07-يونيو-2023
أدى تفجير السد لغرق قرى بكاملها(GETTY)

أدى تفجير السد لغرق قرى بكاملها(GETTY)

كل المؤشرات كانت تشير إلى أن منطقة خيرسون ستكون في نطاق الهجوم الأوكراني المضاد، ومع التحذيرات الأوكرانية من أن روسيا ستقوم بتفجير سد نوفا كاخوفكا، الواقع على نهر دنيبرو، ما سيؤدي إلى إغراق منطقة كبيرة في جنوب البلاد، في محاولة لإيقاف التقدم الأوكراني نحو الضفة اليسرى من نهر دنيبرو.

أظهرت صورًا التقطتها بالأقمار الاصطناعية شركة "Maxar Technologies"، أمس الثلاثاء حدوث فيضان واسع النطاق في جنوبي أوكرانيا، ودمارًا كبيرًا بسد نوفا كاخوفكا، ومحطة الطاقة الكهرومائية بالمنطقة.

أضرار كبيرة لحقت بالسد

 وفي خضم هذه التطورات، شهدت الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء، تفجيرًا ألحق أضرارًا كبيرة بالسد، وبمحطة كاخوفكا للطاقة الكهرومائية.

وأعلن رئيس الهيئة الأوكرانية المشغلة لمحطات الطاقة الكهرومائية، إيغور سيروتا، أن محطة الطاقة المرتبطة بالسد "تدمّرت بالكامل".

وأظهرت صورًا التقطتها بالأقمار الاصطناعية شركة "Maxar Technologies"، أمس الثلاثاء حدوث فيضان واسع النطاق في جنوبي أوكرانيا، ودمارًا كبيرًا بسد نوفا كاخوفكا، ومحطة الطاقة الكهرومائية بالمنطقة.

وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات حول من يقف وراء التفجير، وأكدت موسكو أن الجيش الأوكراني قصف السد متسببًا كذلك في تدمير محطة مجاورة لتوليد الطاقة الكهرومائية، بهدف حرمان شبه جزيرة القرم من المياه، وردت كييف بأن الروس فجروا السد، لتعطيل هجومهم المضاد.

من جهته، قال الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي، أن روسيا أثبتت أنها تشكل تهديدًا لكل شيء حي، بعد تدميرها واحدًا من أكبر خزانات المياه في أوكرانيا، وكتب في حسابه على تلغرام: "أثبت الإرهابيون الروس مرة أخرى أنهم يشكلون تهديدًا لجميع الكائنات الحية. تدمير متعمد تمامًا لواحد من أكبر الخزانات في أوكرانيا"، وأضاف "عاش ما لا يقل عن 100 ألف شخص في هذه المناطق قبل الغزو الروسي، وما لا يقل عن عشرات الآلاف لا يزالون هناك". وأضاف زيلنسكي: "تُرك مئات الآلاف من الأشخاص دون تمكنهم من الوصول إلى مياه الشرب". وتابع "نعمل كل ما في استطاعتنا، لنعطي الخلاص للناس، لكن يمكننا المساعدة فقط في الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا، أما في الجزء الذي تحتله روسيا، فالمحتلون لا يحاولون حتى مساعدة الناس، يوضح هذا الأمر كيف تعامل روسيا مع الأشخاص الذين استولت على أرضهم، وما تجلبه روسيا بالفعل إلى أوروبا والعالم".

عمليات الإجلاء مستمرة

جلسة لمجلس الأمن

هذا وعقد مجلس الأمن، جلسة طارئة صباح اليوم، بطلب من أوكرانيا وروسيا، إثر تفجير السد، واتهم المندوب الأوكراني لدى الأمم المتحدة سيرجي كيسليتسيا، روسيا بارتكاب "عمل إرهابي يستهدف البنية التحتية الحيوية الأوكرانية"، وأضاف كيسليتسيا: "من المستحيل عمليًا أن نفجره من الخارج عن طريق القصف.. لقد زرع فيه المحتلون الروس الألغام وفجروه"، مؤكدًا أن 11 جزءًا من سد كاخوفكا تم تدميرها من بين 24، ويجري العمل لإخلاء 27 منطقة قرب السد. في المقابل، ألقى المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، بالمسؤولية على أوكرانيا، واتهمها بمحاولة "خلق الفرص المواتية  لإعادة تنظيم وحداتها العسكرية لمواصلة الهجوم المضاد"، وأضاف نيبينزيا : "تخريب كييف المتعمد لأحد مرافق البنية التحتية الحيوية، هو أمر خطير للغاية ويمكن تصنيفه على أنه جريمة حرب أو عمل إرهابي"، وأشار إلى أن "قيادة القوات المسلحة الأوكرانية كانت أعلنت صراحة عن استعدادها لتفجير هذا السد لتحقيق مكاسب عسكرية منذ العام الماضي"، مؤكدًا أن "هناك حملة تضليل منسقة من الغرب ومن كييف مفادها أن روسيا هي التي فجرت السد".

من جانبه، قال نائب المندوبة الأمريكية بمجلس الأمن، إن "تدمير سد كاخوفكا سبب فيضانات مدمرة، وأثّر على حياة عشرات الآلاف"، وأضاف أن "الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا لتدافع عن نفسها، وأن على روسيا وضع حد للمآسي الإنسانية"، مشيرًا إلى أن "هناك مخاطر عديدة لتفجير السد، أبرزها الأمن النووي في زاباروجيا".

وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، قد حذر مما وصفها بـ'عواقب وخيمة وبعيدة المدى لتدمير سد كاخوفكا بالنسبة لآلاف الأشخاص في جنوبي أوكرانيا"، وأضاف أنه "لن يتكشف الحجم الهائل للكارثة في نوفا كاخوفكا بالكامل إلا في الأيام المقبلة".

وبعد انتهاء الجلسة، غرد المندوب الأوكراني عبر "تويتر"، متهمًا "روسيا بأنها تتخبط في الأكاذيب مجددًا"،  في إشارة إلى خطاب المندوب الروسي في مجلس الأمن.

عمليات إجلاء مستمرة

هذا، وقالت إدارة منطقة خيرسون المعينة من قِبل روسيا، إنها تجري استعدادات لعمليات إجلاء من ثلاث مناطق هي نوفا كاخوفكا، وجولو برستن، وأوليشكي، وتقع الأخيرتان على الجانب الآخر من مصب نهر دنيبرو، مقابل مدينة خيرسون، العاصمة الإقليمية التي استعادتها أوكرانيا قبل عدة أشهر.

من جهته، أعلن رئيس الإدارة العسكرية لمنطقة ‎خيرسون، غرق 1852 منزلًا، وإجلاء 1457 شخصًا من المناطق الساحلية جراء تفجير السد. ‎

كما قال مسؤول بالرئاسة الأوكرانية: "نأمل أن يتوقف منسوب المياه الناجم عن تدمير سد نوفا كاخوفكا عن الارتفاع بنهاية اليوم"، مؤكدًا إجلاء 2000 شخص حتى الآن بعد انهيار السد.

وأفاد المدعي العام الأوكراني أندريي كوستين، أن "أكثر من 40 ألف شخص معرضون لخطر التواجد في مناطق غمرتها الفيضانات"، مضيفًا أنه "يتعيّن إجلاء أكثر من 25 ألف مدني في الضفة الخاضعة للسيطرة الروسية لنهر دنيبرو".

تهديدات سابقة بتفجير السد

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/ فبراير 2022، سقطت المنطقة التي يقع فيها السد في الأيام الأولى للغزو، وظلت تحت سيطرة الروس منذ ذلك الحين. وتم اعتبار سد نوفا كاخوفكا هدفًا محتملًا، نظرًا لأهميته الاستراتيجية.

وفي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وبينما كانت أوكرانيا تستعيد أجزاء كبيرة من خيرسون، حث الرئيس الأوكراني، الغرب على تحذير روسيا من تفجير سد نوفا كاخوفكا، فقد يحدث ضرارًا كبيرًا في حال تم تدميره، وأنه سيغرق منطقة كبيرة في جنوب أوكرانيا، واتهم القوات الروسية بزرع متفجرات داخل السد.

خزان ضخم

يمتلك سد نوفا كاخوفكا، أهمية إستراتيجية كبيرة، فالخزان الضخم خلف السد ممتد بطول 240 كلم، وفي بعض المناطق يبلغ عرضه 23 كلم، ويمد شبه جزيرة القرم، ومحطة زاباروجيا للطاقة النووية الخاضعتين لسيطرة الروسية بالمياه.

وسيؤدي تفجير السد إلى خلق أزمة إنسانية خطيرة، في منطقة تشهد معارك ضارية، وفي وقت تستعد فيه أوكرانيا لشن هجوم مضاد لطرد القوات الروسية من أراضيها.

كارثة بيئية

يثير تفجير سد نوفا كاخوفكا، إلى حدوث مخاطر بيئية، تؤثر على الحياة البرية والنباتات في جنوب أوكرانيا. فبعد تفجير السد تسرب 150 طنًا من زيت المحركات إلى نهر دنيبرو، بحسب ما أفاد مسؤولون أوكرانيون، محذرين من أخطار بيئية.

 تفجير  سد نوفا كاخوفكا أدى لخلق أزمة إنسانية خطيرة، في منطقة تشهد معارك ضارية، وفي وقت تستعد فيه أوكرانيا لشن هجوم مضاد لطرد القوات الروسية

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، إن "الأضرار التي تلحق بالبيئة مقلقة"، وأضاف أن "أنظمة بيئية كاملة تواجه أضرارًا طويلة الأجل لا رجعة فيها بسبب الفيضانات"، وأعرب عن أسفه قائلًا: "نفقت الحيوانات في حديقة نوفا كاخوفكا نتيجة ارتفاع منسوب المياه. نحن نشهد إبادة بيئية"، وأشار إلى أنه "في ضوء التطورات في ساحة المعركة نفذت روسيا عملًا متعمدًا خطط له قبل فترة طويلة، يتمثل في تدمير السد عن قصد لاستخدام فيضانات المنطقة المحيطة بنوفا كاخوفكا لاحقًا "كسلاح".

تحذيرات من كارثة بيئية

بدوره، كتب رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندريه يرماك، على تلغرام إنها "إبادة بيئية، جريمة ضد البيئة ارتكبتها روسيا"، مرفقًا صورة لأسماك نافقة.

أما المستشارة الصحفية لرئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية، داريا زاريفنا، فكتبت على تلغرام "هناك أيضًا خطر حدوث تسربات جديدة، مما يؤثر سلبًا على البيئة". وكانت الرئاسة الأوكرانية، قد أشارت في وقت سابق، إلى أن هذا التسرب قد يصل إلى أكثر من 300 طن.