11-يناير-2018

مؤتمر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بشأن التقرير الأممي عن حصار قطر (الجزيرة)

أدان تقرير البعثة الفنية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الصادر مؤخرًا، الإجراءات التعسفية التي تتخذها دول حصار قطر، منذ حزيران/يونيو 2017، وما استتبعها من انتهاكات لحقوق الإنسان على عدة مستويات.

أدان تقرير للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، الإجراءات التي اتخذتها دول حصار قطر، وما استتبعها من انتهاكات حقوقية 

وأكّد التقرير على أنّ الإجراءات التي اتخذتها دول الحصار، لا يمكن اعتبارها ضغوطًا سياسية أو مقاطعة دبلوماسية أو اقتصادية، وإنما تدابير تعسفية ترقى لمرتبة "العقاب الجماعي"، وأشبه بكونها "حربًا اقتصادية لا تفرق بين الحكومة والشعب".

اقرأ/ي أيضًا: منظمات حقوقية: "حصار" قطر انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير

وكانت كل من السعودية والإمارات ومصر والبحرين، قد أعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، منذ الخامس من حزيران/يونيو 2017، ثم صعّدت الدول الأربع مقاطعتها إلى حصار ضد الدولة الجارة، ورفضت، أو بالأحرى عرقلت الوساطة التي بادرت بها الكويت لحل الأزمة. 

وضربت الدول الأربعة حصارًا اقتصاديًا على قطر، اشتمل على غلق المجال الجوي والبحري وكذا المنافذ البرية عليها، وأجبرت المواطنين القطريين المقيمين بها إلى العودة لبلدهم، ما تسبب في حالات تفرقة بين الأسر. 

وكانت دول الحصار مرتبكة فيما يخص قائمة مطالبها لقطر، والتي كانت كلها مطالب غير معقولة من جهة تطاولها على السيادة القطرية.

وتوالت الشكاوى على اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر، والتي عملت على توثيق الانتهاكات والأضرار التي تعرض لها المواطنون والمقيمون خلال فترة ما بعد فرض الحصار، ما جعل رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان يدعو المفوض السامي للأمم المتحدة في 14 أيلول/سبتمبر 2017، إلى إرسال بعثة فنية إلى قطر لاستقصاء مدى تأثير الأزمة الخليجية على حقوق الإنسان. 

وبالفعل قام الفريق التابع للأمم المتحدة بزيارة قطر في الفترة ما بين 17 إلى 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وزار فيها عددًا من المؤسسات الحكومية والوزارات ومؤسسات المجتمع المدني والجهات المعنية بجمع المعلومات حول مدى تأثير الأزمة الخليجية على حقوق الإنسان، فضلًا عن ممثلي الجامعات والصحف والقنوات التلفزيونية، خاصة الجزيرة، وكذا مقابلة 40 شخصًا ممن تقدموا بشكاوى للجنة الوطنية لحقوق الإنسان للبت في صدق الروايات، والإطلاع على العديد من الشكاوى والمستندات الأخرى، بينما لم تسمح دول الحصار بدخول البعثة إلى دولهم لدراسة تداعيات الأزمة.

الفئات المتضررة من حصار قطر

يخلص التقرير الأممي إلى أن أربع فئات أساسية قد تضررت من أزمة حصار قطر، على رأسهم المواطنون القطريون المقيمون في دول الحصار، ممن أجبروا على مغادرة تلك الدول فورًا، تاركين ذويهم وأعمالهم وممتلكاتهم أو الطلاب الذين أجبروا على ترك دراستهم قسرًا. 

ومنهم أيضًا مواطنو دول الحصار الذين كانوا يقيمون في قطر، وأجبرتهم حكوماتهم على العودة إلى بلادهم وإلا فسيتعرضون لعقوبات مالية وجنائية. 

ورغم مساعي قطر لتقليل أضرار الحصار، إلا أنّ إجراءات الحصار تسببت في تضرر العمالة الوافدة بقطر، ففقد البعض وظائفهم وواجه آخرون ضغوطًا اقتصادية نتيجة لغلق المجالات الجوية والبحرية والبرية. ولم ينج عموم السكان والمقيمين في قطر والسعودية والإمارات والبحرين من الأضرار المتمثلة في القيود المفروضة على حرية التنقل من وإلى بلدانهم.

