28-يناير-2022

(Getty)

أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة، اليونيسيف، بحسب تقريرها الصادر في 24 كانون الثاني /يناير من هذا العام، إلى أن إغلاق المدارس بسبب جائحة كورونا طيلة العامين الماضيين قد تسبب في خسائر "لا يمكن التغلب عليها" فيما خص تعليم الأطفال في جميع أنحاء العالم. وأشارت إلى أن أكثر من 616 مليون طالب ما زالوا يتضررون من الإغلاق الكامل أو الجزئي للمدارس في العديد من البلدان، بالإضافة إلى حرمان ملايين الأطفال من فرصة اكتساب المهارات الأساسية.

وذكرت اليونيسف بأن "خسائر التعلم عند الأطفال بسبب إغلاق المدارس تركت ما يصل إلى 70% من الأطفال في سن العاشرة غير قادرين على قراءة أو فهم نص بسيط". ويشار إلى أن هذه النسبة سجلت ارتفاعًا ملحوظًا، وذلك بعد أن كانت تقدر بنحو 53% قبل انتشار فيروس كوفيد-19، وتحديدًا في البلدان ذات الدخل المنخفض والدخل المتوسط.

ورأت المنظمة أن عمليات الإغلاق والتوقف عن التعليم وانعكاسات الوباء عوامل أثرت على صحة الطلاب العقلية، وجعلتهم أكثر عرضة لسوء المعاملة وحالت دون وصول الكثيرين منهم إلى مصدر منتظم للتغذية، بحسب ما نقل موقع بيزنس إنترناشيونال. يضاف إلى ما سبق، ارتفاع في مستويات القلق والاكتئاب بين الأطفال والشباب، وكذلك حرمان أكثر من 370 مليون طفل حول العالم من الحصول على وجبات مدرسية، مما يعد بالنسبة لبعض الأطفال المصدر الوحيد الموثوق به من الغذاء والتغذية اليومية التي يتلقونها في مدارسهم.

أشارت اليونيسيف إلى أن أكثر من 616 مليون طالب ما زالوا يتضررون من الإغلاق الكامل أو الجزئي للمدارس في العديد من البلدان، بالإضافة إلى حرمان ملايين الأطفال من فرصة اكتساب المهارات الأساسية.

ومما يفاقم التداعيات خطورة، ارتفاع معدلات إصابة الأساتذة بفيروس كوفيد ما يجبر المدارس على إغلاق صفوفها أمام الطلاب، مما يعني تراجع نسبة حضور الأطفال إلى المدارس وحرمانهم من تلقي المنهج التعليمي بأكمله. وهناك بعض الدول الغنية التي بدأت البحث عن حلول بديلة تكفل إعادة تدريس ما فات الطلاب من دروس، حتى لو كانت هذه الدروس خصوصية. غير أن هذه الحلول مكلفة ولا يمكن للدولة الفقيرة تنفيذها أو تحمل تكلفتها، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية.

ففي البرازيل، يوجد حوالي 3 من أصل 4 أطفال في الصف الثاني الابتدائي لم يتمكنوا من تحصيل الكفايات اللازمة للقراءة، مقارنةً بواحد من أصل طفلين في مرحلة ما قبل الجائحة. وكما أبلغ 1 من أصل 10 طلاب تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام و 15 عامًا أنهم لا يخططون للعودة إلى المدرسة بعد إعادة فتح أبوابها.

وعلى سبيل المثال، في إثيوبيا، تعلم الأطفال فقط "ما بين 30% إلى 40% من مادة الرياضيات التي كان المفترض أن يتعلموها،  فيما لو كان عامًا دراسيًا عاديًا وذهبوا إلى صفوفهم في المدرسة الابتدائية". وكذلك يشكل التسرب المدرسي إحدى المشاكل التي فاقمها تفشي فيروس كورونا. ففي جنوب أفريقيا، هناك ما بين 400 ألف إلى 500 ألف طالب "تسربوا من المدرسة تمامًا بين شهر آذار /مارس 2020 وشهر تموز /يوليو 2021"، بحسب ما أوردت صحيفة The Daily Star. وتتزايد الخسائر بشكل مضطرد كلما تواجد الأطفال في مجتمعات مهمشة.

