20-مارس-2018

ملصق تضامني لمنظمة العفو الدولية مع الناشط أحمد منصور (أمنستي)

ضد الجميع وفي كل المجالات انتهاكات مستمرة ترصدها وتعلن عنها العديد من المنظمات الحقوقية الأممية والدولية والإقليمية، في الإمارات. هذه المرة تقرير جديد يرصد فيه المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، عشرات الانتهاكات التي تركزت حول النيل من الكرامة والأمن الشخصي للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة، تركز التقرير حول العام المنصرم 2017، لتُضاف تجاوزات جديد لقائمة الانتهاكات المستمرة في الإمارات.

يمكن القول أن شتى أشكال انتهاكات حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية متبعة في الإمارات ضد النشطاء والصحفيين

لم تكتف السلطات الإماراتية باستخدام الاعتقال التعسفي في سجون سيئة السمعة ولكنها أيضًا تمنع عن المعتقلين التواصل مع أسرهم ويتعرض بعضهم لتفتيش مهين ويعاقب أغلبهم بالحبس الانفرادي لأتفه الأسباب- بنص التقرير، وأشار التقرير إلى إصرار الحكومة الإماراتية على استهداف الصحفيين والمدونين والنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك استهداف المرأة وسجن الناشطات دون وجه حق واتخاذ إجراءات تمييزية.

اقرأ/ي  أيضًا: قانون "الجرائم الإلكترونية" وفظائع الاختفاء القسري في الإمارات

كما رصد التقرير استخدام السلطات قوانين اتحادية-تخص جميع الإمارات في الدولة- صدرت لتقنين القمع وانتهاك حرية الرأي والتعبير والانترنت وتعريض أمن الأشخاص للخطر، من خلال التنصت واعتراض الاتصالات وكذلك الاعتقال القسري والتعسفي دون محاكمة للمتهمين في ظل غياب ضمانات عادلة للمحاكمة، وأشارت المنظمة لإصرار السلطات الإماراتية على الاحتفاظ بالنشطاء الحقوقيين والمدونين، الصادر ضدهم أحكام، بعد انقضاء مدة عقوبتهم، داخل ما يعرف بـ"مراكز المناصحة" دون تحديد سقف زمني للإفراج عنهم مع استمرار تحصين قرارات إسقاط الجنسية عن المواطنين المعارضين وبعض الأفراد في عائلاتهم.

محاكمات 2017 الصورية

يركز تقرير المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان حول عدة نقاط، من أبرزها حرية التعبير والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي وتعرض بعض النشطاء للتعذيب خلال اعتقالهم واختفائهم قسريًا. المركز صاحب التقرير والذي يركز رصده على نشاط حقوق الإنسان في الخليج، لاسيما الإمارات العربية المتحدة، رصد خلال تقريره حالات سوء المعاملة والمحاكمات الجائرة والانتهاكات الحقوقية التي طالت المرأة وحقوقها في المجتمع الإماراتي خلال العام الماضي، وقال أن الملاحقة الأمنية والقضائية والانتهاكات طالت عددًا من المدونين والنشطاء خلال العام الماضي، كما تم رصد أحكام قضائية ضد بعض المدونين والنشطاء من أبرزها ما حدث في 15 أذار/مارس 2017 حين صدر حكم بمعاقبة الصحافي الأردني تيسير النجار، بالسجن ثلاث سنوات وغرامة مالية قدرها 500 ألف درهم، حيث وجه النجار، عبر حسابه على فيسبوك، انتقادات لموقف كل من مصر والإمارات خلال الحرب على غزة 2014، وتعرض النجار للاختفاء القسري لعدة أشهر قبل ظهوره كمتهم بموجب قانون مكافحة الجرائم الالكترونية.

