22-فبراير-2025
طولكرم الضفة الغربية

(AP) جنود الاحتلال يتفقدون بطاقة نساء نازحات قسرًا من مخيم نور شمس في الضفة المحتلة

يواجه سكان الضفة الغربية موجة نزوح قسري متصاعدة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ شهر، حيث تشير التقديرات إلى أن آلاف الفلسطينيين أُجبروا على مغادرة منازلهم، خاصة في مخيمات طولكرم ونور شمس، بسبب الاقتحامات المستمرة والدمار الواسع، ويضطرون إلى العيش في ظروف قاسية، بينما يواصل جيش الاحتلال هدم المنازل وتوسيع الطرق العسكرية داخل المخيمات، وفقًا لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

بحسب صحيفة "هآرتس"، فإن التقديرات تشير إلى أن العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال على مخيمات الضفة الغربية تسبب في نزوح ما بين 30 إلى 40 ألف فلسطيني، نزح نحو 500 منهم إلى بلدة كفر اللبد، شرق مدينة طولكرم، شمالي الضفة الغربية، حيث يقيمون داخل شقق مستأجرة أو في مخيمات أُنشئت مؤقتًا للنازحين. وأشارت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال أجبرهم على النزوح عندما بدأ باقتحام مخيم نور شمس في التاسع من شباط/فبراير الجاري.

استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية

يصف إبراهيم، أحد النازحين من مخيم نور شمس، ما حصل في تلك الليلة، قائلًا: "حاصر جيش الاحتلال المخيم بالكامل في منتصف الليل، ثم بدأ باستخدام مكبرات الصوت لإجبار السكان على المغادرة". ويكمل مضيفًا: "ثم اقتحم الجنود منزلي واقتادوني معهم. كان الطقس باردًا وماطرًا". يتابع إبراهيم روايته، قائلًا: "استخدموني كدرع بشري، حيث سار الجنود خلفي ووضعوا أسلحتهم على جسدي، حتى أكون أنا الضحية إذا تعرضوا لإطلاق نار".

يواجه سكان الضفة الغربية موجة نزوح قسري متصاعدة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ شهر، حيث تشير التقديرات إلى أن آلاف الفلسطينيين أُجبروا على مغادرة منازلهم

وأوضح إبراهيم في حديثه أن جنود الاحتلال اقتادوه عبر ثلاثة أو أربعة أحياء، حتى وصلوا إلى حي المنشية في طولكرم، حيث أجبروه على التوجه جنوبًا سيرًا على الأقدام، دون أن يأخذ معه أي شيء. وأضاف أن والديه بقيا في منزلهما الواقع على أطراف المخيم، رغم معاناتهما من انقطاع المياه ونقص الغذاء، لافتًا إلى أن "المتاجر المحلية مغلقة معظم الوقت، والطعام يدخل المخيم بكميات قليلة جدًا وعلى فترات متقطعة".

انتهاكات مستمرة

كان جيش الاحتلال قد وسّع عدوانه على مدينة طولكرم ومخيمها في الـ21 من كانون الثاني/يناير الماضي، مما أسفر عن دمار واسع في المدينة، بالإضافة إلى التهجير القسري لآلاف الفلسطينيين. كما هدم 11 منزلًا، الثلاثاء الماضي، لتسهيل حركة آلياته العسكرية داخل المخيم.

يقيم إبراهيم حاليًا مع 70 شخصًا داخل قاعة تحولت إلى مأوى مؤقت في كفر اللبد، حيثُ يفترشون الأرض داخلها للنوم. ومع ذلك، قام جيش الاحتلال باقتحام القاعة في وقت سابق من الشهر الجاري، واعتقل ثلاثة أشخاص، وفقًا لشهادات النازحين الذين تحدثوا لـ"هآرتس".

جهود إغاثية شعبية

يؤكد سكان كفر اللبد أن مستلزمات المأوى المؤقت تم الحصول عليها عبر مبادرات فردية من الأهالي. يقول إمام أحد مساجد البلدة والمشرف على إدارة ملف إغاثة المأوى، عبد الله ياسين فقهة: "عندما بدأ الهجوم على مخيم نور شمس، خرج أهل القرية عند الفجر لاستقبال إخوانهم النازحين". وأضاف: "الجميع تحرك للمساعدة، هناك من جلب فراشًا، وآخر وفر بطانيات. لم تكن هناك أي استجابة من المنظمات المحلية أو الدولية، كل ما تم هنا هو جهد شعبي خالص".

