كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن تصعيد جنود الاحتلال الإسرائيلي المتمركزين في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة اعتداءاتهم على الفلسطينيين في المدينة، وشنّ حملات اعتقال تعسفية بحقهم.
وأجرت الصحيفة البريطانية مقابلات مع مواطنين تعرضوا لهذه الانتهاكات. ووصف ثلاثة أشخاص اعتُقلوا في الشارع أثناء قيامهم بأعمالهم اليومية بذرائع واهية، مثل وجود صور لأعلام فلسطينية على هواتفهم أو مزاعم بإلقاء الحجارة. وقد تم تكبيل أيديهم وعصب أعينهم ونقلهم إلى مواقع عسكرية قريبة، حيث تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي لساعات.
اعتبرت منظمة "بتسيلم" الحقوقية، في تقرير أن هناك تحولًا كبيرًا في نوعية وشدة العنف الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023
وقال بدر التميمي، البالغ من العمر 60 عامًا، إنه أصيب في كتفه نتيجة ضربه بالحائط بعد أن طلب منه الجنود التوقف عن بيع البضائع في متجر الهدايا التذكارية الخاص به.
بدورها، اعتبرت منظمة "بتسيلم" الحقوقية، في تقرير أن هناك تحولًا كبيرًا في نوعية وشدة العنف الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وفي أكثر من حادثة، وثّق الجنود المعتدون ممارساتهم وقاموا ببثها مباشرة عبر مكالمات فيديو، غير مكترثين بتداعيات ذلك.
🎥 مساع إسرائيلية لضم الحرم الإبراهيمي بالكامل. pic.twitter.com/nmMWNuXpwe
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 29, 2024
وقال المدير التنفيذي لـ"بتسيلم"، يولي نوفاك، إن التحقيقات التي أجرتها المنظمة الحقوقية، استنادًا إلى أكثر من 20 شهادة تم جمعها في الخليل بين أيار/مايو وآب/أغسطس الماضي، تشير إلى أن هذه الممارسات تكشف "المعايير السلوكية الصادمة" للجنود الإسرائيليين.
وأضاف نوفاك: "بعد مضي أكثر من عام على الحرب الشعواء التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، أضحى التنكيل بالمارة الفلسطينيين سلوكًا مرغوبًا بل ومطلوبًا"، وتابع: "ما يجري ليس حالات فردية ترصد هنا أو هناك، ولا انحراف عن التعليمات، وإنما ظاهرة تعبر عن نهج منتظم، وهي نتاج عملية نزع إنسانية الفلسطينيين التي تقودها حكومة إسرائيل".
اعتقالات وتعذيب
وفي حادثة أخرى، تم احتجاز المواطن أمير جابر، البالغ من العمر 19 عامًا، مع والده عارف، البالغ من العمر 50 عامًا، وتعرضا للاعتداء بعد تفتيش هواتفهما. وقال عارف إن أفراد الجيش الإسرائيلي زعموا أن هاتف ابنه يحتوي على صورة لسيارة جيب عسكري كان قد حفظها من منصة "فيسبوك". تم اقتيادهما إلى موقع عسكري قريب، حيث تعرضا للضرب، واتهم الجنود أمير بالانتماء إلى "حماس". وكرّروا الأسئلة حول الصورة أثناء تعذيبه، قبل أن يُطلق سراحه مع والده بعد ثلاث ساعات.
تفاصيل الاختطاف
تعرض أمير جابر سابقًا للاختطاف من حديقة منزل صديقه يوم 21 حزيران/يونيو حوالي الساعة التاسعة مساءً. قام الجنود بتفريق مجموعة من أربعة أشخاص كانوا يشربون القهوة ويدخنون الأرجيلة، حيث اعتدوا عليهم باستخدام مؤخرات البنادق وأجبروهم على الركوع. تم تفتيش جابر بعنف، وتعرض للصفع، واتُّهم بإلقاء الحجارة، وهو ما نفاه. بعد ذلك، عُصبت عيناه وقُيّدت يداه بأصفاد بلاستيكية ضيقة جدًا، ثم نُقل إلى قاعدة عسكرية. وهناك، قام عدة جنود بضربه، بعضهم استخدم العصي، وسكبوا الماء عليه ثم شغّلوا المكيف على أدنى درجة حرارة.
صحيفة "زمان يسرائيل" أفادت بوجود تحركات إسرائيلية تستهدف "تغيير الوضع القائم" في الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل.
اقرأ أكثر: https://t.co/155GpHF21p pic.twitter.com/67YA6Sngt5— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 28, 2024
وقال جابر إن الجنود أجبروه على سب والدته، وأطلقوا سراحه حوالي الساعة الرابعة والنصف صباحًا، تاركينه على جانب الطريق دون أن يعرف مكانه. وأشار إلى أنه لا يزال يعاني من مشاكل في ساقيه حتى الآن. وقال: "لم أرغب في الذهاب إلى الطبيب لخوفي أن يجدني الجنود هناك". وأعرب عن شعوره بالقلق في كل مرة يراهم في الشارع.
تصاعد العنف
ارتفع مستوى العنف في الضفة الغربية بالتوازي مع العدوان الإسرائيلي على غزة. فقد استشهد ما يقرب من 800 شخص بنيران الجنود الإسرائيليين، من بينهم 160 طفلًا، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية. وبلغت الاعتقالات، بما في ذلك السجن الإداري، مستويات غير مسبوقة.
ويعيش في الخليل اليوم حوالي 33 ألف فلسطيني، وحوالي 900 مستوطن يحرسهم ما بين 1000 و1500 جندي إسرائيلي. وبعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تحولت القيود التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على حرية التنقل إلى إغلاق كامل استمر لأسابيع. وبعد عام، لا يزال حظر التجول قائمًا.
حوادث أخرى
كان إسماعيل جابر، وهو رسام ومصمم ديكور يبلغ من العمر 22 عامًا، عائدًا إلى منزله من صالون الحلاقة بعد ظهر أحد أيام أيار/مايو الماضي، عندما ركض جنديان نحوه ببنادق موجهة. أُجبر على الركوع وعُصبت عيناه وهو مكبل اليدين في الشارع لمدة 90 دقيقة قبل أن يُنقل إلى قاعدة عسكرية. هناك، تعرض للضرب مجددًا، وجرح بسكين، وأحرق بولاعة، ووجه الجنود البنادق إلى رأسه وأخبروه أنهم سيقتلونه. أُطلق سراحه بعد حوالي خمس ساعات.
وقال له أحد الجنود: "إذا أمسكنا بك مرة أخرى، سنأتي إلى منزلك ونطلق النار عليك ونعتدي على والدتك وأختك". وأكد جابر أن لا سبب لاعتقاله، قائلاً: "جريمتي الوحيدة هي أنني فلسطيني".