02-سبتمبر-2016

عديد الأدوية غائبة عن صيدليات مصر أو في تناقص مستمر(أولستاين بليد/Getty)

صناعة الدواء في مصر بدأت في منتصف القرن الماضي، وحققت نجاحًا كبيرًا في فترة الستينيات، لكن الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تواجه مصر وتطور الفساد في صلب الصناعة، أدى إلى تراجع واضح في هذا المضمار. ولا يخفى على أحد أن هناك بعض الأنواع من الدواء المصري، في تناقص مستمر إلى درجة تهدد حاجة المصريين إليها وبالتالي حياتهم، وعلى الرغم من كون أزمة الدواء غير جديدة في مصر إلا أنها وصلت مؤخرًا إلى مستويات خطيرة لا تخفى على أحد.

يرجع البعض نقص الدواء في مصر إلى عدم توفير الحكومة العملة الأجنبية لاستيراد المواد الخام اللازمة للصناعة أو لشراء الأدوية المستوردة

اقرأ/ي أيضًا: 5 دول تمنع استيراد سلع مصرية لـ"عدم صلاحيتها"

أنواع الدواء الناقص وأسباب الأزمة

يرجع البعض الأزمة الكبيرة في الدواء اليوم في مصر إلى عدم توفير الحكومة العملة الأجنبية للاعتمادات الاستيرادية سواء للمواد الخام اللازمة للصناعة أو للأدوية المستوردة، بينما خصصت هذه الاعتمادات إلى صناعات أخرى منها استيراد الطائرات الرئاسية والطائرات المقاتلة ودعم السينما.

من ناحية أخرى، يرى علي عوف -رئيس شعبة تجارة الأدوية بالغرفة التجارية- أن أزمة نقص الدواء لها أسباب عديدة أخرى، منها أن سعر الدواء ثابت في مصر منذ نحو 20 عامًا، مما لا يعود بالربح على الشركات المنتجة، كما أن مصر تستورد 95% من المادة الخام للدواء من الخارج، وعندما يرتفع سعر الدولار وتقل المادة الخام من مصدرها الرئيسي، يؤخر ذلك إنتاج الدواء وتتجلى الأزمة في السوق، بالإضافة إلى سوء التخطيط لبيع الدواء.

وقد أدى نقصان بعض الأدوية بالفعل إلى وفاة أشخاص في بعض المستشفيات، ومن هذه الأدوية: المحاليل المحلية ومحلول الجلوكوز، الذي ارتفع سعره في السوق السوداء إلى ما يساوي 350% سعره الأصلي، وذلك بعد قرار وزير الصحة بغلق مصنع "المتحدون" العام الماضي، والذي وصفه الأطباء والصيادلة وقتها بالقرار "غير المدروس"، الأمر الذي أدى إلى عدة حالات وفاة بالفعل من العام الماضي وحتى احتقان الأزمة هذا العام جرّاء نقص المحاليل.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تتخلى عن مسكنات الألم؟

في سياق متصل، اتهم أمين الصيادلة الدكتور أحمد فاروق شعبان، في بيان رسمي صدر عن نقابة الصيادلة، الحكومة بالتورط في أزمة المحاليل، واصفًا إياها بـ"الأزمة المفتعلة". وأكد الأمين العام للصيادلة أن "النقابة تدخلت لحل الأزمة وطالبت بوقف أي تصدير للمحاليل إلى الخارج فورًا وعملت مع "شركة النصر" لمضاعفة الإنتاج إلى أكثر من 3 مرات عن طريق تشغيل المصانع لأكثر من ثلاث "شفتات" يومية وأشرفت بنفسها على توزيع الإنتاج على المحافظات المختلفة لضمان عدم توقف أي مستشفى أو صيدلية عن تقديم الخدمة الدوائية للمرضى". وأضاف أن "النقابة فوجئت بأوامر صادرة عن وزير الصحة لشركة النصر تطالب بضرورة إبعاد نقابة الصيادلة عن إدارة الأزمة لتتفاقم من جديد بعد ذلك".

أدى نقصان بعض الأدوية في مصر إلى وفاة أشخاص في بعض المستشفيات ومن هذه الأدوية: المحاليل المحلية ومحلول الجلوكوز

قائمة الأدوية الناقصة في السوق المصرية تطول حتى تصل إلى 200 نوع، منها بعض أدوية الضغط والقلب والجهاز الهضمي والتنفسي وألبان الأطفال وهي أدوية استراتيجية مهمة للغاية لا يمكن التغاضي عن نقصانها من الصيدليات. بينما يقول الدكتور وائل هلال، أمين صندوق نقابة الصيادلة، إن "عدد الأدوية الناقصة بالسوق وصل لعدد أكبر من المعلن من قبل وزارة الصحة ويقترب من نحو ألف دواء مختف من السوق". كما نقلت وكالة رويترز، عن مصدر في معهد أورام السلام التابع لوزارة الصحة المصرية، قوله إن "هناك أصنافًا حيوية في علاج مرض السرطان ليس لها مثيل ولا بديل في الأسواق، كما أنها ناقصة في المستشفيات الحكومية، خاصة علاجين مهمين جدًا في خليط أدوية العلاج النهائية".

هل من مخرج؟

كانت هناك عدة اقتراحات من بينها تلك التي قدمها محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، ومنها أنه "بدلاً من أن ترسل وزارة الصحة قائمة لنقابة الأطباء لإعلامها بالأدوية غير الموجودة بالصيدليات، كان لابد أن ترسل قائمة ببدائل لهذه الأدوية بالإضافة إلى وضع خطة قومية من الحكومة لتوفير كيماويات الدواء الاستراتيجية التي تحتاجها صناعة الدواء حتى لا يعاني المريض من محاولات فاشلة لتوفير الدواء الناقص". بينما طالب البعض الآخر بإعادة رفع أسعار الأدوية وأنه إذا تم ترفيع أسعار الدواء سيزيد ذلك من ربح شركات الأدوية ولن تظهر أزمة نقص الدواء مرة أخرى.

أما المخرج الوحيد، حسب آخرين، فهو أن تتبنى الحكومة خطة حادة واعتمادات مالية كبيرة وتعطي للدواء الأولوية ليتم سد العجز المتفاقم لديها في قطاع الدواء وتتعامل معه بجدية أكبر ترقى لكونه "أمنًا قوميًا" في البلاد وليس مجرد قطاع من قطاعات الخدمات.

اقرأ/ي أيضًا: 

غياب العلاج التلطيفي.. ألم المغاربة الصامت

مصر.. 10 حلول للخروج من "هوس الدولار"