09-فبراير-2025
دول غرب إفريقيا

(AFP) دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر تعلن عن تحالف استراتيجي

أطلقت مالي والنيجر وبوركينا فاسو حملةَ إصلاحات قوية لاستعادة السيادة على ثرواتها المعدنية والباطنية من الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات، ولكي تُثبت تلك الدول مدى صرامتها في تطبيق السياسة الجديدة الخاصة بمواردها الباطنية من ذهب ويورانيوم لم تتردّد عن الدخول في معركةٍ حقيقية مع الشركات الأجنبية القوية التي رفضت الانصياع لقواعد العمل الجديدة بما تتضمنه من زيادةٍ كبيرة في الضرائب وتسديدٍ للديون وحصص الأرباح المتأخرة.

يشار إلى أنّ شركات أجنبية أخرى فضلّت الرضوخ للسياسات الجديدة، من أجل المحافظة على أعمالها في المناجم الغنية بالذهب واليورانيوم في غرب إفريقيا.

ومن المتوقّع أن تلتحق السنغال بركب مالي والنيجر وبوركينا فاسو التي أعلنت تمردها على الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات، وقبلها على الوجود الفرنسي في المنطقة، زاعمةً أنّ تلك الشركات استغلّتْ ضعف النظام السياسي السابق للاستيلاء على خيرات وثروات شعوبها، وأنه حان الوقت لوقف نزيف الثروة واستفادة الشعوب من مقدّراتها، الأمر الذي يعني حسب متابعين "تغيير قواعد اللعبة في قطاعٍ استراتيجي تهيمن عليه شركات قوية متعددة الجنسيات".

استفادت الشركات الكبرى متعددة الجنسيات في دول غرب إفريقيا من إعفاءات ضريبية ومن امتيازات كثيرة جعلتها في بعض الأحيان أقوى من الحكومات

تغيير قواعد اللعبة

وجدت مجموعة أورانو الفرنسية نفسها أمام قرارٍ بإلغاء التصريح الذي يخولها تشغيل أحد أهم مناجم اليورانيوم في العالم وهو منجم "إيمورارين" في النيجر، كما فقدت ذات الشركة نهاية عام 2024 المنصرم سيطرتها التشغيلية على مناجم سومائير، علمًا بأنّ المجموعة الاقتصادية الفرنسية ظلّت تمارس عملها في النيجر منذ عام 1971، لكن ذلك التاريخ لم يشفع لها عند حكّام نيامي الجدد الذين يوصفون في الإعلام الفرنسي بالعنيدين، إذ لطالما امتلكت مجموعة "أورانو" المعروفة سابقًا باسم "أريفًا" سلطاتٍ قوية تفوق في بعض الأحيان سلطات المسؤولين السياسيين في البلاد قبل الإطاحة بنظام الرئيس محمد بازوم منتصف عام 2023.

وبات من غير المستبعد أن تواجه شركات أجنبية أخرى ذات المصير، وعلى رأس تلك الشركات مجموعة غوفيكس الكندية التي تعمل هي الأخرى في مجال استخراج اليورانيوم.

ولتعويض فراغ المجموعة الفرنسية استحدثت حكومة النيجر شركتين حكوميتين لاستخراج اليورانيوم والذهب، وذلك ضمن ما تسميه نهج الإدارة المثلى للموارد والسيادة الكاملة على ثروات البلاد.

غير بعيدٍ من النيجر، قامت بوركينا فاسو ومالي، خلال عامي 2024 و2023، باستصدار قوانين جديدة توصف بالصارمة لإدارة وتنظيم استخراج الموارد المعدنية وغيرها، حيث زادت الضرائب والرسوم وألغت الإعفاءات الضريبية التي طالما استفادت منها الشركات الأجنبية الكبيرة، كما ألزمت القوانين الجديدة تلك الشركات بمنح الأولوية للمواطنين في التشغيل، بالإضافة لرفع نسبة حصص الدولة من المشاريع المنجمية وفسح المجال أمام الشركات الوطنية للاستثمار في تشغيل المناجم.

يشار في هذا الصدد إلى أنّ السلطات المالية قامت باعتقال رئيس مجلس إدارة ريزولوت للتعدين الأسترالية التي تستخرج الذهب بعد رفض الشركة دفع المستحقات المترتبة عليها والوفاء بتعهداتها، ولم تطلق السلطات المالية سراح المدير التنفيذي والإداري للشركة إلا بعد التزامها بواجباتها تجاه الدولة المالية.

وتشير التقديرات إلى أنّ باماكو استردّت في العام المنصرم حوالي "723 مليون دولار من شركات التعدين، ومن المتوقع أن يتضاعف الرقم بفضل القوانين الجديدة خلال الربع الأول من العام 2025".

كما يشار أيضًا إلى أن مالي التي صُنّفت عام 2023 كثاني أكبر مُنتج للذهب في إفريقيا زادت نسبة مشاركتها في الأنشطة التعدينية من 20% إلى نسبة 35%.

السنغال على الطريق

أعلن القادة الجدد للسنغال ممثلين في الرئيس بشير ديوماي فاي ورئيس وزرائه عثمان سونكو أنهم بصدد مراجعة اقتصادية لقطاع التعدين في البلاد، وعلى ضوء ذلك سيعيدون النظر في عمل 13 شركة كبرى تعمل في المجال، ومن بين تلك الشركات مجموعة إيراميت الفرنسية التي تقوم باستخراج معدن الزيركون على طول الساحل السنغالي، ويبرر قادة السنغال هذه المراجعة بضرورة حماية ثروة البلاد وضمان توظيفها في مصالحه الإستراتيجية.

وجّهت دول غرب إفريقيا بهذه السياسات والإجراءات ضربةً قوية لشركات التعدين العالمية، ممهدةً بذلك الطريق لتحول استراتيجي يأمل مواطنو تلك الدول أن يكون لصالح تنميةٍ طالما تطلّعوا إليها.