وفي ريف كارناتاكا في الهند، انخفضت نسبة أطفال الصف الثالث في المدارس الحكومية القادرون على إجراء عملية طرح بسيطة من 24% في عام 2018 إلى 16% فقط في عام 2020. وقد خسر الأطفال حتى الآن عامًا واحدًا كاملًا من التعليم.

أما الدول الغنية، فلم تكن بمنأى عن تأثيرات الفيروس في مجال التعليم، ففي الولايات المتحدة الأمريكية لوحظت خسائر في العديد من الولايات، بما في ذلك تكساس وكاليفورنيا وماريلاند وكولورادو وتينيسي ونورث كارولينا وأوهايو وفيرجينيا. ففي ولاية تكساس، تبين أن حوالي 66% من الأطفال في الصف الثالث ابتدائي لديهم مستوى منخفض في مادة الرياضيات في عام 2021، مقارنة بحوالي 50% من الأطفال كان لديهم مستوى منخفض في المادة نفسها في عام 2019.

وبحسب تقرير لمنظمة اليونسكو بعنوان: "حالة أزمة التعليم العالمية: طريق إلى التعافي"، وصف الأزمة بكونها الأشد عالميًا على الإطلاق. وأشار التقرير إلى أن التكاليف هائلة على الأطفال، وكما أنها غير عادلة ومتفاوتة بين أطفال العالم، ويعتبر بأنها تركت "ندوبًا على الرأسمال البشري لهذا الجيل". ويرى التقرير بأن "هذا الجيل من الطلاب مهدد الأن بخسارة 17 تريليون دولار من أرباحهم مدى الحياة بالقيمة الحالية، أو ما يعادل 14% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي اليوم، وهو أكثر بكثير من 10 تريليون دولار المقدرة في عام 2020".

وتدعم كل من اليونيسيف واليونيسكو والبنك الدولي خطط التعافي في مجال التعليم. وتشير المؤسسات المذكورة إلى أن تنفيذ برامج التعافي من التعلم يتطلب "التزامًا سياسيًا وماليًا كبيرًا لتعزيز قدرة أنظمة التعليم. فحتى الأن تم تخصيص أقل من 3% من حزم التحفيز الحكومية للتعليم. وفي البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل​​، تقل الحصة عن 1% فقط، مما يعني ضرورة في زيادة النفقات الحكومية للدول في مجال التعليم".

وفي هذا السياق، قال رئيس التعليم في اليونيسف، روبرت جينكينز "بكل بساطة، هناك مستوى من الخسائر لا يمكن تعويضه أو التغلب عليه في مجال تعليم الأطفال"، وأضاف بالقول "مجرد إعادة فتح المدارس ليس كافيًا ما فقده هؤلاء الأطفال"، ودعا إلى "دعم مكثف لاستعادة التعليم المفقود"، وتابع بالقول "يجب أن تتجاوز المدارس أيضًا التفكير في عودة التعليم الحضوري داخل الصفوف، بل يجب أيضًا التفكير في كيفية إعادة بناء الصحة العقلية والبدنية للأطفال ونموهم الاجتماعي وحالة التغذية عندهم"، بحسب ما نقل موقع سترايت تايمز. فقد وجدت بعض الدراسات أن الفتيات والمراهقين وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية هم الأكثر عرضة لمواجهة مشاكل في الصحة العقلية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

اليونيسف تحذر من مواجهة آلاف الأطفال اليمنيين "للموت الوشيك" مع نقص المساعدات

اليونيسيف: تزايد استغلال الأطفال وتجنيدهم في الحروب