تفاصيل الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها
18 فبراير 2025
سلّطت وكالة "أسوشيتد برس" الضوء على تفاصيل الخطة التي تعمل عليها مصر لإعادة إعمار قطاع غزة دون تهجير سكانه الفلسطينيين، وذلك في مقابل الخطة الأميركية التي قدمها دونالد ترامب، والتي تقضي بتهجير الغزيين واستيلاء الولايات المتحدة على غزة.
تتكون الخطة المصرية، بحسب مصادر أسوشيتد برس، من ثلاث مراحل، ومن المقرر أن تستغرق عملية الإعمار، وفقًا للخطة، فترة لا تتجاوز خمس سنوات. وتتضمن المرحلة الأولى من الخطة المصرية إنشاء ثلاث "مناطق آمنة" داخل غزة، الهدف منها توطين السكان خلال "فترة التعافي المبكر الأولية"، التي تستمر ستة أشهر. ومن المقرر أن يتم تجهيز مناطق الإيواء الآمنة بمنازل وملاجئ متنقلة، مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إليها.
وتنص الخطة على مشاركة أكثر من 20 شركة مصرية ودولية في مهام إزالة الأنقاض وإعادة تشييد البنية التحتية للقطاع، بما يشمل المدارس والمستشفيات والطرق وشبكات الصرف الصحي والمساكن. ومن شأن هذه العملية، بحسب المصادر المصرية، أن توفر عشرات الآلاف من الوظائف لسكان غزة، وهو ما يعدّ دعمًا لصمود السكان الذين عانوا من ويلات العدوان الإسرائيلي الذي استمر طيلة 15 شهرًا.
قدّرت الأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية بنحو 30 مليار دولار، إلى جانب ما يقدر بنحو 16 مليار دولار من الأضرار التي لحقت بالمنازل
يشار إلى أن إحصائيات الأمم المتحدة تشير إلى تدمير أو إتلاف حوالي ربع مليون وحدة سكنية، بالإضافة إلى تضرر أو تدمير أكثر من 90٪ من الطرق، وأكثر من 80٪ من المرافق الصحية. وقد قدّرت الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية بنحو 30 مليار دولار، إلى جانب ما يُقدر بنحو 16 مليار دولار من الأضرار التي لحقت بالمنازل. وهذا مؤشر قوي على أن ما جرى كان في الواقع حرب إبادة جماعية، بذلت فيها إسرائيل كل جهدها لجعل قطاع غزة مكانًا غير صالح للعيش، بحيث يكون التهجير هو النتيجة الطبيعية. وقد وجدت إسرائيل ضالتها في ذلك عند ترامب، لكن الفلسطينيين ظلّوا متمسكين بأرضهم ورفضوا التهجير، ويبقى الدور على الدول العربية والإسلامية للقيام بما يلزم من إعادة الإعمار، مع عدم إغفال ضرورة رفع دعاوى أمام المحاكم الدولية ضدّ إسرائيل لتعويض الفلسطينيين عن الجرائم والتدمير الذي ارتكبه الاحتلال.
مناقشة المقترح المصري عربيًا ودوليًا
وبحسب مصادر "أسوشيتد برس"، فقد ناقشت مصر مقترحها لإعادة إعمار غزة مع دبلوماسيين أوروبيين، فضلًا عن دول عربية بينها المملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة. وأكد مسؤول مصري ودبلوماسي عربي للوكالة أنهم "يناقشون أيضًا سبل تمويل إعادة الإعمار، بما في ذلك تنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة."
ولا يزال المقترح المصري، وفقًا لمصادر "أسوشيتد برس"، قيد التفاوض، حيث من المقرر عرضه هذا الأسبوع في قمة عربية مصغرة تستضيفها الرياض بمشاركة الأردن، وقطر، والسعودية، والإمارات، وذلك قبل تقديمه بصيغته النهائية أمام القمة العربية الطارئة في القاهرة، التي كان مقررًا عقدها في 27 شباط/فبراير، لكنها أُرجئت إلى الرابع من آذار/مارس المقبل.
ووفقًا لدبلوماسي غربي تحدث لوكالة "أسوشيتد برس"، فقد أيدت فرنسا وألمانيا فكرة قيام الدول العربية بتطوير اقتراح مضاد لخطة ترامب. وأضاف المصدر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ناقش جهود حكومته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية أُجريت في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي السياق ذاته، أفاد مسؤولون مصريون بأن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أطلع وزير الخارجية الألماني ومسؤولين آخرين من الاتحاد الأوروبي على الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة دون الحاجة إلى تهجير سكانها، وذلك على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي.
وكان مقترح ترامب بتهجير سكان غزة، البالغ عددهم 2 مليون نسمة، والاستيلاء على أرض القطاع وإعادة بنائه ليصبح "ريفيرا الشرق الأوسط" دون السماح لسكانه بالعودة إليه، قد أثار ضجة عالمية كبيرة. فقد رفضه الفلسطينيون، كما رفضت مصر والأردن دعوة ترامب لتوطين سكان غزة في أراضيهم. واعتبرت منظمات حقوقية دولية أن المقترح جريمة حرب محتملة ترقى إلى درجة التطهير العرقي، كما نددت به العديد من الدول الأوروبية والإسلامية، في حين رحّب به رئيس الوزراء الإسرائيلي واليمين المتطرف.
تحدي استمرار وقف إطلاق النار
يواجه أي مشروعٍ للإعمار تحدي صمود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي تنتهي مرحلته الأولى بداية آذار/مارس المقبل، إذ يتعين على حماس وإسرائيل خوض جولة جديدة من المفاوضات للانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق. غير أن إسرائيل تتلكأ في تنفيذ استحقاقات المرحلة الأولى، كما ترددت كثيرًا في بدء مفاوضات الجولة الثانية، في ظل مخاوف من أن يفجّر نتنياهو الاتفاق في أي لحظة، بهدف العودة إلى الحرب تحت ضغط اليمين المتطرف من جهة، ورغبته في البقاء في الحكم من جهة أخرى.
وترى "أسوشيتد برس" أنه "سيكون من المستحيل تنفيذ أي خطة لإعادة الإعمار دون التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية، بما في ذلك الاتفاق على من سيحكم غزة على المدى البعيد".