24-نوفمبر-2018

يسعى السيسي إلى استغلال تبعية البرلمان له لتمرير التعديلات الدستورية (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

بدأ التلميح للحملة الإعلامية للتعديلات الدستورية، التي ينوي النظام في مصر، إقرارها منذ وقت مبكر، ربما منذ الوقت الذي أعلن فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه قبل عامين، أن الدستور قد كُتب بنوايا حسنة، وأن النوايا الحسنة لا تبني الشعوب.

هناك محادثات بين شخصيات نافذة بالدولة المصرية وعباس كامل مدير المخابرات، حول محتوى وموعد التعديلات الدستورية، تجري في طور الاتفاق

"لأن الدستور ليس نصًا مقدسًا... كما أن تعديله رغبة شعبية"، هكذا كتب أحد الصحفيين في الأهرام اليومي، واصفًا المواد التي رأى أنه من الواجب تعديلها مثل المادة 147 التى تمنع رئيس الجمهورية من إعفاء الحكومة أو إجراء تعديل وزاري، بين الوزراء الذين عينهم بموجب منصبه، إلا بعد موافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة، باعتبارها موادًا غير منطقية.

ثم بدأت حملة طويلة عن ضرورة إعادة النظر في مواد الفصل الثاني من الباب الأخير والمتعلقة بالأحكام الانتقالية، حيث توجد عشرون مادة ترتبط بمرحلة عدم الاستقرار، "وبذلك تكون التعديلات الدستورية تحقيقًا لرغبة شعبية فى حياة سياسية مستقرة ودائمة"، على وصف جريدة الأهرام اليومية، المقربة من السلطات المصرية.

اقرأ/ي أيضًا: بعد مسلسل من الانتهاكات.. السيسي يسعى لتعديل دستور "النوايا الحسنة"

ربيع التعديلات الدستورية.. في انتظار العام المقبل

وحسب ما كشفته صحيفة العربي الجديد، فإن هناك محادثات بين شخصيات نافذة بالدولة وعباس كامل مدير المخابرات، حول محتوى وموعد التعديلات الدستورية، تجري في طور الاتفاق، وقد صدرت تعليمات رسمية بعدم تداول تفاصيل المباحثات.

تتضمن الخطة التي تم تسريبها بالفعل لبعض الصحف، أن يتم اقتراح التعديلات في العام المقبل، فيما يتحدث بعضها عن عودة مجلس الشورى الذي تم إلغاؤه في دستور 2014، وهي العودة التي ستكلف خزانة الدولة مبالغ طائلة لتحملها مصروفات حضور الأعضاء وانتقالاتهم وغيرها، خاصة في ظل تعويم سعر العملة المحلية.

لكن الأهم من الحديث عن عودة مجلس الشورى من عدمه، هو فحوى التعديلات نفسها التي تتناول تعديل فترة الرئاسة نفسها لتصبح ست سنوات بدلًا من أربعة، ما يجعل فترة بقاء الرئيس على رأس السُلطة التنفيذية والعسكرية تستمر لما بعد عام 2022، وهو ما يتزامن مع انتهاء فترته الرئاسية الثانية والأخيرة بحكم الدستور القائم.

تحدثت مصادر عن تحركات داخل النظام يقودها عباس كامل، مرتبطة باستغلال التشكيلة الحالية للبرلمان، من أجل الإسراع بإجراء تعديل واسع للدستور

تشمل التعديلات أيضًا المادة 226 التي تحظر تعديل الدستور إلا بمزيد من الضمانات المتعلقة بالحقوق والحريات، وستشمل أيضًا جواز تعطيل إصدارالصحف ووسائل الإعلام بقرارات إدارية، على أن يتم بحث كيفية إيجاد إطار قانوني للطعن عليها، فضلًا عن إباحة حل المجالس المحلية المنتخبة بقرار من رئيس الجمهورية وتغيير قواعد إشهار الأحزاب السياسية، لتتطلب مزيدًا من الأعضاء لمنحها الإشهار وترخيص العمل.

وفي وقت سابق من هذا العام، تحدثت مصادر عن تحركات داخل النظام يقودها عباس كامل، مرتبطة باستغلال التشكيلة الحالية للبرلمان المؤيدة للسُلطة تأييدًا مطلقًا، من أجل الإسراع بإجراء تعديل واسع للدستور دون ترك أي مساحة لعرقلة هذه التعديلات، أو محاولة للوقوف في وجه أي استفتاء عليها، أو حتى مناقشتها إعلاميًا.

بينما يرى فريق آخر ضرورة الانتظار حتى ينتهي الرئيس من فترة رئاسته، حيث سيؤتي الانتظار أُكله بشكل أكبر في الصندوق الانتخابي، وسيسمح للسيسي بالحصول على دعم شعبي قياسي، وربما يمكّنه التمهيد الإعلامي من تغيير الخطة وإزالة قيد عدم تولي المنصب لأكثر من فترتين.

اقرأ/ي أيضًا: السيسي.. خطب الدكتاتور المأزومة

الطبخة الإعلامية.. إلى مزيد من الحشد

تبدو تفاصيل التحرك الإعلامي الذي سيمهد للتعديلات الدستورية واضحة، فلطالما لعب النظام على مسارين، أولهما محاربة الإرهاب، وأن هناك تربصًا بمصر ولا يمكن الاستغناء عن السيسي الآن في وسط معركة لم تتحدد نهايتها، وثانيهما استكمال لمسيرة التنمية المفترضة، التي يقودها السيسي، وهو نفس الخطاب الذي تم استخدامه عند إعادة انتخابه في حزيران/ يونيو الماضي، ولا يُتوقع أن يقوم أي سياسي بمعارضة التعديلات، على الرغم من أن عبد الله الأشعل الديبلوماسي السابق والمرشح الرئاسي السابق، وصف التعديلات الدستورية بأنها التفاف صريح على إرادة الشعب.

الجدير بالذكر أن التصريح الشهير للسيسي  بعدم رضاه عن دستور 2014، يعتبر تمهيدًا لنواياه المسبقة بخصوص تلك التعديلات، حيث قال في أيلول/ سبتمبر عام 2015، "أن الدستورقد كُتب بنوايا حسنة والدول لا تٌبنى بالنوايا الحسنة فقط".

تبقى الإشارة إلى أن التوقعات تنفي وجود معارضة سياسية خارجية لأي تعديلات دستورية يقودها السيسي في الداخل، خاصة وأن النظام يتبنى نغمة المحافظة على الاستقرار ومنع تدفق المزيد من المهاجرين إلى أوروبا، كما أن كلمة السر في الخارج ستبقى "إسرائيل" التي ترى أن السيسي صديق مهم قدم لإسرائيل خدمات جليلة، ولا يمكن الاستغناء عنه الآن. أما المثير للسخرية فهو أن الدستورالحالي بحد ذاته يتم التعامل معه وكأنه غير مرئي، حيث تم تمرير العديد من القوانين غير الدستورية في الحكومات المتعاقبة، خاصة فيما يتعلق بالموازنة أو الحقوق والحريات، هذا بالإضافة إلى أن ذلك كله لا يمنع استخدامه مستقبلًا كديكور يعطي "صبغة" شرعية على التحركات الجديدة لإطالة أمد السيسي في الحُكم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حرية التعبير في مصر.. خطوات نحو تشريع الانتهاكات وتقنين القمع!

هل يُمكن للمصرين استرداد جزيرتي تيران وصنافير؟