احتجاز تيسير النجار من أبرز قضايا القمع بحق الصحفيين في الإمارات، وهو ليس مواطن إماراتي بالأساس

وفي 29 أذار/ مارس العام الماضي أصدرت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي، حكمها بالسجن على الدكتور ناصر بن غيث بعشر سنوات بسبب تغريدات على تويتر انتقد فيها وضع حقوق الإنسان في مصر، وتعمدت إدارة سجن الزرين أن تمنع الزيارات عن ناصر بن غيث ونقلته لمكان غير معلوم بعد إعلانه الإضراب عن الطعام لرفضة المحاكمة الجائرة، المحاكمة الثالثة كانت في حزيران/يونيو 2017 وصدر حكم على الناشط عبدالعزيز الياسي بالسجن لنحو سبع سنوات وكان عبد العزيز الياسي قد اعتقل في أيلول/سبتمبر 2016 واختفى إلى أن ظهر في كانون الأول/ديسمبر من نفس العام، وخلال الثلاثة أشهر لم يكن على اتصال بأسرته أو بمحام.

جديد الانتهاكات

في أذار/مارس 2017 أصدر المدعي العام الخاص بالجرائم الإلكترونية أمر باعتقال الناشط أحمد منصور، وصدر القرار بسبب نشاط ناصر الحقوقي على شبكات التواصل الاجتماعي وكذلك تعاونه مع المنظمات الدولية، وأشار التقرير إلى تعرض أحمد منصور قبل اعتقاله لمراقبة مشددة وخضع هاتفه الجوال لاختراق، ومنصور ناشط حقوقي إماراتي وصاحب شهرة واسعة وحصل عام 2015 على جائزة مارتن انالز.

يبرز اسم الناشط أحمد منصور كأبرز الأدلة على اتباع سلطات الإمارات منهجية التجسس على النشطاء والمدونين وإخفائهم قسريًا

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 سلمت السلطات الإماراتية مصعب أحمد عبدالعزيز نجل المستشار السابق للرئيس المصري الأسبق محمد مرسي للسلطات المصرية، بعد سنوات قضاها في السجن داخل الإمارات، وأشار التقرير إلي أن تسليم مصعب الذي لم يصدر ضده حكم قضائي في مصر يعد مخالف للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ورصد التقرير أيضًا لظهور كل من عبد الرحمن بن صبيح وعيسي السويدي على شاشة التلفزيون خلال 2017 لإعلان عدم تعرضهم للتعذيب والإشادة بالمعاملة الحسنة داخل محبسهما، وهو ما اعتبره التقرير انتهاكًا حقوقيًا ورجح المركز الضغط على المعتقلين بالتهديد والتخويف، وتساءل التقرير عن الجهة التي سمحت بذلك هل هي النيابة العامة أم السلطة السياسية.

اقرأ/ي أيضًا: الإمارات تتصدر العالم في الاعتقالات السياسية.. والحجة "مكافحة الإرهاب"!

وسجل التقرير خلال عام 2017 انتهاكات السلطات الإماراتية في حق المعتقلة علياء عبد النور التي تعاني من مرض السرطان وترفض السلطات علاجها أو الإفراج الصحي عنها في مخالفة لمقتضيات القانون الاتحادي رقم 43 لسنة 1992 المنظم للمنشآت العقابية، وتقضي علياء عبد النور عقوبة بالسجن تصل لعشرة سنوات. ومنذ اعتقالها في تموز/يوليو 2015، تعرضت علياء لاختفاء قسري وتهديدات بقتل عائلتها وحرقهم ومنعها من النوم لأيام مما دفعها للتوقيع على أوراق لا تعرف محتواها، وترفض السلطات الإماراتية أيضًا الإفراج عن أمينة العبدولي التي صدر حكم بحبسها خمس سنوات وبغرامة مالية قدرها 500 ألف درهم إماراتي، وتعرضت أمينة وأشقاؤها في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 للاعتقال والاختفاء القسري، ورصد التقرير إيداع كل من أسامة النجار وأحمد محمد المال وبدر البحري وعبد هلال الحلو وفيصل الشحي مراكز المناصحة بالرغم من عدم صدور حكم على أسامة وانتهاء فترة عقوبة الآخرين.

