22-يناير-2023
gettyimages

يرغب الحلفاء في إعداد أوكرانيا لهجوم الربيع القادم (Getty)

ساهم الغزو الروسي لأوكرانيا، في إعادة الحياة إلى حلف شمال الأطلسي، وذلك بعد سنوات من الضعف خاصةً خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وقد كانت الحرب إعادة حيوية الحلف، إذ ساهمت في إعادة تمتينه وإعادة الزخم إليه من جديد. كما كانت مليارات الدولارات من الأسلحة التي تم الإعلان عنها هذا الشهر، هي شهادة على "فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تقسيم حلف الناتو بعد ما يقارب من العام على البداية الحرب".

ولكن ومع ذلك بدأت تظهر الانقسامات والخلافات داخل الحلف، وأصبحت أكبر من أن يتم التغطية عليها، وذلك بحسب تحليل لصحيفة النيويورك تايمز.

ساهم الغزو الروسي لأوكرانيا، في إعادة الحياة إلى حلف شمال الأطلسي، وذلك بعد سنوات من الضعف خاصةً خلال ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب

فبحسب الصحيفة الأمريكية، تدور الخلافات حول استراتيجية العام الجاري واحتياجات أوكرانيا العسكرية خلال الأشهر المقبلة، خاصةً في ظل الاستعدادات لهجوم الربيع. ورغم أن الخلافات تدور في مجملها داخل الاجتماعات المغلقة، إلّا أن رفض ألمانيا تقديم دبابات ليوبارد 2 لأوكرانيا، أظهر الخلافات بشكلٍ أكبر داخل الحلف، خاصةً مع نفاد صبر بريطانيا من وتيرة المساعدات الحالية.

ويدور التصور البريطاني، حول قناعة عبر عنها وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، خلال زيارته لواشنطن الأسبوع الماضي، متحدثًا عن أن أوكرانيا يمكن أن تنتصر في الحرب حال تحرك الحلفاء بشكل سريع وقاموا باستغلال نقاط ضعف روسيا، وهذا التصور توافق عليه بولندا ودول البلطيق وفنلندا.

getty

في المقابل، يدور التصور الأمريكي، بحسب حديث النيويورك تايمز، حول جزئية مفادها أنه من المهم تسريع المساعدات لأوكرانيا دون إغراقها بالمعدات التي لا يمكن تشغيلها. والمجادلة تستمر بالإشارة إلى أنه من الأفضل الاحتفاظ بخيارات أخرى للمستقبل، في ظل التوقعات بأن الصراع سيكون طويل الأمد، وأن روسيا تهدف إلى إرهاق أوكرانيا، بموجة من الهجمات القوية والتكتيكية، التي تشبه أسلوب الحرب العالمية الأولى والثانية.

وما يعبر عن هذا التصور أمريكيًا، حديث رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية مارك ميلي، الذي عبر عن قناعته بصعوبة هزيمة القوات الروسية عسكريًا هذا العام، وأفضل ما يمكن أن يحصل هو الضغط على روسيا للوصول إلى مفاوضات إنهاء الحرب، رغم أن التقييمات الدبلوماسية الأمريكية، تستبعد أن بوتين سوف يدخل في محادثات جادة.

getty

أمّا الانفجار الكبير، كما أشارت النيويورك تايمز، فقد جاء مع رفض الحكومة الألمانية، إرسال دبابات ليوبارد 2 الألمانية الصنع، التي يعتقد عسكريًا أنها يمكن أن تكون سلاحًا حاسمًا في الحرب. رغم أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أمضى عدة أيام في محاولة لإقناع الألمان بشحنها، أو على الأقل السماح لبولندا والدول الأخرى التي تستخدم الدبابات بإعادة تصديرها، إلا أنه وفي نهاية الاجتماعات رفضت ألمانيا هذه الفكرة.

وتعود الصحيفة الأمريكية، للتذكير بأن هذه الخلافات بين الحلفاء ليست بالجديدة، مستذكرةً الحروب السابقة التي خاضها الحلفاء، مشيرةً إلى أن الخلافات في زمن الحرب هي القاعدة وليست الاستثناء، مشيرةً للحرب العالمية الثانية، والنقاشات حول هزيمة ألمانيا النازية أولًا أو التحول إلى اليابان التي هاجمت أمريكا، وخلافات أخرى خلال الحرب الكورية وفيتنام وغزو العراق وأفغانستان، وتشير الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة كانت تنتصر في حسم النقاشات عادةً، لأنها تقدم الجزء الأكبر من القوة المقاتلة. والمختلف في هذه الحرب، هو أن أوكرانيا هي من تقاتل مباشرةً في الحرب، بحسب نيويورك تايمز، لكن صعود النقاشات حول التسليح، يأتي نتيجة تخطيط موسكو وكييف لشن هجمات جديدة في الربيع.

وباستمرار أكدت أوكرانيا على تقديرها للحلفاء مقابل الأسلحة، لكنها تطالب بالحصول على أسلحة جديدة دائمًا، حتى في الوقت الذي كان يشكر فيه الرئيس الأوكراني الحلفاء على منح كييف للأسلحة كان يطلب المزيد منها.

getty

وأشارت النيويورك تايمز إلى أن القادة الأمريكان شعروا بالإحباط نتيجة الموقف الألماني من إرسال الدبابات إلى أوكرانيا، لكن وزير الدفاع الأمريكي تجنب انتقاد الحكومة الألمانية، وفضل الإشارة إلى مساهمتها الكبيرة بالحرب. في الوقت نفسه، رفضت أمريكا إرسال دبابات أبرامز، بذريعة أنها غير مفيدة للقتال في البيئة الأوكرانية.

وتتحدث الصحيفة عن اعتقاد أمريكي يفسر رفض المستشار الألماني أولاف شولتز والحكومة الألمانية إرسال الدبابات الألمانية إلى أوكرانيا، باعتباره يذكر بالغزو النازي لدول شرق أوروبا وصولًا إلى الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية.

ورغم أن ألمانيا لم ترفض بشكلٍ قاطع إرسال الدبابات حتى الآن، ولكن الحديث يدور حول تسريع الدعم لأوكرانيا داخل حلف الناتو، من أجل إعدادها لهجوم الربيع الذي ستكون الدبابات جزءًا أساسيًا منه. وفي الوقت نفسه، تحتاج أوكرانيا إلى حشد وتدريب قواتها، والحصول على الأسلحة المتطورة وتدريب جنودها على استعمالها وصيانتها.

تعود الصحيفة الأمريكية، للتذكير بأن هذه الخلافات بين الحلفاء ليست بالجديدة، مستذكرةً الحروب السابقة التي خاضها الحلفاء، مشيرةً إلى أن الخلافات في زمن الحرب هي القاعدة وليست الاستثناء

هذه الأسباب مجتمعة هي سبب إحباط أمريكا من تأجيل ألمانيا الموافقة على إرسال الدبابات، خاصةً أن وزير الدفاع الأمريكي يشير باستمرار إلى أن الفرصة سانحة لتسليح أوكرانيا من الآن وحتى الربيع و"هذا ليس بالوقت الطويل"، كما تشير النيويورك تايمز.