أُجبر وليد مع زوجته وأطفاله الستة على مغادرة مخيم طولكرم. يقول لـ"هآرتس": "لقد طُردنا في منتصف الليل وتحت المطر"، ويضيف: "اقتحم الجنود منزل جيراننا، ثم جاؤوا إلينا صارخين: اخرجوا فورًا! قالوا لنا إننا سنتمكن من العودة خلال أسبوعين، لكننا هنا منذ 24 يومًا"، مشيرًا إلى أنهم غادروا المخيم دون أي ملابس إضافية أو أموال، بسبب تهديد جنود الاحتلال لهم.

يشير وليد إلى أن جيش الاحتلال يقوم باقتحام مخيمات الضفة الغربية أسبوعيًا، مما أجبر السكان على "التكيف مع هذا الروتين القاسي"، ويكمل موضحًا: "أصبحنا نحاول توقع موعد الهجوم كل أسبوع، سواء كان يوم الثلاثاء أو الأربعاء، ونستعد له بجمع المياه وتخزين الطعام لمدة أربعة أو خمسة أيام".

الاحتلال دمّر 50 منزلًا في طولكرم

تأتي شهادات النازحين الفلسطينيين من طولكرم بالتزامن مع تصعيد جيش الاحتلال عملياته العسكرية في الضفة، وإصدار رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أمرًا بإرسال قوات إضافية إلى الضفة، بعد تفجيرات العبوات الناسفة التي ضربت حافلات إسرائيلية في بات يام جنوب تل أبيب. كما أظهرت مقاطع مصوّرة جرى تداولها اقتحام نتنياهو، اليوم الجمعة، أحد منازل الفلسطينيين في طولكرم، وذلك بعد ساعات من إقدام وزير الأمن، يسرائيل كاتس، على الخطوة نفسها.

ونقلت وكالة "الأناضول" عن تقديرات رسمية أن نحو 90% من سكان مخيم جنين أُجبروا على النزوح قسرًا باتجاه بلدات وقرى في محافظة جنين. فيما قال رئيس اللجنة الشعبية لمخيم طولكرم، فيصل سلامة، إن جيش الاحتلال دمّر 50 منزلًا، بالإضافة إلى 280 محلًا تجاريًا منذ بدء العدوان على المخيم، لافتًا إلى أن مئات المنازل تعرضت لتدمير جزئي، فضلًا عن آلاف المنازل المُخربة والمكسّرة جراء عمليات التفجير والهدم والحرق التي ينفذها جيش الاحتلال.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أشارت في تقرير سابق لها إلى أن العدوان الإسرائيلي يستهدف المناطق الشمالية من الضفة الغربية، وخاصة جنين وطولكرم وطوباس، مما أجبر آلاف الفلسطينيين على ترك منازلهم والبحث عن مأوى لدى أقاربهم أو اللجوء إلى صالات الأفراح، والمدارس، والمساجد، ومباني البلدية، وحتى المستودعات الزراعية.

وفي المقابل، أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن شبكات المياه والصرف الصحي قد دُمّرت في أربع مخيمات للاجئين، مما أدى إلى تلوث مصادر المياه بمياه الصرف الصحي. ونقلت الصحيفة عن المسؤول عن خدمات الطوارئ في طولكرم، حكيم أبو صافية، قوله: "لقد أصبح المخيم غير صالح للسكن، حتى لو انسحبت القوات الإسرائيلية، فسنحتاج إلى شهور لإعادة الإعمار".

وقالت تقارير صحفية إن حكومة الاحتلال تخطط لتوسيع عملياتها الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، عقب مصادرتها لعشرات الآلاف من الدونمات. وحسب منظمة "السلام الآن" غير الحكومية، فقد تم طرح مناقصة لبناء 974 وحدة سكنية جديدة، من شأنها توسيع مستوطنة "إفرات" بنسبة 40%، والتي تقع بين مدينتي الخليل وبيت لحم، جنوب القدس المحتلة.