11-يونيو-2022
تعقيدات دولية تواجه عملية تركية محتملة في شمال سوريا (Getty)

تعقيدات دولية تواجه عملية تركية محتملة في شمال سوريا (Getty)

أفادت وسائل إعلام تركية بأن تركيا لم تتمكّن من الحصول على ضوء أخضر روسي وأمريكي لعمليتها العسكرية المرتقبة ضد "قوات سوريا الديمقراطية" المعروفة اختصارا ب "قسد"، لكن ذلك الرفض لم يحل دون مواصلة الجيش التركي لاستعداداته التي كان قد بدأها لشن حملة عسكرية ثالثة بعد عمليتي غصن الزيتون مطلع 2018 التي انتهت بالاستحواذ على عفرين، ودرع الفرات نهاية 2019 التي اكتملت هي الأخرى بالسيطرة على تل أبيض ورأس العين في شرقي الفرات. أما العملية العسكرية الثالثة المرتقبة فتهدف إلى توسيع "المنطقة الآمنة في الشمال السوري" من خلال السيطرة على سد تشرين الواقع على نهر الفرات في ريف منبج، بحسب ما أفادت به صحيفة "صباح" المقرّبة من الحكومة التركية.

 أفادت وسائل إعلام تركية بأن تركيا لم تتمكّن من الحصول على ضوء أخضر روسي وأمريكي لعمليتها العسكرية المرتقبة ضد "قوات سوريا الديمقراطية"

وفي التفاصيل أفادت مصادر إعلامية تركية مختلفة، حسب ما نقلت صحيفة العربي الجديد، أن اجتماع وزيري الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو ونظيره الروسي سيرغي لافروف لم يخرج بتفاهم معلن حول العملية العسكرية التركية المحتملة في الشمال السوري. وإن كان لافروف قال في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع إن بلاده "تتفهم تمامًا مخاوف أصدقائنا (الأتراك) بشأن التهديدات التي تشكلها قوى خارجية على حدودهم، بما في ذلك من خلال تغذية النزعات الانفصالية في المناطق التي تسيطر عليها القوات الأمريكية بشكل غير قانوني في سوريا".

في ذات الصدد نشرت صحيفة "خبر تورك" التركية، ما وصفتها بتسريبات حول اجتماع لافروف وأوغلو، جاء فيها أن "تركيا تلقت من روسيا تفهمًا لمواقفها حيال الهجمات التي تتم من منبج وتل رفعت التي تسيطر عليها "قسد"، ضد المناطق الخاضعة للنفوذ التركي في شمال سوريا، مؤكدة أن موسكو لم تعترض على الحجج التركية المقدمة. كما ذكرت الصحيفة أن "تركيا أشارت للجانب الروسي إلى وقوع تل رفعت داخل الحدود على مسافة 18 كيلومترًا، ومنبج على مسافة 28 كيلومترًا، وأن منع الهجمات المسلحة يتطلب تشكيل منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترًا"، مؤكدة أن الوزيرين اتفقا على تواصل اللقاءات بين البلدين.

وتشير تقارير بشأن تسريبات "خبر تورك" أن "الجانب الروسي يريد مناقشة أي تحرك عسكري تركي في شمال سوريا، خلال الجولة المقبلة من مفاوضات أستانة بين الثلاثي الضامن (روسيا، تركيا، إيران) والمقررة في العاصمة الكازاخية نور سلطان منتصف حزيران/يونيو الجاري". هذا وتعوّل قوات "قسد" على تضارب المصالح الروسية التركية لمنع أي عملية عسكرية تركية في "غرب الفرات" الواقعة ضمن نفوذ موسكو، خصوصًا منطقة تل رفعت في ريف حلب الشمالي. علمًا أن قائد القوات الروسية في سوريا العماد ألكساندر تشايكو اجتمع يوم الثلاثاء الماضي، مع قائد "قسد" مظلوم عبدي، في نقطة روسية، غربي مدينة الحسكة، في أقصى الشمال الشرقي من سوريا.

ومن غير المستبعد أن يكون الجانبان قد توصلا إلى اتفاق بمقتضاه تعزّز قوات النظام السوري وجودها شرقي سوريا، مقابل الوقوف ضد أي تدخل عسكري تركي محتمل. حيث أكدت مصادر عسكرية "وجود تحرك عسكري من قبل النظام والروس وقوات "قسد" على جبهة تل رفعت". ومن غير المستبعد حسب صحيفة "حرييت" التركية،  أن تنطلق الحملة العسكرية الجديدة للجيش التركي خلال أسبوع مع اكتمال استعدادات "الجيش الوطني" التابع للمعارضة السورية، وتحديد الأهداف.

وكانت صحيفة "صباح" المقرّبة من الحكومة التركية، أكدت أن "القوات المسلحة التركية وقوات الجيش الوطني، أكملا استعدادهما للعملية التي تستهدف تل رفعت ومنبج، بانتظار الأوامر التي ستأتي من أنقرة". وقالت صحيفة صباح إن "العملية تستهدف السيطرة على سد تشرين الواقع على نهر الفرات في ريف منبج، من أجل حل مشكلتي الكهرباء والماء، التي تعاني منها منطقة درع الفرات منذ سنوات".

ويوم الخميس، نقلت صحيفة صباح التركية عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله "سنبدأ باتخاذ خطوات تتعلق بالجزء المتبقي من الأعمال التي بدأناها لإنشاء مناطق آمنة في عمق 30 كيلومترًا على طول حدودنا الجنوبية (مع سوريا)"، مضيفًا "أن العمليات ستبدأ بمجرد انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن"، وأردف أردوغان قائلًا:  "سنتخذ قراراتنا بهذا الخصوص في اجتماع مجلس الأمن القومي الخميس".

بدورها، فإن واشنطن تبذل جهودًا لإقناع الأتراك بالتخلي عن توغل عسكري جديد في الشمال السوري. فقد قالت باربارا ليف، نائبة مستشار وزارة الخارجية الأمريكية إن العملية المحتملة من قبل تركيا "ستعرّض المهمة الأمريكية في سوريا للخطر"، مضيفة: "نبذل قصارى جهدنا لثني الحكومة التركية عن العملية العسكرية".

بدورها، فإن واشنطن تبذل جهودًا لإقناع الأتراك بالتخلي عن توغل عسكري جديد في الشمال السوري

وفي ردها على سؤال خلال جلسة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي حول إمكانية تراجع تركيا عن العملية، قالت: "نحن نعبر عن مخاوفنا، لكن لنكن صريحين فهم (الأتراك) لا يتراجعون".