24-سبتمبر-2020

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 3 نيسان/ أبريل 2020 (دوغ مايلز بول/Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير 

ينطلق تقرير نشره موقع دويتشه فيله الألماني، للويس ساندرز وتوم ألينسون، من الجملة الشهيرة التي خاطب فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المجتمعين خلال قمة مجموعة السبع العام الماضي، والتي كان خلالها يردد السؤال عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي: "أين ديكتاتوري المفضل؟"، كمقدمة استهلالية لمناقشة مستقبل الدول الاستبدادية إذا ما فاز ترامب بولاية ثانية في البيت الأبيض.

ترجم ترامب "ولعه" بالزعماء الأقوياء إلى تساهل متزايد مع انتهاكات حقوق الإنسان، خاصةً في مصر والمملكة العربية السعودية

ويعيد مستهل تقريره التذكير بالأوصاف التي أطلقها ترامب على القادة المستبدين على مستوى العالم خلال الأعوام الماضية، بما فيها وصفه لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بـ"الزعيم العظيم"، أو تصريحه عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "شخص ألطف مني (من ترامب).

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات مستمرة في مصر تطالب السيسي بالتنحي عن السلطة

لكن ما بدا واضحًا خلال الفترة التي قضاها الملياردير الأمريكي الذي تحول من عالم الاقتصاد إلى عالم السياسة بانتخابه رئيسًا للولايات المتحدة، أن سياسته في الشرق الأوسط لعبت دورًا نشطًا في تنصيب بعض الزعماء والإطاحة ببعضهم،  بعدما ترجم ترامب "ولعه" بالزعماء الأقوياء إلى تساهل متزايد مع انتهاكات حقوق الإنسان، خاصةً في مصر والمملكة العربية السعودية.

وينقل التقرير على لسان الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية عمر مجدي قوله إن: "القادة العرب مثل السيسي تسعدهم بشدة رؤية قوة عالمية مثل الولايات المتحدة يقودها رئيس يهاجم الصحافة علنًا، ويتجاهل حقوق الإنسان، ويحكم بأجندة شعبوية"، لافتًا إلى أنه ليس مستغربًا حصول ترامب على دعم معظم الحكومات العربية منذ عام 2016 حتى الآن.

حليف للسيسي في البيت الأبيض 

حصلت القاهرة على حليف قوي في البيت الأبيض بعد فوز ترامب بانتخابات الرئاسة، نظرًا للإجراءات التي اتخذها سلفه باراك أوباما بسبب الانقلاب العسكري الذي نفذه السيسي في العام 2013، عندما علق المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن للقاهرة، بما فيها تسليم مروحيات أباتشي الهجومية، ومقاتلات الإف-16، وأكثر من 250 مليون دولار، ما شكل ضربةً كبيرة للقاهرة، على اعتبار أنها من أكبر الدول المتحصلة على المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية.

لكن ترامب بدلًا من الضغط على القاهرة لتحسين سجلها المرتبط بانتهاكات حقوق الإنسان، عمل على تعزيز المساعدات الاقتصادية والعسكرية للقاهرة بشكل مباشر، وكان من ضمنها سعي القاهرة للحصول على 1.4 مليار دولار لـ"المساعدة الثنائية" في عام 2021، ومعظمها مخصص للمساعدة في القطاعين العسكري والأمني، بينما لا تزال أجهزة الأمن المصرية تستهدف النشطاء والمعارضين بشكل روتيني.

أمريكا أولًا.. السعودية ثانيًا

لكن السيسي ليس المستبد العربي الوحيد الذي يتلقى دعمًا من ترامب، فقد أشار التقرير إلى أن فترة ولاية ترامب شهدت تحولًا جذريًا في العلاقات بين الرياض وواشنطن، على عكس سلفه باراك أوباما، من حيث أن السعودية كانت أول وجهة خارجية رسمية للملياردير الأمريكي بعد تنصيبه رئيسًا، كما حظي ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان على دعم واسع النطاق من البيت الأبيض، على الرغم من أن العديد من الدول الغربية نأت بنفسها عن مثل هذا الدور.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا اختار قادة الدول من خلفيات لكلماتهم المسجلة في أول جلسة للجمعية العامة؟

 

كذلك، عملت إدارة ترامب على حماية ابن سلمان من الإجراءات التي أراد الكابيتول هيل اتخاذها ضده، بشأن مقتل المعارض السعودي المُقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي عام 2018، أو من خلال موافقته على صفقة أسلحة للرياض وحلفائها بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي، رغم الاعتراضات المتزايدة على الحرب السعودية الوحشية في اليمن، وتعزز موقف الرياض بشكل أكبر مع انسحاب إدارة ترامب الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني، ما وضعه في خلاف مع الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق.

ما المتوقع في حال فوز بايدن؟

بعد استعراضه لعلاقة ترامب مع اثنين من أبرز الحكام المستبدين في العالم العربي، يشير تقرير دويتشه فيله متساءلًا عن التغيير الذي يمكن حدوثه على أرض الواقع إذا ما فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة، والذي وصف سابقًا السعودية بأنها دولة "منبوذة"، وتضمنت حملته الانتخابية وعودًا بانهاء دعم واشنطن لحرب الرياض في اليمن، إضافةً لوقوفه في وجه منتهكي حقوق الإنسان.

حظي ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان على دعم واسع النطاق من البيت الأبيض في عهد ترامب، على الرغم من أن العديد من الدول الغربية نأت بنفسها عن مثل هذا الدور

وفي تصريحات سابقة مرتبطة برؤية إدارة بايدن للقضايا الحقوقية على مستوى العالم، قال بايدن إنه "يجب أن تأتي حقوق الإنسان في صميم علاقتنا بالعالم، وليس على هامش العلاقة، وفي حال انتخابي رئيسًا فسوف يحاسب جو بايدن المملكة العربية السعودية والصين، وكل دولة تنتهك حقوق مواطنيها"، بالأخص أن بايدن كان نائبًا لأوباما خلال ولايته الثانية، ما يرجح أن تكون سياسته مشابهة لسياسة أوباما، وأكثر ما يدعم هذه الفرضية اعتماده على فريق من المستشارين شغلوا مناصب مختلفة في إدارة أوباما.

غير أن هناك رأي لبعض الخبراء يفيد بالاعتقاد بعدم ظهور تغيير كبير على الموقف الأمريكي الأوسع تجاه منطقة الشرق الأوسط، حيث ستستمر واشنطن بتحويل سياستها الخارجية إلى الشرق نحو منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لكن الزميل في المعهد الألماني للشؤون الإسلامية غيدو شتاينبرغ يرى أن بايدن ملزم بـ"قبول حقيقة حاجته لكافة حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خاصة في حال أراد مواصلة اتجاهه نحو آسيا".

ويختتم التقرير بالقول إنه على الرغم من تعهد بايدن خلال حملته الانتخابية بالعودة للاتفاق النووي الإيراني مع شروط أكثر صرامة، لتكون بذلك سياسته متماشية مع حلفاء واشنطن الأوروبيين، فإن هذا الطريق غير واضح بعد، رغم التفاؤل الأوروبي بعودة للعلاقات الأكثر تعاونية بين الطرفين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

معارضون سعوديون يعلنون تأسيس حزب سياسي في الخارج باسم "التجمع الوطني"

تسريبات: مالك نادي تشيلسي "تبرع" بملايين الدولارات لدعم الاستيطان في القدس