05-ديسمبر-2021

طائرة مساعدات إماراتية في مطار كابول الدولي (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

في الأسابيع الأخيرة كثّفت السعودية والإمارات من تحركاتهما الدبلوماسية في أفغانستان بهدف حجز موطئ قدم هناك وكسب سلطة تأثير جديدة لدى حكّام كابل الجدد، فضلا عن منافسة الدور القطري الآخذ بالتنامي في أفغانستان منذ احتضان الدوحة لعدة سنوات للمكتب السياسي لطالبان ولمباحثات المفاوضات بين طالبان والأمريكان من جهة والحكومة الأفغانية السابقة من جهة ثانية. 

الحضور القطري المتنامي في أفغانستان والتقارب بين الدوحة وواشنطن أثار قلق الإمارات على وجه التحديد، وكان دافعًا لها نحو السعي بسرعة لتعزيز وجودها في أفغانستان

كما تعزز الدور القطري مؤخرًا عبر الدور المحوري الذي لعبته الدوحة في إجلاء المواطنين الأجانب والأفغان المعرّضين للخطر بعد سيطرة طالبان على السلطة، فضلًا عن كونها، أي الدوحة، أصبحت إلى حد كبير قناة رئيسية بين أفغانستان والدول الغربية بانتقال عدد من السفراء الغربيين في كابول مع موظفيهم إلى العاصمة القطرية، هذا بالإضافة إلى كون قطر قد بدأت مؤخرًا ووفق اتفاق رسمي في تمثيل المصالح الدبلوماسية للولايات المتحدة في أفغانستان.

هذا الحضور القطري المتنامي في أفغانستان والتقارب بين الدوحة وواشنطن أثار قلق الإمارات على وجه التحديد، وكان دافعًا لها نحو السعي بسرعة لتعزيز وجودها في أفغانستان.

وفي هذا الصدد سلّط تقرير جديد لصحيفة وول ستريت جورنال الضوء على ما وصفه بالتنافس الخليجي على أفغانستان لبناء حظوة ومكانة لدى طالبان بعد استيلائها على السلطة في 15 آب/أغسطس 2021 في بلد ما يزال  حديث عهدٍ بالحرب ويواجه تحديات اقتصادية وأمنية جمّة بعد جلاء القوات الأمريكية، لكنه بلد يتمتع في ذات الوقت بموقع استراتيجي مهم، بالنسبة للقوى الإقليمية في المنطقة، نظرًا لوجود حدود طويلة بين أفغانستان وإيران وقربها من الصين. ويحاجج محللون خليجيون في هذا السياق بأن هذه المعطيات "تقتضي أن تسعى الدول الخليجية لإقامة علاقات متينة مع السلطة الحالية في أفغانستان وأن لا تترك هذه المنطقه المهمة والحيوية ليتوسع فيها نفوذ طهران مستقبلاً"، هذا فضلا عن المخاوف الإقليمية والدولية من صعود الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يشكّل عامل تهديد استراتيجي لدول المنطقة عمومًا وأفغانستان خصوصًا".

 ويدور رحى التنافس الخليجي حتى الآن على أفغانستان في مجال توسيع الوجود الدبلوماسي وتسيير الرحلات الجوية وإدارة مطار كابل ومجال المساعدات الانسانية.

دخول الإمارات والسعودية على خط المنافسة

في الأسابيع الأخيرة، كثف خصوم منافسو قطر الإقليميون، حسب وول ستريت جورنال، وفي مقدمتهم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من انخراطهم في أفغانستان وتواصلهم مع طالبان، حيث استأنف البلدان أعمال سفارتيهما في أفغانستان، وبدأتا في تسيير الرحلات الجوية مع كابل، كما بدأت شركة الطيران الأفغانية "أريانا" القيام برحلات إلى دبي والرياض، واستأنفت أيضا شركة الطيران الأفغانية الخاصة "كام إير" رحلاتها اليومية إلى دبي هذا الأسبوع.

 وتهدف الإمارات، على وجه الخصوص، من خلال سماحها برحلات تجارية متكررة إلى كابل، إلى العودة إلى وضعها السابق كبوابة رئيسية إلى أفغانستان.

وكانت وزارة الخارجية السعودية، قد أعلنت الثلاثاء الماضي، أن إعادة فتح القسم القنصلي في سفارتها في كابل نابع من "حرصها على تقديم كل الخدمات القنصلية للشعب الأفغاني". حيث يعمل مئات الآلاف من الأفغان في الخليج، اعتادوا تحويل ما يزيد عن 100 مليون دولار سنويًا، قبل أن تقطعها العقوبات الأمريكية الأخيرة بعد استيلاء طالبان على السلطة.

أما الإمارات فقد أبلغت الحكام الجدد لأفغانستان، حسب وول ستريت جورنال، بأن الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني" لن يُسمح له بأي نشاط سياسي، بعد نشره لفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في آب/أغسطس الماضي يشرح فيه ظروف مغادرته للبلاد"، ما اعتبره مراقبون محاولة إماراتية واضحة لكسب ثقة "حركة طالبان".