قوننة القمع!

رصد التقرير خلال 2017  قيام السلطات الإماراتية بحبس بعض المفرج عنهم من النشطاء والمدونين والحقوقيين، تحت ذريعة إيداعهم في مركز المناصحة وهو مركز يخضع فيه من توافرت فيهم الخطورة الإرهابية للتأهيل، عبر جلسات نفسية واجتماعية وأطباء نفسيين وأخصائيين اجتماعيين ووعاظ، وذلك وفقًا للمادة 40 من القانون رقم 7 لسنة 2014 بشأن الجرائم الإرهابية. باستخدام تلك المادة تمكنت السلطات من تمديد احتجاز بعض النشطاء والمدونين لنحو عام تقريبًا بالرغم من انتهاء فترة عقوبتهم.

ويتساءل التقرير عن المعنى الدقيق للخطورة الإرهابية، وهي كلمة مطاطة، ولا يوجد سقف زمني لفترة الإيداع، ورصد التقرير عدد من القوانين التي اعتبرها تمثل انتهاكًا واضحًا وصريحًا لحقوق الإنسان وتُستخدم فيه حجج مثل المساس بالنظام العام وتعريض أمن الدولة للخطر والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي كذريعة لتقييد حرية الرأي والتعبير، من أبرزها، القانون الاتحادي رقم 12 لسنة 2016 المعدل للمرسوم رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 2016 المنظم للمجلس الوطني للإعلام والذي تسيطر من خلاله الدولة على الإعلام، وتمنع عرض أي تجاوزات حقوقية ضد المواطنين والأجانب، والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية وقانون العقوبات بعد تعديله بالقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 201، وتعديل القانون الاتحادي رقم 16 لسنة 2017 الذي مكن السلطات من سحب الجنسية من المعارضين وأسرهم نساء وأطقال في انتهاك واضح لحقوق الطفل والمرأة.

وطالب التقرير، بمراجعة عدد من القوانين الاتحادية التي ساهمت في انتهاكات عدة لحقوق الإنسان ومن بينها القانون الاتحادي بشأن جرائم تقنية المعلومات والقانون الاتحادي بشأن الجرائم الإرهابية وقانون العقوبات وقانون الجنسية، وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات واتخاذ تدابير من شأنها تعزيز استقلال القضاء، كما طالب التقرير بالسماح لحقوقيين دوليين بزيارة مقار الاحتجاز في الإمارات و.التصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين به والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتصديق على العهد الدولي للحقوق االقتصادية والاجتماعية والثقافية.

باستخدام المادة المادة 40/7 لعام 2014 تمكنت السلطات الإماراتية من تمديد احتجاز بعض النشطاء والمدونين لنحو عام تقريبًا بالرغم من انتهاء فترة عقوبتهم

وطالب التقرير المجتمع الدولي بالضغط على الإمارات من أجل الإفراج الفوري عن السياسيين والحقوقيين والمدونين المحتجزين في السجون الإماراتية وفتح تحقيق جاد وسريع من جهة مستقلة لمحاسبة من يثبت تورطه في انتهاكات ضد المحتجزين وكذلك التوقف عن إلقاء القبض على المعارضين والناشطين والحقوقيين ومنع احتجازهم في أماكن سرية وطالب التقرير بالكف عن الإساءة للمحتجزين داخل السجون والتوقف عن تفتيشهم بشكل مهين وكذلك السماح لعائلاتهم بزيارتهم خاصة المحبوسين بسجن الرزين سيئ السمعة والسماح بمقابلة المحامين واستبعاد الاعترافات التي انتزعت تحت التعذيب، والتراجع عن قرارات سحب الجنسية التي تمت بشكل تعسفي ضد النشطاء والحقوقين وبعض أبنائهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تيسير النجار.. فصل آخر من قمع حكام أبوظبي

الإخفاء القسري في الإمارات.. مساواة في التنكيل ضد الجميع!