خطابات الكراهية وانتهاك حرية التعبير

تبنت دول الحصار حملة إعلامية واسعة لبث رسائل الكراهية وتشويه كل ما هو قطري، لخلق شعور عام من العداء تجاه قطر، ففي الفترة من حزيران/يونيو إلى تشرين الأول/أكتوبر 2017، تم توثيق أكثر من 1120 مقالًا، وما يقرب من 600 رسمة كاريكاتير ضد قطر في السعودية والإمارات والبحرين. 

كما تضمنت المواد الإعلامية تحريضًا مباشرًا ضد الشعب القطري وضد الرموز القيادية والشخصيات العامة، فنتج عن ذلك تلقي جابر المرّي رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية، عشرة تهديدات بالقتل، بعد أن ادّعت السعودية دعمه للإرهاب! ولم تكتف دول الحصار بالحملات الصحفية والإعلامية فقط ولكن امتد الأمر إلى إقحام الفن في الأزمة، بإنتاج عدد من الأغاني المسيئة لقطر، الرديئة فنيًا والمسفّة من ناحية المحتوى. 

مثلت إجراءات دول حصار قطر انتهاكات حقوقية على عدة مستويات، طالت القطريين وكذا مواطني دول الحصار أنفسهم

كما فرضت حكومات السعودية والإمارات والبحرين قيودًا جديدة على حرية التعبير، وبات من يُبدي تعاطفًا مع دولة قطر معرضًا للعقاب بغرامات مالية كبيرة وأحيانًا عقوبات سالبة للحرية، فضلًا عن إجبار الصحفيين والإعلاميين من دول الحصار إلى ترك أعمالهم بالصحف والقنوات القطرية، وإجبار المنشآت التجارية والمطاعم والأماكن العامة على عدم إذاعة أي من القنوات القطرية حتى القنوات الرياضية والبعيدة كل البعد عن الشأن السياسي.

اقرأ/ي أيضًا: أبوظبي على لسان سفيرها في موسكو: حرية الصحافة والتعبير ليست لنا 

وهذا العداء الشديد الذي رافقته حملات كراهية وتحريض، خلق حالة من الخوف والتوتر بين الأشخاص الذين تربطهم علاقات عائلية أو تجارية مع مواطنين قطريين.

انتهاك حرية التنقل والحق في العمل وتدمير الروابط الأسرية

بدون إعلان مسبق، أغلقت دول الحصار المجال الجوي والبحري والمنافذ البرية أمام قطر، وأجبرت المواطنين القطريين على مغادرة البلاد خلال 14 يومًا، وكذلك أجبرت رعاياها على العودة إلى أرض الوطن بدون مراعاة لظروفهم الصحية أو ظروف عملهم وحياتهم الخاصة، ما تسبب في خسائر مادية ونفسية للمواطنين، كما أُجبر مواطنو دول الحصار في قطر على العودة إلى بلادهم، خوفًا من التعرّض للعقوبات.

كما أن ذلك القرار العشوائي تسبب في تشتيت الأسر، فحالات الزواج التي تجمع بين قطريين ومواطنين من السعودية والإمارات والبحرين حوالي تبلغ 6474 حالة، أجبروا على ترك قطر والعودة لبلادهم كي لا يتعرضوا للمساءلة القانونية الجائرة، بينما تعرّض أولئك الذين اختاروا البقاء خشية تشتيت أسرهم، للقلق والخوف بشأن عدم قدرتهم على تجديد جوازات سفرهم بعد إغلاق السفارات، فجواز السفر الجاري يُعد شرطًا أساسيًا للحصول على تصريح الإقامة بقطر، إلا أن وزارة الداخلية القطرية عدّلت الشروط لمعالجة أوضاع المقيمين من دول الحصار.

