24-سبتمبر-2021

صورة تعبيرية (Getty)

في سعيه للحصول على دعم صندوق النقد الدولي، يجب على لبنان أن يتصدى لسؤال تهرب منه منذ بداية الأزمة المالية والنقدية قبل عامين. فكيف ينبغي للبنان أن يوزع الخسائر الضخمة الناجمة عن انهياره المالي؟ حتى اليوم، كانت الإجابة بسيطة للغاية، فالمواطن دفع الثمن بعد أن تبخرت مدخراته، وانهارت قيمة العملية الوطنية، وارتفعت الأسعار بنسب جنونية وأصبحت غالبية السلع غائبة من السوق، وإن توفرت فيتم تسعيرها بالدولار. وعانى المواطنون ولا يزالون من تقنين طويل في الكهرباء وشح شديد في الوقود والأساسيات الأخرى، وتضاءلت قيمة الودائع بالعملات المحلية أي بالليرة اللبنانية، فيما يمكن وصفه بحكم الأمر الواقع، بنسبة تصل إلى 80% على قيمة المدخرات في النظام المصرفي، بينما هربت النخبة الحاكمة مليارات الدولارات إلى الخارج في بداية الأزمة، بحسب ما أفادت وكالة رويترز.

يعيش لبنان هذه الأيام في ترقب للتحديات التي ستفرضها المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والتي من المتوقع أن يصعب الإيفاء بها على الرغم من غياب الحلول البديلة

انهار النظام المالي في عام 2019 بسبب عقود من الفساد والهدر في الدولة والطريقة غير المستدامة التي تم تمويلها بها، وكان الدافع الأساسي وراء ذلك تباطؤ تدفقات العملة الصعبة إلى النظام المصرفي، الذي أقرض الحكومة بكثافة. أما خطة العام الماضي، 2020، فحددت وجود فجوة في النظام المالي بقيمة 90 مليار دولار، تم إسقاطها من قبل المصارف التي اشتكت من أنها تجعلها تتحمل الكثير من فاتورة الانهيار، ولاقت دعمًا من قبل النخبة الحاكمة التي دفعت لبنان إلى أزمته.

اقرأ/ي أيضًا: ما علاقة لقاحات كورونا بأزمة دور رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في إنجلترا؟

وبعد مضي 13 شهرًا من المشاحنات السياسية، وبعد نجاح رئيس الوزراء الجديد، الملياردير نجيب ميقاتي، بتشكيل حكومة توافقية جديدة، فإن مفاوضات صعبة تنتظر مع صندوق النقد الدولي لتأمين المساعدات للبلد الذي تتحلل فيه كل مجالات الحياة الاجتماعية والخدماتية والأمنية. وقد يكون لميقاتي فرصة أفضل في محادثات صندوق النقد الدولي مقارنة بسلفه بأن صفقة مع صندوق النقد الدولي هي الطريق الذي لا مفر منه للمساعدة. وتشير مصادر سياسية إلى أن العديد من الإصلاحات التي قد يسعى إليها صندوق النقد الدولي، بما في ذلك خفض الدعم وتوحيد أسعار الصرف العديدة في الاقتصاد النقدي اللبناني الفوضوي، أصبحت حقيقة واقعة مع جفاف العملة الصعبة، بحسب ما نقلت صحيفة الدايلي ستار.

هذا ويصنف البنك الدولي الكساد الاقتصادي في لبنان بأنه من الأشد منذ منتصف القرن التاسع عشر، مع تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 40% بين عامي 2018 و2020. فحتى خلال الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990، ظلت البنوك قادرة على الوفاء بالديون. وتتجلى العقبة الأولى أمام الصفقة مع صندوق النقد الدولي، الاتفاق على توزيع الخسائر، وهي مهمة ستكون صعبة للغاية حيث واجهت خطة العام الماضي معارضة من أصحاب المصلحة بما في ذلك المصارف التي اعتبرتها بأنها تأتي على حسابها. وأشارت مؤسسة الخدمات المالية، جولدمان ساكس، إلى أن إبرام اتفاق بشأن هذه القضية من المرجح أن "يكون من الصعب تحقيقه، ويمثل عقبة حاسمة على طريق الانتعاش".

وقال مصدر مالي مطلع على المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في لبنان، بوجود مجال لتقديم تنازلات بشأن الخسائر من قبل الأطراف الحاكمة والمصارف بغية دفع الزخم إلى الأمام لدعم صفقة صندوق النقد الدولي، ما يعني أن هناك احتمالًا أكبر بكثير للتوصل إلى اتفاق، وأضاف المصدر "ليس علينا أن نتحول إلى فنلندا أو السويد لإبرام برنامج صندوق النقد الدولي، بل علينا أن نفعل الحد الأدنى المطلوب منا، بما في ذلك الاعتراف بالخسائر في القطاع المصرفي والبنك المركزي، والاتفاق على توزيع عادل لهذه الخسائر عبر إصدار قوانين ملزمة لمراقبة رؤوس الأموال وتوحيد سعر الصرف لليرة اللبنانية أمام الدولار"، بحسب ما أورد موقع CNWnews

ويطالب المانحون بإصلاحات عديدة في مقدمتها إصلاح قطاع الكهرباء الذي تديره الدولة والذي استنزف الخزينة العامة ومع ذلك لا يوفر الكهرباء للبنانيين. من جهته، شكك المدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي، نديم حوري، في أن الحكومة الجديدة ستتعامل بجدية مع صندوق النقد الدولي. وقال "هذه حكومة هي الحكومة التي من المفترض أن تعمل على تحسين صورة الأحزاب التقليدية قبل الانتخابات في العام المقبل"، نقلًا عن موقع "السياسي".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قضية الشابة نور المطيري تشغل الرأي العام في الكويت

انتقادات حقوقية للإجراءات المستجدة في مخيمات اللجوء اليونانية