24-يناير-2023
ديفاداسي

سيدات هنديات من طبقة الديفاداسي يطالبن بحقوقهن (Getty)

بدأت سنوات العبودية الجنسية لهوفاكا بيمابا، عندما سلبها خالها عذريتها، واغتصبها مقابل وشاح بسيط وبعض المجوهرات، بدعوى تكريسها لإلهة هندية عندما كانت طفلة. 

فكرة العبودية الجنسية التي تنتشر اليوم لم تكن جزءًا من تقليد التكريس الأصليّ في الثقافة الهندية

لم تكن بيمابا قد بلغت من العمر 10 سنوات عندما أصبحت واحدة من "المكرّسات" (devadasi)، وهنّ الفتيات اللواتي أجبرن من قبل ذويهنّ على الدخول في طقوس زفاف مزركشة لعقد قرانها مع إله هندوسي، ثم أجبر العديد منهن بعد ذلك على ممارسة الدعارة غير القانونية.

التقليد الأصلي يقضي أن تعيش الفتاة المكرّسة للآلهة (ديفاداسي) حياة من التفاني الديني، فتكون بتولًا يحظر عليها الزواج من بالبشر، باستثناء أنّه يتمّ إجبارها عند سنّ البلوغ على فض عذريتها من قبل رجل أكبر سنًا، مقابل المال أو بعض الهدايا.

ديفاداسي

وفي تقرير نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، فإن بيمابا صارت الآن في أواخر الأربعينيات من عمرها، وقالت لمعدّة التقرير إنه قد جرى "اغتصابها" وانتهاك عذريتها من طرف خالها المباشر، قبل أن تجد نفسها بعد سنوات في حالة استعباد جنسي، إذ كانت أسرتها تستغلها لكسب المال مقابل الجنس مع رجال آخرين، وإيهامها بأن ذلك جزء من خدمة الآلهة. 

إلا أن بيمابا قررت في النهاية الهروب من ذلك الجحيم، ولأنها حرمت من كل سبل التعليم والتدريب، فإنها لم تجد عملًا سوى في الحقول، حيث بالكاد تكسب دولارًا واحدًا في اليوم. كما أنها تعاني من وصمة اجتماعية تلاحقها حتى اليوم، بسبب جناية أهلها عليها، وصارت منبوذة في أعين من حولها، واستحالت فرصها في الزواج وتكوين أسرة. 

تقول بيمابا: "لو لم أكن ديفاداسي (مكرّسة للآلهة)، لكانت لدي أسرة وأطفال وبعض المال. كنت سأعيش بشكل جيد".

وبحسب التقرير، فإن هذا التقليد كان في الماضي سائدًا على نحو كبير في ثقافة بعض القرى في جنوب الهند، وكانت الفتاة التي تكرّس للآلهة تحظى باحترام كبير في المجتمع، وكان الكثير منهنّ يحظين بتعليم وتدريب على الفنون والموسيقى والشعر، كما كان يتاح لهنّ تقرير موعد فض البكارة واختيار الشريك الذي يحظى بها، إلا أن ذلك كان قبل بضعة قرون، ولم يعد الأمر اليوم كما كان في الماضي. ففكرة العبودية الجنسية التي تنتشر اليوم لم تكن جزءًا من تقليد التكريس الأصليّ في الثقافة الهندية. 

وبحسب التقرير، فإن التحوّل في هذا التقليد قد بدأ في القرن التاسع عشر، إبان الاستعمار الإنجليزي للهند، حيث تحوّل تكريس الفتيات إلى وسيلة للارتزاق منهنّ عبر تشغيلهنّ في الدعارة. 

أمّا اليوم، وبرغم الحظر القانوني للتقليد، إلا أنه ما يزال حاضرًا لدى بعض الأسر المعدمة في أسفل التسلسل الهرمي الطبقي الصارم في الهند، كوسيلة للتخلص من البنت وعبء تربيتها والإنفاق عليها، لاسيما وأنه عادة ما يُنظر إلى الفتيات على أنهن عبء كبير للأسرة، خاصة حين تبلغ سنّ الزواج، إذ تتكلّف هي وعائلتها بتوفير المهر وتكاليف الزفاف التقليدي. 

رغم مضي أربعة عقود على الحظر الرسمي الذي فرضته الدولة على هذا التقليد، إلا أنه يزال هناك أكثر من 70 ألف فتاة "مكرّسة" في ولاية كارناتاكا الهندية

ورغم مضي أربعة عقود على هذا الحظر الرسمي الذي فرضته الدولة على هذا التقليد، إلا أنه يزال هناك أكثر من 70 ألف فتاة "مكرّسة" في ولاية كارناتاكا الهندية، حسبما كشفت هيئة هندية لحقوق الإنسان العام الماضي.