وأدّى إغلاق الحدود إلى قيود جديدة على حرية التنقل بين البلدان، فكان الأمر أشبه بعقاب للمواطنين القطريين والمقيمين بقطر، وكذلك بالسعودية والإمارات والبحرين، كما حرم العديد من مسلمي قطر من حق ممارسة الشعائر الدينية، حيث إن إغلاق الحدود جاء متزامنًا مع شهر رمضان حيث موسم العمرة، ثم موسم الحج.

كما أثّر الأمر بالسلب على أصحاب الأعمال والشركات والتجّار والعمّال من القطريين في السعودية والإمارات والبحرين، ممن أجبروا على العودة إلى قطر دون مراعاة لأعمالهم أو ممتلكاتهم بدول الحصار من عقارات أو شركات تجارية. وبنهاية عام 2017 رُصد ما لا يقل عن 1900 حالة متضررة بشأن تملكهم لشركات وعقارات وأصول مالية وأسهم تجارية بدول الحصار.

انتهاك الحق في الصحة والتعليم

أجبرت السعودية القطريين المقيمين بأراضيها على المغادرة خلال 14 يومًا دون الوضع في الحسبان حالتهم الصحية أو التعليمية، فاضطر عدد من القطريين إلى السفر إلى دول أخرى كألمانيا وتركيا والكويت، لاستكمال علاجهم أو إجراء عمليات جراحية. وأدّى غلق الحدود على قطر إلى أزمة مؤقتة ونقص في الأدوية استمرت ليوم واحد من أجل البحث عن بدائل أخرى وموردين جدد، كما تأخر استكمال مشاريع المستشفيات الجديدة لأن مواد البناء اللازمة وغيرها من المعدات ظلت محجوزة في دبي.

وعلى الرغم من ذلك، يذكر التقرير أن قطر لم تفرض أية ممارسات عنصرية أو تمييزية ضد مواطني دول الحصار فيما يخص تقديم العلاج، فمنذ أيلول/سبتمبر 2017 سجلت وزارة الصحة القطرية 260 ألف مريض من مواطني السعودية والإمارات والبحرين ومصر، من المقيمين في قطر واستخدموا الخدمات الصحية بها.

وكان لحصار قطر تأثير سلبي أيضًا، بل انتهاك واضح لحق التعليم، فأجبر الطلاب القطريين في دول الحصار، على ترك دراستهم قسرًا والعودة لبلدهم، أو السفر لدول أخرى لاستكمال دراستهم. وعلى سبيل المثال تلقت قطر 171 طلبًا من طلاب قطريين اجبروا على ترك دراستهم ومغادرة دول الحصار. والأسوأ من ذلك أن البعض منهم لم يُسمح لهم باستلام ملفاتهم وأوراقهم الدراسية ليتمكنوا من الالتحاق بجامعات أو مدارس أخرى في دول اخرى.

مطالب حقوقية: لا للحوار قبل إلغاء الإجراءات التعسفية

أوضح التقرير تفصيليًا ممارسات دول الحصار التعسفية والتي أدت لانتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، وساهمت في نشر الذعر والخوف والقلق بين المواطنين وإيذائهم ماديًا ونفسيًا، ولم تفرّق بين الحكومة والشعب، وفي المقابل لم تتخذ الحكومة القطرية إجراءات انتقامية أو تمييزية مضادة، ما شجّع رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور علي بن صميخ المري على مطالبة الحكومة القطرية بعدم الدخول في أي حوار أو مفاوضات لحل الأزمة قبل إلغاء التدابير التعسفية من قبل دول الحصار، وتعويض المتضررين منها.

طالب حقوقيون، الحكومة القطرية بعدم الدخول في أي حوار مع دول الحصار، قبل أن تلغي الأخيرة إجراءاتها التعسفية

كما أكد علي بن صميخ المري على ضرورة التحرك على المستوى الدولي واللجوء إلى محكمة العدل الدولية والاعتماد على تقرير البعثة الفنية في دعم الشكاوى المطروحة أمام منظمة التجارة العالمية ومنظمة اليونسكو والمنظمة الدولية للطيران المدني.

اقرأ/ي أيضًا:

حقوقيون: مطالب الدول المقاطعة لقطر خرقٌ للقانون الدولي وانتهاك لحرية الشعوب

الجالية المصرية في قطر.."ضد المقاطعة، وخائفون من العودة"