تعليق صادرات الأسلحة الألمانية إلى تل أبيب.. الانعكاسات العسكرية والدبلوماسية
11 أغسطس 2025
أجرى السياسي الألماني فريدريش ميرتس، أمس الأحد، مقابلة مع قناة "ARD" العامة، تناول فيها أسباب قرار حكومته تعليق تزويد إسرائيل بالأسلحة المستخدمة في الحرب على قطاع غزة. وقال إن تقييد صادرات الأسلحة جاء ردًا على إعلان سلطات الاحتلال خطة لتوسيع العمليات العسكرية في غزة واحتلال القطاع بالكامل.
وأوضح ميرتس أن بلاده "لا يمكنها إيصال أسلحة إلى صراع يُدار الآن بالوسائل العسكرية فقط"، مشيرًا إلى أن الدعم الألماني يقتصر على الجهود الدبلوماسية، وهو ما تقوم به بالفعل، في إشارة إلى الإسناد السياسي الممنوح لإسرائيل في المحافل الدولية والأوروبية. وذكّر بأن ألمانيا وإيطاليا عرقلتا الشهر الماضي مقترحًا لتعليق مشاركة إسرائيل في برنامج هورايزون أوروبا، أكبر مشروع بحث وتطوير دولي في مجالات العلوم والصناعة، كما رفضت برلين الانضمام إلى بيان وقّعته 25 دولة أدانت منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، في وقت يواجه فيه القطاع خطر المجاعة.
وفي دفاعه عن القرار، حذّر ميرتس من أن توسيع نطاق العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة قد "يودي بحياة مئات الآلاف من المدنيين، وسيتطلب إخلاء مدينة غزة بأكملها"، متسائلًا: "أين يُفترض أن يذهب هؤلاء الناس؟ لا يمكننا فعل ذلك، ولن نفعل ذلك، ولن أفعل ذلك".
يعتمد جزء كبير من الصناعات العسكرية الإسرائيلية في مجال الدبابات وناقلات الجند المدرعة من طرازات "ميركافا والنمرو إيتان" على محركات وقطع ألمانية
لكن ميرتس حرص، في المقابل، على تأكيد وقوف ألمانيا إلى جانب إسرائيل، قائلًا: "برلين وقفت بثبات إلى جانب إسرائيل لمدة 80 عامًا، وهذا لن يتغير". وبعد الاحتجاج الإسرائيلي على القرار، أصدرت المستشارية الألمانية بيانًا أكدت فيه أن "مبادئ سياسة ألمانيا تجاه إسرائيل لا تزال ثابتة".
في المقابل، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانًا ندد فيه بالقرار الألماني، معتبرًا أنه دعم لحركة حماس ولـ"ثاني أكبر عملية تستهدف اليهود منذ الهولوكوست"، في استحضار إسرائيلي لماضي الحقبة النازية للضغط على برلين. غير أن أصواتًا داخل إسرائيل رأت أن "الهولوكوست لم يعد يمنح إسرائيل الحصانة التلقائية" التي طالما اعتمدت عليها في سياساتها تجاه الفلسطينيين.
ألمانيا ثاني أكبر مورّد للأسلحة إلى إسرائيل بعد الولايات المتحدة
رجّحت أوساط عسكرية أن تتعرض الصناعة العسكرية الإسرائيلية لـ"ضربة قاتلة" بعد القرار الألماني بتعليق تصدير الأسلحة، وذلك لسببين رئيسيين: أولًا، كون برلين ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل؛ وثانيًا، أن إسرائيل تخوض منذ نحو عامين حربًا متعددة الجبهات.
ويرى محللون استراتيجيون أن ما صنع الفارق لصالح إسرائيل في هذه المواجهة هو الإمداد العسكري المتزايد من الحليفين الأميركي والألماني، إذ كان من شأن طول أمد الحرب أن يستنزف القدرات العسكرية الإسرائيلية لولا هذا الدعم المستمر. ومع تعليق الصادرات الألمانية، يعود شبح الاستنزاف العسكري ليهدد قدرات تل أبيب الدفاعية.
يُشار إلى أن ألمانيا زودت إسرائيل خلال الحرب بغواصات "دلفين" القادرة على حمل رؤوس حربية نووية، فضلًا عن أن البوارج وسفن الصواريخ الرئيسية في سلاح البحرية الإسرائيلية من طراز "ساعر" صُنعت بالكامل في أحواض بناء السفن الألمانية. ويؤكد خبراء الصناعات الدفاعية أن برنامج "التعويضات الألمانية" الذي أُقر مطلع ستينيات القرن الماضي كان من أبرز العوامل التي رفعت مكانة إسرائيل في مجال الصناعات العسكرية.
الأسلحة والصناعات المرجح تأثرها بالحظر الألماني
يعتمد جزء كبير من الصناعات العسكرية الإسرائيلية في مجال الدبابات وناقلات الجند المدرعة من طرازي "ميركافا" و"النمرو إيتان" على محركات وقطع ألمانية، ما يجعل هذه المنظومات مهددة بالتأثر المباشر. كما يشمل التأثير المتوقع قطاع القذائف والذخائر وأنظمة الصواريخ التي تشارك شركات ألمانية في تطويرها وتوفير مكوناتها الأساسية. وعلى الرغم من أن عدة دول أوروبية اتخذت قرارات حظر مشابهة، فإن القرار الألماني، بحسب موقع "كالكاليست" الإسرائيلي، يعد أقوى ضربة لهذا القطاع.
إضافة إلى ذلك، ترتبط إسرائيل وألمانيا بعقود دفاعية كبرى، بينها صفقة لتطوير ثلاث غواصات جديدة لتعويض غواصات "دلفين"، بقيمة تتجاوز ثلاثة مليارات دولار، تتكفل الحكومة الألمانية بجزء من تمويلها. ويرجح مراقبون أن هذه الصفقة قد تتعثر على خلفية القرار الأخير.