13-يوليو-2017

فرقة كناوة

الكناوة موسيقى من عالم آخر، موسيقى الأرواح كما يقال. تعبر عن أرض الأجداد، والاشتياق إلى الأصل. بمجرد أن تطأ قدمك إلى أرض المغرب، ستصادف لا محال فرقة مؤلفة من رجال أو نساء، تعزف موسيقى "الكناوة"، في أحياء مختلفة من مدن المغرب. تجدهم مميزين، بآلاتهم التقليدية المتمثلة في "القراقب" النحاسية و"البانجو" الوتري، وأزيائهم الملونة، فضلًا عن رقصاتهم التقليدية السريعة، وقباعاتهم الخاصة.

 بمجرد أن تطأ قدمك إلى أرض المغرب، ستصادف لا محال فرقة مؤلفة من رجال أو نساء، تعزف موسيقى الكناوة

وتحتضن الصويرة المغربية، فن "الكناوة"، ليحج ككل سنة من مختلف بقاع المغرب والعالم، عشاق هذا اللون الموسيقي الأفريقي، الذي يمثل لا شك جزءًا من ذاكرة المغاربة.

اقرأ/ي أيضًا: فرقة "ناس الغيوان".. الزمن المغربي لم يرحل

موسيقى لذاكرة الأسرى

يقال إن أصل موسيقى "كناوة" من تمبكتو، عاصمة مالي، لكن البعض الآخر يؤكد أنها من السودان، أو أرض السينغال. لكن القاسم المشترك بين هذه الأراضي هي أن أصل الموسيقى أفريقي، وذلك واضح من خلال أزياء المزركشة والملونة، وطرابيشهم المميزة، فضلًا عن قراقبهم النحاسية، هي أزياء تمثل تقاليد الأفارقة.

لكن السؤال كيف جاءت هذه الموسيقى إلى المغرب؟، يقول أحد العازفين لموسيقى كناوة، والذي يسمى بالدارجة المغربية "المقدم" أو "المعلم": "إن العبيد أو أسرى الحرب، جيء بهم إلى المغرب، في القرن الـ16، في زمن الحروب وتجارة العبيد، انتشر هؤلاء الأشخاص في أرض المغرب، تزوجوا واختلطوا بباقي المغاربة، وأنجبوا أطفالًا، ليصبحوا نساء ورجالًا، هؤلاء الأشخاص تمسكوا بتقاليدهم وحنينهم إلى أرض الأجداد وألفوا موسيقى "كناوة".

المغرب ليس البلد المغاربي الوحيد الذي يوجد فيه هذا النوع من الموسيقى، بل الجزائر أيضًا، تونس هي الأخرى تحتضن هذا اللون الموسيقي. الذي امتزج أو التحم بأنواع موسيقية أخرى أكثر عصرية، مثل "الجاز".

الكناوة.. فضاء الأرواح

في المخيال الشعبي بالمغرب، ارتبطت هذه الموسيقى بالشعوذة والأرواح، كما أنها كانت حاضرة دائمًا في الزوايا، لإحياء ما يسمى بـ"الليلة"، أو "الحضرة" أو "الزار". أصحاب هذه الموسيقى يؤكدون على أنها موسيقى الأرواح بامتياز، فهي لا تختلف كثيرًا عن موسيقى مغربية أخرى مثل "عيساوة" أو "حماشة"، فهي "تشفي المريض الذي يعجز الطبيب عن علاجه"، وفقًا لتعبيرهم.

تقول نعيمة، وهي إحدى عاشقات موسيقى كناوة، في حديثها لـ"ألترا صوت"، إنها دأبت على إحياء الليلة لاحتفاء بموسيقى كناوة في إحدى الزوايا بمدينة طنجة، شمال المغرب. لأن هذه الموسيقى كما تقول "تسافر بك إلى عوالم أخرى، غير مرئية أبدًا، فمن يعاني من علة أو مرض روحي، يتعلق بعالم الجن، فعليه بموسيقى كناوة". لكن "المقدمية"، يؤكدون أن الموسيقى لا تشفي بل لا شفاء سوى للخالق، لكن المريض يبحث عن السبب والله في النهاية هو شافي.

في المخيال الشعبي بالمغرب، ارتبطت موسيقى الكناوة بالشعوذة والأرواح

اقرأ/ي أيضًا: الموسيقى الأندلسية.. وقت مع أحفاد زرياب

تنقسم الليلة كناوة في زوايا المغربية، من الليلة خاصة بعشاق هذه الموسيقى، وليلة أخرى تسمى ليلة المريض، هنا يحترم المريض الطقوس المتعارف عليها، وهي كالتالي: "ضبيحة، بخور وشموع، ورقص على انغام هذه الموسيقى حتى الإغماء للوصول إلى نشوة والاكتفاء، وهذا ما يسمى بالدارجة المغربية "الجذبة".

الصويرة.. عصرنة الكناوة

 تعتبر الصويرة، جنوب المغرب، عنوانًا لموسيقى الكناوة بالمغرب. يحج عشاق هذا الفن إلى أرض "موغدارو"، في كل سنة إلى المغرب، سواء مغاربة أو أجانب. قبل المهرجان الصويرة، كانت تضل هذه الموسيقى في كنف الزوايا، لكن تبقى الصويرة مهد تطور هذه الموسيقى، والمقصد الأول لكبار الموسيقيين العالميين، الذين رغبوا في توظيف الإيقاعات الكناوية وإدماجها في محاورات موسيقية تجريبية، ففي هذه الدورة "العشرين" مثلا، والتي انتهت قبل أيام قليلة ماضية، امتزجت موسيقى الكناوة مع إيقاعات برازلية وفرنسية، وباكستانية، لإعطاء انتعاشة جديدة لهذا الفن الأفريقي، بعد أن ظل مجالها منحصرًا في فضاءات شعبية و"مواسم" جماعية.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الروك.. في ديوان العرب

إبراهيم كيفو.. صوت سوريا القديمة