30-أكتوبر-2019

إجناسيو إيتوريا/ الأوروغواي

مفارقة

لمْ تسمعْ التسْجيل

أدركُ أنّك لم تسمعهُ

كنتُ أريدُ إخبارَكَ:

العالـمَ دعَـسَ على قدميَّ البارحة

فانتقلَ شرودُ قلقي إليهِ

كذلكَ أريدُ أن تعلمَ:

أنا الآن أعيشُ بلا قلقٍ

وسَهَري ينامُ مَفتوح الجّفنين

مفتوحًا على الشارداتِ الوارداتِ

 

لم تسْمَع التّسجيلَ

أعرفُكَ تمامًا مثلما ألمسُ حزني

كنتُ أودّ الاعتراف لكَ وحدكَ

وأنتَ جمعٌ غفيرٌ بوحدتكَ:

أصبحتُ شقراء

ذاتَ عيـونٍ تغزلُ

لـونَ الحشيش بِنَهَـمٍ

نعم غدوْتُ الغريْبَة عن ملامحي

لكنّـكَ الـوحيدُ الذي ستتعـرّفُ عليَّ

أثقُ بكَ كما أثقُ بي وأحزاني!

 

لمْ تَسمعْ التسجيل

كنتُ أنوي أن أسِرّكَ:

النّجمة التّاسعة ماتتْ

أورثَتني وصيّةً وَحيْـدةً

مفادُها أن أشتعِلَ

كلّما نظرتَ إلى السّماء

برغبةِ أن ترتّقَ ثوبها الأزرق

يا الله كم أنا الآنَ مشتعلةٌ

وأضيءُ عتمةَ روحي وروحك!

 

لم تسمعْ التسجيلَ

أردْتُ البوحَ لا كعاشقةٍ وإنّما مثل نجمة:

علاقتي بالّلون الأحمر لـم تتغيّر

كعلاقتي باللونِ الذي تفضلّه أنت

له في نفسي حَظْوَة

وقد غابَ عنكَ

أن تُهديني وردةً بيضـاءَ

وقلتُ لكَ: أحبُّ البيضاء أكثر

تسْردُ لي كلّ غَيرَة فَـقْــدٍ

سِيْرَةً رائِبَةَ النّقاءِ

تتحللُ بماء روحي فائضةً عليك!

 

لم تسمع التسجيل

لو تعلَم كم هو مؤلمٌ ألّا تسمعَ: 

بأنّكَ الآن تعيشُ بقلـبٍ نـاقـصٍ

فلقد أكلَ جوعُ حُبّي منه جزءًا

حينما سهوتَ عني قليلًا

ارتأيتُ أنّـهُ الحـلّ الأمْثل

لأبْقيـك فيّ دائمًا ولو بقلبٍ ناقصٍ

 

لم تسمعْ التسجيلَ

لأني لمْ أرسلهُ لكَ

أو لأقل: لمْ أسجّل شيئًا!

 

غوايَةُ المعنى

الحروفُ مثقوبةٌ

تتسـعُ ثقوبُهـا كرَحٍم لتوائـمِ المعنى واللامعنى

تتوسّـعُ بما يشبهُ مُحيطًا هادرًا أو مجرّةً سوداءَ

تتقلّصُ بما يكفي لقصيدةٍ مكثّفةٍ أو أرضٍ بعيدةٍ

فقـط للذي تهوى واللاجئين ورعاةِ الخسارات

تهبُ ظلالَها مَلاذاً أخيرًا..

 

تتـراءى لنُدَمائها وزائريها بوابةَ زمنٍ

تسْحَبُ منهم برفق غوغائهم المتشرّدة

وأسئلتهم التي تبقى معلقةً كالمشانق

كلّما دَبّ بهم شعـورٌ يتنَدّرُ المعرفة

أو ألمَّ بهم تاريـخُ ضَياعِهم

تُدخلُهم في دَهاليز نشـوةٍ

تكذبُ على نفسِها وتصدّقُها

قَدرُها الوحيدُ أنّها صانعةُ المعنىَ

ومالها حروفها!

 

اقرأ/ي أيضًا:

كأن ظليّ أبيض

نجّارو باطون وعيّافون