الأزهر، والأمر لم يكن بحاجة إلى إثارة البلبلة في الوقت الراهن، حول التصريحات التي تخرج من رجال الأزهر، فهذه التصريحات تقلل من فرص فوز الأزهر الشريف بالمعركة الجارية، إن جاز لنا إطلاق لفظ "المعركة"، لتعود بنا من جديد إلى دوامة ووهم "تجديد الخطاب الديني" وما إلى ذلك.

ويجب الإشارة هنا إلى تصاعد وتيرة خطابات الكراهية والتحريض على الأقلية من أصحاب الديانات الأخرى، بخاصة بعد صعود التيار الإسلامي إلى سدة الحكم بعد ثورة 25 يناير، إلا أن هذه الخطابات لم تتوقف حتى بعد إنهاء فترة حكم الإخوان المسلمين، وشهدت السنوات القليلة الماضية أعدادًا كبيرة من الحوادث الطائفية، سواء الفردية أو الممنهجة، بتحريض من إمام مسجد في قرية ما، أو حوادث إرهابية استهدفت كنائس بعينها.

وبسبب تصاعد هذه الخطابات الطائفية، وتنامي قوة الجماعات المسلحة مثل تنظيم ولاية سيناء، فرع داعش في مصر، أصبح رجال الدين في موضع اتهام دائم ودفاع عن عقيدتهم، ولأن الأزهر الشريف هو المؤسسة الدينية الأولى في مصر، فظل يؤكد على سياسته الوسطية التي ترفض تكفير الآخرين، وتدعو إلى السماحة وقبول الآخر أيًا كانت عقيدته. 

أصبح رجال الدين في موضع اتهام دائم، بسبب تصاعد الخطابات الطائفية وتنامي قوة الجماعات الإرهابية

إلا أن التصريحات التي تأتي من رجاله كانت تهدم كل هذه المحاولات في لحظات، وفي الحقيقة فالأزهر ليس براء مما يُنسب إليه من مساهمته في تنامي الخطابات المتطرفة، فموقف الأزهر في السنوات الماضية لم يكن واضحًا وحاسمًا من قضايا عديدة شائكة، كموقفه من داعش على سبيل المثال، فنرى أن الأزهر يرفض تكفير التنظيم لأن هذا يخالف عقيدته أو سياسته، ولكن يخرج رجال الأزهر بشكل فردي في كل يوم بفتوى جديدة لتكفير فئة معينة من المجتمع، والتحريض المباشر أو غير المباشر عليها، والمواطن المصري البسيط في الأخير لا يعلم الفرق بين التصريحات الرسمية والآراء الشخصية لرجال الأزهر، فبالنسبة له كل من يلبس عمامة هو ممثل مباشر للأزهر الشريف.

اقرأ/ي أيضًا: مشايخ السلطة.. الصراع على تصدر المشهد

فالأزهر إذن قد لا يكون براء من كل هذا لأنه لم يكن حاسمًا في وقت الأزمات الحقيقية، وكانت مواقفه بالتعبير المصري أشبه "بالرقص على السلالم"، يحاول كسب رضا الجميع دون أن يخسر أحد، فتظهر خطاباته في النهاية بميوعة شديدة غير مستساغة لأحد، ولا تصل إلى آذان المواطنين وإنما تصل إليهم الآراء المتطرفة لتصنع أزمات جديدة وتضع الأزهر في موضع الدفاع مرة أخرى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لطميات على جثة المسيح

هل يمنع "الأزهر" ظهور المسيح في القاهرة؟