كما كانت الإمارات من الدول التي لعبت دورا في المساعدة أيضا على إجلاء الأجانب والأفغان من البلاد عقب دخول "طالبان" إلى كابل منتصف الشهر الماضي.

وسعت الإمارات في وقت مبكر، حسب رويترز، إلى الحصول على امتياز إعادة تشغيل مطار كابل الدولي، من خلال محادثات أجرتها مع طالبان، ونقلت رويترزعن دبلوماسيين أجانب يعملون في دول خليجية "أن مسؤولين إماراتيين أجروا عدة جولات من المحادثات مع طالبان في الأسابيع الأخيرة لمناقشة مسألة تشغيل مطار كابول".

وأكد اثنان من الدبلوماسيين لرويترز أن "طالبان بدورها أبدت رغبتها في الحصول على مساعدات مالية من الإمارات، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان هذا الطلب مرتبطا بمسألة تشغيل المطار أم لا".

كما أوضح الدبلوماسيون أن إحدى المسائل الرئيسية التي يتعين حلها بين "طالبان" والطرف الذي قد يشغل المطار هي من سيتولى مهمة ضمان الأمن هناك.

وتعود العلاقة بين الإمارات وطالبان إلى فترة سابقة على التطورات الأخيرة، حيث طورت الإمارات العربية المتحدة اتصالات خاصة بها مع طالبان في العقد الأخير، وكثيراً ما استضافت اجتماعات غير رسمية بين طالبان وأعضاء الحكومة الأفغانية السابقة والمسؤولين الغربيين.

ونقلت وول ستريت جورنال في هذا الصدد عن أحد الأشخاص المشاركين في محادثات السلام الخاصة مع طالبان قوله: "كان المكتب السياسي في الدوحة ، لكنهم كانوا يسافرون كل شهر إلى دبي".

كما أن الإمارات وبعد الغزو الأمريكي لأفغانستان في عام 2001 كانت واحدة من الدول العربية القليلة التي ساهمت بقوات في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إلى جانب الأردن والبحرين ومصر.

وتوجهت نخبة من طبقة رجال الأعمال الأفغانيين الجدد، بعد السيطرة الأمريكية على البلد، إلى استثمار أموال كبيرة في سوق العقارات في دبي، ولا سيما الفيلات الفاخرة في جزر جميرا الواقعة على بعد 30 كلم جنوب غرب مدينة دبي.

وقُبيل سقوط حكومته في 15 آب/أغسطس بعام منح أشرف غني عقد توفير الأمن والمناولة الأرضية في مطار كابل والمطارات الدولية الأخرى إلى وكالة GAAC، المرتبطة بمجموعة تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها.

وبعد وصول طالبان للحكم سمحت الحركة لوكالة "GAAC" بمواصلة عملياتها في محطة الركاب الدولية، مما أثار استياء قطر، حسب صحيفة وول ستريت جورنال، التي قالت إن المسؤولين القطريين أبلغوا طالبان في الأسابيع الأخيرة أنهم لا يثقون في أن الوكالة المرتبطة بشركة مقرها الإمارات توفر الأمن الكافي، وهددوا بالانسحاب إذا تم تمديد عقد GAAC أكثر، علمًا بأن قطر تحتفظ حاليا بقوات في مطار كابل الدولي للمساعدة في الإشراف على الأمن وحماية المدرج عند هبوط طائرات مستأجرة للخطوط الجوية القطرية أو تابعة لها.

وكانت فرق قطرية وتركية قامت بعد استيلاء طالبان على السلطة بإصلاح برج المراقبة ورادار المطار، مما سمح باستئناف عمل المطار.

ذكر تقرير وول ستريت جورنال أن من المتوقع أن يناقش مجلس التعاون الخليجي المبادئ المشتركة لتوجيه مشاركة الدول الأعضاء في أفغانستان عندما ينعقد الأسبوع المقبل في الرياض

وذكر تقرير وول ستريت جورنال أن من المتوقع أن يناقش مجلس التعاون الخليجي المبادئ المشتركة لتوجيه مشاركة الدول الأعضاء في أفغانستان عندما ينعقد الأسبوع المقبل في الرياض.

هذا وتسعى طالبان إلى فك العزلة عن نظامها عبر "تطبيع" العلاقات مع الدول المؤثرة في المنطقة، علما بأن أي دولة لم تعترف حتى الآن بنظامها بسبب مخاوف من تكرار سيناريو الحكم الذي اتبعته 1996 و2001، وإن كانت الحركة أكّدت أكثر من مرة أنها تريد علاقات دبلوماسية مع الجميع وأنها منفتحة على احترام حقوق الانسان والمواثيق الدولية بما يتماشى والشريعة الإسلامية، بحسب تصريحات عدد من قادتها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الغنيمة الكبرى: كيف سيطرت طالبان على قواعد البيانات البيومترية للأفغان؟

ملف خاص |أفغانستان: مستقبل قلق بعد عقدين من الاحتلال الأمريكي